عذراً..لست أنت

عذرا ..لست أنت

سيارة انيقة تمر عبر بوابات مطار القاهرة تجذب اليها الانظار ، يجلس بداخلها متجولا ببصره حول الأجواء المحيطة يتنهد ( خمسة عشر عاما متواصلة بعيداً عن هذه الأرض .. وها أنا ذا عدت اليك بحنين لا يوصف .. ) مكان واحد فقط ينتظر المرور عليه منذ هبوط الطائرة الى ارض الوطن .. ذلك المكان الذي قرر عنده ان يسافر بعيدا بعد تخرجه مباشرة وتمر اللحظات بطيئة جدا .. تضاعف الإحساس بالإختناق .. اختناق اشارات المرور والزحام من جهة ،واختناق انتظار رؤية ذلك المكان ولو من على بعد من جهة أخرى ، وأخيرا ظهرت البناية ، تتحرك السيارة ببطء شديد.. يتسارع مع الوقت ، يمر من امام مبنى الجامعة ، يطل برأسه من زجاج النافذة وقد تسمرت عيناه ، يجلس بجانبه أخيه وقد لاحظ عليه ذلك الإنتباه الذي تملكه بينما يقود السيارة ( اراك لازلت تحمل تلك الذكرى ..الم تفارق خيالك حتى وانت فى الغربة ؟!!!)لم يجبه ،

يغمض عينيه متذكر تلك السنوات التى مضت ها هو يتذكر أول لقاء له معها .تلك الزميله الجميله هادئة الطباع، وجد فيها الفتاة المهذبة الرقيقة ولكنها ليست كالفتيات الأخريات الاتى اعتاد التعرف عليهن . اعتقدت فى بادىء الأمر انه شاب مهذب محصن بالأدب والقيم والأخلاق . كان ذلك هو الإنطباع الأول بالنسبة لها .أما هو فقد أدرك تماما أن الجامعه مليئة بالفتيات الجميلات وعليه ان يتعرف على كل واحدة من هن حتى يجد سببا من وجهة نظره لبقائه داخل الجامعه .ظل يتذكر فى أسى كم كانت رقيقة المشاعر والى أى مدى يتملكها الخجل والأنطواء وقد بدا عليها التدين والتحشم الذى وجده نادرا فى هذا المكان .قرر فى تلك اللحظة ان يجرب ذلك النوع من الفتيات وأخذ يتقرب اليها ولكنها كانت دائما تتشبث بالأخلاق والدين .وبذلك اكتفى بعلاقة الزمالة بينهما ..احب تلك العلاقة واخذ الإعجاب يزداد بها كلما تحدث معها فى تلك الأمور المتعلقة بالدراسة فهو لا يملك الا الحديث معها فى تلك الأمور . تذكر العام التالى له فى الدراسه وقد كون فكرته عنها تماما فعلى الرغم من اجتماعهم البسيط الا انه شعر بأنها تكن له مشاعر خاصة أخذ يراقبها بنظراته ليتأكد ان كانت تكن له تلك المشاعر أم لا !وأخيرا تأكد من ذلك ،استطاع ان يقرأ فى عينيها مدى الإعجاب الذى شعرت به تجاهه .حقا كم تمنت تلك الفتاة ان يكون ذلك الشاب يكن لها نفس المشاعر الجميلة التى شعرت بها من اول لقاء وكم تمنت ان يأتى اليها معبرا عن اعجابه متمنيا الإرتباط بها .جلس يتذكر كم كانت مجتهدة فى دراستها الجامعيه وشهرتها بين باقى الزملاء بالتفوق والأحترام ،وكم كان هو مستهتر ويكتفى بأدنى التقديرات ،لم تعبأ بذلك وأحست أنه يود التقرب اليها لأنها فتاة متميزة ولكنه لم يستطع.. لذا فقد قرر ان يمارس حياته العاديه فهى لن تستطيع ان تجاريه ،هو غير مستعد لأى ارتباط لذلك قرر أن يتعرف على أول فتاة يقابلها ليقضى معها الأوقات داخل الجامعة كباقى الشباب ولم يستغرق بحثه وقتا طويلا .فقد تعرف سريعا على فتاة فى نفس الكليه ، يتذكر فى اسى كم كان يقضى معها الأوقات والفرق الكبير الذى وجده بين الأثنتين، ارتسمت على ملامحه ابتسامة عندما اتى فى ذهنه ذلك اليوم عندما مرت من أمامه تلك الفتاة المهذبة ومعها صديقاتها ملقيه اليه نظرة دهشة وتعجب عندما راته مع تلك الفتاة ،فى تلك اللحظة وعندما رأى فى عينيها الغضب والحيرة رأت هى فى عينيه ابتسامه رقيقه تكاد تكون معدومه لم يرها احد غيرها .غادرت المكان سريعا واحست وكأنها لم تعرفه من قبل ذلك اليوم وأخذت تقنع نفسها بأن العلاقة التى بينه وبين تلك الفتاة مجرد علاقة زماله ولكن ذلك الإحساس لم يدم طويلا .فهى تراهم كل يوم معا داخل المحاضرة وخارجها .هو أدرك ذلك لكنه كان معجبا بنفسه وكان يتفاخر كلما وجد فى عينيها الارتباك لحظة رؤيتهما معا .كان على يقين أنها له ولن تكون لأحد غيره أطمئن قلبه وقرر أن تكون تلك الفتاة هى زوجة المستقبل ولكن عليه أن يعيش حياته ..أخذ اعجابه بها يزداد بمرور سنوات الدراسة .فهى لم تتغير ولم تغيرها بيئة الجامعة ولم تغيرها أيضا مشاعرها تجاهه .أما هى فكانت مع مرور الأيام يزداد احتقارها له وتغيرت تلك الملامح الجميلة التى رأتها فيه منذ البداية ،شعرت بالإهانه لأنها كانت مدركة تماما انه يعلم بتلك المشاعر التى بداخلها وعلى الرغم من ذلك تجده دوما فى قمة الإستهتار والامبالاه لذا قررت الا تفكر فيه ثانية .فليس مثل هذا الشاب يناسبها وأخلاقها ويجب أن يكون تفكيرها خاليا من اى عواطف زائفة .تذكر ذلك العام الدراسى الأخير وبعد علاقات متعددة .عندما أراد ان ينهى تلك العلاقات ويذهب اليها طالبا منها ان تكون شريكة حياته المقبلة وكان على يقين من انها سوف تسعد بذلك وتقبل العرض ،لكنه فوجىء بكلماتها التى سقطت عليه كالصاعقة عندما أخبرته( اعتذر.. لن استطيع قبول طلبك ) .القى ببصره اليها وفى عينيه نظرة تملؤها الدهشة والحيرة واخذ يخبرها بأنه يتمنى ان تكون هى زوجة المستقبل ولم يتردد فى ان يسألها (ألست انا من تريدين ؟! )عندها ارتسمت على وجهها ابتسامة أسف لتخبره بثقة (عذراً..لست أنت ).
ينتبه إلى يد أخيه وهي تربت على كتفه ( أين ذهبت ؟ ) يجيبه وهو يمسح على وجهه متنهدا بإبتسامة تحمل خيبة الأمل ( عذرا .. لست أنت ) ..


