زنزانة الموت
علي الرغم من شدة الأعصاب من جميع القادة المختلفة أشكالهم من الحدة والخبث والذكاء والدهاء ولكنهم سعداء بهذا الصيد الثمين الذي أسروه بعد الحرب يتوسطهم كبيرهم في حنق جعل وجهه الأبيض كلون بركان ثائر , ران الصمت لحظات ليس أكثر ليقطعه هذا الرجل بوجه الثعلب ودهائه وابتسامته الخبيثة بكلماته التي تحمل ولو رمق ضعيف من الأمل لتنفيذ مخططهم قائلاً
" يبدو أنكم نسيتم صيدنا الثمين من تلك الحرب .. يا قادة !! "
جذبت تلك الكلمة أنظار الجميع , جعلتهم ينتفضوا من مجلسهم واقفين ويتساءلوا في صوت واحد ملهوف
" من هو ؟ "
وتوقف للحظات أخري كي يزيد من تعجبهم وجحظة عيونهم لما سمعوه لتوهم من هذا الثعلب الماكر ويكمل
" المنتصر في الحرب العالمية الثالثة ... حرب جبهتي الأرض ... بطل "
وابتسم من بعدها ابتسامة ظافرة خبيثة توحي بأن الكثير من الحقائق سوف ينجلي قريباً .. قريباً جداً .
* * *
الظلام لا يعطي فرصة للعين في أن تتبين وتعرف حدود ذلك المكان ولا حتي المتواجدين به , وفتحة التهوية البعيدة في الأعلي تدخل نوراً ميتاً لا يساعد علي التنفس أو الرؤية,فقط يؤكد أن الموت هو نزيل ذلك المكان .
وسرعان ما انفتح الباب الحديدي الثقيل وزنه والحارس يأن في قوة كي يحركه وهذا ميعاد الزائر القادم , واقتحم رجلان ضخمان الي المكان الذي تبين من بقعة الضوء الآتية من الخارج أنها زنزانة يأخذا هذا الجسد الهزيل الذي يفصل بينه وبين الموت مجرد ساعات علي الأرجح , حملوه من كتفيه مجروراً علي الأرض وهو غير واعِ لأي شئ من حوله والدم يتساقط علي وجهه كي يخفي كافة ملامحه , والطريق الشبه مظلم يزداد طولاً الي أن وصل الجميع الي غرفة العذاب .
علي كرسي أسود جلس بمساعدة سواعد الرجلان وهو لايقدر علي النظر من شدة الاضاءة خاصة بعد بقاءه في الظلام أكثر من يومين , أشار هذا الرجل الأبيض بأصابعه كي تنظفي الأضواء ويتبقي مافوق رأس هذا الجالس , وفي عظمة ساخرة قال وهو يقترب منه في خطوات متأنية ترتطم تحدث صوتاً يدوي داخل تلك الغرفة الواسعة قال
" يا لأقدار السماء المقدسة ... القائد والبطل هنا تحت نعلي ... "
وأطلق ضحكة ظافرة مفعمة بالغرور وتعلو وتهز المكان من قوتها ثم يتباطأ صوته وينظر الي الرجل وهو يستعيد قواه ويرفع رأسه في ابتسامة خبيثة ويقول بكل ثقة مثبتاً عينيه بيعينه قائلاً
" لن تعرف النعال ولا الأقدام من بعد أيها الجنرال ... أتعرف لماذا ؟ "
وران الصمت الي أن أشار هذا الثعلب بعينيه فأكمل (بطل) :
" لأني وجيشي الذي سحقك منذ أيام سوف يسحقك مرة أخري ... وحينها سوف أقطع قدميك "
وابتسم في صوت يثير النفس وما جعله في حالة حنق ويخرج مسدسه الأسود وانقض عليه مصوبه الي ذقنه في قوة ممسكاً رأس (بطل) بيسراه ويتحدث في أذنه اليمني قائلاً في همس غاضب
" أتعلم أني أستطيع أن أقتلك الآن ... وهذا سوف يحدث عاجلاً .. أو آجلاً .. ولكن أريد أن أعرف كيف اتحدتم جميعاً أيها العرب .. ؟؟ وكيف أصبحت أنت القائد أو كما يسمونك البطل يا بطل ؟! "
" هذا ما كنتم تخافوه لأنكم تعلموا أن اتحادنا يعني النهاية .. أيها الجنرال الميت .. "
وملئ المكان ضحكات مجلجلة تخفي غضبه فأسرع ينادي علي رجاله واقتحموا المكان وبإشارة من رأسه جذبوه الي حيث زنزانته وأوقفهم قبل أن يخرج قائلاً
" الي الاعتراف بالحقيقة يا بطل "
" احلم كما يروق لك .. يا جنرال "
* * *
جلس الثعلب علي كرسي وثير وضعه أحد رجاله كي يرتاح , ويراقب (بطل) وهو يتعذب ينهال عليه رجاله بسياطهم القوية كي تظهر أثر قوتها علي ظهره العاري من خلال تلك الجروح الدموية المؤلمة وهو يأن مع كل لطمة ويبتسم في وجه (بطل) ويساءله في سخرية وهو ينفخ دخانه سيجاره في وجهه
" تؤلم تلك السياط .. أليس كذلك ؟ "
اشتاظ غضباً من رده المستقز وأمر رجاله يفكوا وثاقه وألقوه من فوق كرسيه علي أرض زنزاته يجلس فيها وحيداً منذ أسره لا يقدر علي الحركة بعد كل هذا التعذيب وهو جالس وسط بركة من الدماء الحمراء الطازجة وتراكمت الصور أمام عينيه وغاب عن وعيه .. تماماً ...
* * *
تمت