يذكرنى الشاعر / عاطف الجندى بأمل دنقل وهو يكتب قصائد المرض والموت وهو شاعر يضع للموت ألف وجه ووجه فتراه يعيد رتق شراع أحزانه لتتجدد ديمومة الحزن عن توأم روحه الذى يراه ينسل من بين أصابعه وأمامه وهو واقف لا يستطيع أن يفعل شيئاً سوف الحزن والدموع ورؤية الأمصال والدواء الذى لا يجد مع الموت الذى يجتث الأشجار والنخيل والرموز فلا يبق بين حبيب وحبيب ولا صاحب ولا أخ :
الموت آخر علة يعتلها البدن العليل
انه الموت الذى يؤسس له منهجية وتاريخاً حيث لا منهجية ولا تاريخ فهو يأت دون موعد ودون أن يشاور أحداً ، يقول :
يا موتُ دعْ ( محمودَ ) أو خذني أنا
فأنا مريضٌّ بالهوى ,
( وعُهودُ ) بانتْ ,
لم يعدْ لي في الوجودِ
سوى القلقْ
وأنا المُعنَّى بالهمومِ
وبالشقاءِ , ولم أفقْ
من ضربِ سوطِك
في الصباحِ وفي المساءِ ..
انه الموت حيث لا خيار ولا اختيار ولا استبدال لحبيب مكان محب ولا أخاً ولا صديقا لذا نراه يريد أن يفتديه ليمت بدلاً منه ويأبى الموت هذه المقايضة الأخوية فيترك الشاعر فى أحزانه وبين دموعه وبين قلق الحياة المعنوى والقلق المادى للموت ذاته فهو هنا مصعوق بسياط الموت فى كل آن فى الصباح والمساء وهى ديمومة للحزن والفقد أراه يحكم قبضه على جذوتها ولعل التجربة المعاشة قد أكسبته فطرية ومصداقية أكثر ، كما ان فقد الأخ والأب والأم ما بعده فقد وهو هنا يؤسس مرجعية للحزن ليسلى عن نفسه ويتصبر بالحزن كيما يعيش.
لقد نجح الشاعر فى سيمفونيته الشجية ليعزف لنا على قيثارة الموت بعض المقطوعات ليذكرنا بالموت والخلود وبأن الحياة أضداد وهى بتناقضاتها كما جاءت النهاية تحتاج منا الى وقفة وتأمل.
أهلا بعاطف الجندى شاعراً وعلماً من اعلام شعراء مصر الذين أحبهم وأحب أن أقرأ له واستمع الى أشعاره الرائعة
حاتم عبدالهادى السيد
رئيس رابطة الأدباء العرب
ناقد 0119629883
hatem_20083@yahoo.com