فازت هذه القصة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية فى مسابقة القصة القصيرة لشباب الجامعات عام 2000

الأستاذة المبدعة شاهيناز موضوعك جميل جدا و أنا أتسأل لماذا إختصرتي لنا الاحداث هكذا في تصلح فكرة رواية جميلة ينقصها فقط فنيات الرواية تقبلي سيدتي مروري و تحياتي و شرفت بحجز مقعدي الأول

الأخ الفاضل / شريف العجوز
دائما يسعدنى مرورك وقراءتك الجيدة للنص الأدبي
هي بالفعل تصلح لأن تكون رواية طويلة ولكننى فى هذه الفترة كنت قد كتبتها لتناسب القصة القصيرة وتتهيأ للدخول الى المسابقة .. والحمد لله
جزيل شكرى لك وخالص التحية لمداخلتك البنائة

ممدوح عزت موسي كتب:

الاستاذه والابنه شاهيناز فواز
تحياتي
دائما صديقي شريف يكون له السبق وهذا يسعدني جدا.
قصتك عذرا...لست انت رائعه وتملكين ادوات القصه بين يديك وعقلك ومفردات لغتك سليمه...وانتي كده دخلتي في منافسه قويه مع صديقي شريف حيث انه هو الاخر في المسابقه
وانتما الاثنين من كتاب القصه البارعين
تحياتي...[color=darkred]ممدوح عزت موسي[/color]

أستاذى الفاضل / ممدوح عزت
اشكر لك رأيك الجميل الذى أقدره
وبتمنى التوفيق لنا جميعا.. دعواتك طبعا استاذى
تحيتى الخالصة لك وتقديري

الشاعرة عزة الزرقانى كتب:

الرائعه جدا جدا

شهيناز فواز

قصه رائعه وسردك للأحداث مشوق جدا

وعذرا لست أنا وحدى

اللى بقول أن قصيدتك رائعه

الكل بيجمع على جمال روعتها

دمتِ بكل خير وحب

الأخت الشاعرة الجميلة / عزة الزرقاني
دائما متألقة الحضور برقة مداخلتك
كل الشكر لك حبيبتى وتمنياتي لك بكل الخير والسعادة