رأيته مصادفة .. وقد سرني ما رأيت به من اتزان وإتقان في تعامله مع الآخرين أيقنت أنه صورة للرجل الذي يسكن ذاكرتي والذي يمثل النموذج الذي يسرني التعامل معه فهو واثق الخطى , دقيق النظر, سريع الاستنتاج.، إنها مقومات رجل أعمالٍ ناجح و أبحرت في أفكاري بعيداً أحاول الوصول إلى رؤية تقديرية لمدى نجاح العمل بيننا مستقبلاً وكان تفاؤلي كبيراً جداً لأني أتعامل مع رجل يدرك موقع عمله جيداً ويتمتع بفن رائع في التعامل مع الآخرين.
قدرت أني قد كسبت صديقاً جديدا في دفتر الأصدقاء الذي بات خالياً من أي صديق.
حضرت صباح يوم متفائل إلى موقع العمل الذي هو عبارة عن مكتب ومجموعة ملفات ووثائق ومراسلات وعقود وزبائن يزورونا بين الحين والآخر , كان يتحدث مع زوجته بالهاتف وما أثار دهشتي ألفاظه المستهترة .. ثارت في قرارة نفسي عدة تساؤلات أهمها ... لماذا هو على درجة عالية من الرقي بتعامله معي ومع غيري ممن تفترض عليه ظروف عمله التعامل معهم .... والأجدر به أن يكون كذلك مع زوجته ؟ كيف يتعامل بأسلوبين متناقضين؟.
لقد دارت الأفكار المتنافرة في رأسي بصمت .. وتوصلت إلى نتيجة واحدة وهي أن ذلك لا يمنع من متابعة العمل مع هذا المدير ، ربما أني شديدة الحساسية وهذا الطبع يكون سلبياً في مثل هذا الموقع .. لكني ما اعتدت التعامل مع أناس يحملون شخصيتين ، ومعظم الناس في هذه الأيام يحمل مجموعات متناقضة من الشخصيات تتقنع بها حسب الظروف 0
في اليوم التالي تأخر عن موعده وكنا ننتظر وفداً من دولة عربية لنناقش معهم أموراً اقتصادية
لقد تأخر ربع ساعة رغم دقته في المواعيد ، مما دفعني للبحث في دليل الهاتف على رقم هاتف المنزل..
• مرحباً عزيزتي ، هل الأستاذ موجود؟
• أجل موجود من يسأل عنه؟
• أنا ... مسؤولة الشؤون القانونية ، لا بد من حضوره بسرعة ، لديه موعد مهم .
• إنه نائم .. ولن أقطع عليه هدوء نومه..
• عفواً..! لا بد أن يحضر .. إن الوفد سوف يسافر خلال نصف ساعة.
أجابت زوجة المدير :
هذا ليس من شأنك وأنهت المكالمة بشكل يخلو من اللباقة وأدب الحديث.
بادرت مسرعة أبرر ذلك للضيوف بحجة أن الأستاذ متوعك صحياً لا يستطيع مفارقة فراشه ، تأجل الموعد مما عاد بالضرر على المؤسسة , تذكرت ُكيف كان حديثها على الهاتف بشكل غير لائق ،وأيقنت بأني كنت متسرعة في حكمي على الآخرين ، والذي يهم هو نجاح العمل سواء أغضبت زوجة المدير أم لم تغضب 0