قصة بعنوان دموع الملائكة

دموع الملائكة



كنت أبحث عن مبدأ للزلزلة يجتثّ جميع الغابات الخريفية الكامنة في أعماقي.. كرهتُ احتضار الذكريات.. وحنيني ينمو ويتكاثر.. ووحدتي تطول...
ألحّ على أمنيات.. أستنهضها لعلّي أختزن منها بعضاً من سعادةٍ هاربة لكنّها لا تنهض .. إنّما ينهض الهمّ المقطّر وينقر مسامعي نقر طائر يتقن حفر الخشب ويخترق بمنقاره الحادّ الطويل جذوع الأشجار.. يزرع فيها آلامه ويمضي.
كنتُ أجلس قرب النافذة أراقب الطيور المهاجرة.. والعصافير اللائبة الحركات تنشد أعشاشها خائفة من رياح تشرين الباردة.. أصطحب وحدتي الغارقة في صمتٍ يتّسع ويتّسع.. أرتشف كأس الشاي ... أتابع تطاير بخاره وانتشاره في أجواء غرفتي فيسربلني دفء عارم ...
وبينما أنا هكذا .. سمعتُ صوت بكاء طفل ينبعث من دار جارنا المنقوع بحزنه وغمّه تأسّياً على زوجه المريضة.
زاد الصـــوت ارتفاعاً.. اخترق جدران غرفتي.. بل جدران قلبي ، اتّجهتُ نحو الباب.. قرعتُهُ عدّة مرّات...
فتح أبو محمود الباب .. وانكشف وجه غائر الخدّين.. مطرقاً في الأرض كأنّما ينتظر شيئاً سوف ينبثق منها..
دفعتُ الباب على مصراعيه ، ودخلت متسائلة :
-ما الأمر ؟
نظرتُ إلى عينيه المحمرّتين كجمرتين متوهّجتين.. حضن وجهه براحتيه ، وأجهش في البكاء.. فزاد على بكاء ابنه بكاءً..
-لقد ماتت !
أسرعتُ نحو غرفتها.. كانت مستسلمة لنوم عميق.. والطفل متشبّث بأزرار قميصها.. يهزّها.. يوقظها.. يطلب منها أن تصنع له الطعام... ودموعه تغسل وجه أمّه الهادئ الملامح ، فتتورّد وجنتاها.. وتزدهر شفتاها.. لكنّها لا تنهض...
الأمّ صامتة.. الأب غارق في بحر أحزانه.. الطفل ما زال يخاطبها : هل أنتِ غاضبة ؟ لقد كنتِ تحبّينني أكثر من الآن.. لأنّكِ كنتِ تنهضين بسرعة لإطعامي !!!
الأمّ توشك أن تنهض.. دموع الطفل تتابع غسيل وجنتيها المتورّدتين.. لكنّها صامتة.. وهو لا يدرك عمق الصمت.. لا يدرك معنى الموت...
إنّها تكاد تبتسم رغم سفرها إلى عالم آخر !...
حاولتُ إقناع الطفل الملحاح :
-لديّ طعام لذيذ .. تعال معي...
لكنّه يرفض.. يهزّ أمّه.. يستنهضها فلا تنهض.. يرمي بجسمه الناحل فوقها ويغرق في البكاء.
نفد دمع الأب وجحظت عيناه..
وبكاء الطفل عنيف وعميق .. كنداء الزمن.. كاحتضار الأمنيات...
أدركتُ أنّي لم أكن حزينة.. وأنّ الغابات الخريفية القابعة في أعماق كآبتي أرحم من حزن جاري وابنه...
انتابتني شهوة عارمة للبكاء..
لكنّني بحثتُ عن دمعة فما وجدتُها..
قضيتُ الليلة طيّ وحدتي .. وصوت الطفل الحزين ما بزال يستنهض أمّه الصامتة أبداً...
عبثتُ بجهاز التحكّم أقلّب التلفاز لعلّي أنشغل عن هذا الحزن العميق..
كانت أصوات كثيرة تبكي تستنهض أناساً آخرين نائمين في أماكن كثيرة من هذا العالم الكئيب.. لكن لم ينهض أحد !!!

ياه ه ه ه ه ه سيدتي أنا أعجز عن وصف جمال و روعة و حبقة و سرد و تشبهات و صور قصتك الغاية في الروعة و أنا دائما أنتظر إبداعاتك القصصية و أتعلم منها تملكتني من أول كلمة إلي أخر كلمة وصور ذهني مشاهدها فيلما تجري أحداثه أمام عيني و فعلا كما يقول المثل في مصر " اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته " سيدتي أبدعتي حقا و تستحق قصتك التقدير صدقا أسجل إعجابي الشديد بها تقبلي سيدتي مروري و تحياتي
يشرفني أن أري رأيك في قصصي
http//www.Kotab.Y-writers.Com
يسعدني المشاركة في هذا الرابط
sherif_elagoz@yahoo
ebn_balad_magd3@hotmail
يسعدني الأضافة

أستاذنا ممدوح عزت موسي
حقاَ الحياة مسرح درامي ، ورسالة الأدب تكمن في تجسيد هذا الواقع في نصوص أدبية
أشكر مداخلتكم .

أخي الأستاذ شريف العجوز

أشكرك وإن ما لديك من إبداع يجعانا نفخر بك