نوارس البحيرة الوادعه

نوارس البحيرة الوادعة

انهض، لقد دخل الغرباء دارنا،و قطفوا ثمار حقلنا 0انهض لقد توسد الغرباء أرائكنا،و تصدروامجالسنا0 انهض ، مازال الغرباء يهدمون أحلامنا و دورنا .
عاد إليَّ صوتي هزيلاً ، والصمت يدثر الروابي ، كانت الوديان تنأى عن الصدى لكن خطواته غائصةٌ في تراب الحاكورة التي كانت في يومٍ ليس بعيد مسرحاً لأفراحه ، ومرتعاً لأحلامه الفتية ،و في أعماق نفسه فيض أمنيات موؤدة باح بها لأشجار الحقل الذي يزنر داره كما يزنر الربيع بلدته فيق بأجمل الألوان 0
جعلت أركض نحو آثار أقدامه التي ما زالت غائصة في تراب الحقل أبثها حزني ، أناشدها ، انهض استباح الغرباء بيادرنا وحصدوا قمحنا 0
ذرات التراب العالقة على معوله تعبق برائحة كفيه المتعبتين ، والنسائم الرطبة تحمل عبق البحيرة الوادعة و تردد أهزوجته القديمة التي تترنم بحب الوطن 0
أيها الحاضر الغائب انهض ، مزق الغرباء عباءات الفرح وداسوا أجساد أطفالنا ،حتى سال صديد الجراح يغرق الروابي0
دنت أغصان شجرة التوت تواسي ندائي، فأيقنت أن اليأس نال من رجاحة عقلي فكيف ينهض من مرت عليه سنين وهو راقدا في لحده، لكن الظلام خيم على سمائنا وباتت طرقنا ملونة بالوحل الأحمر ومزق الأشلاء، ماذا أقول ؟
لقد أصبح وأمسى وبات ، المصاب كبير، لكن ذاكرتي تراودني ، كأن بيني وبينها ثأراً قديماً ، توسلت إليها مراراً أن لا تهزي مهد الذكريات كي تظل غافية، لكنها تفتح نوافذ الحسرة وهي توقظ نوارس بحيرة طبريا في ذاكرتي ،فتئن الضلوع مشوقة ويستيقظ الحزن المقيم 0
طبرية الهادئة الحالمة ما أروعك وأنت بين أحضان فيق، أخبريني عن البوح الذي وشت به عنك عصافير الحقول في يومٍ ربيعي غابر، وماذا عن ا لغزل القديم مع فيق ، التي ما انفكت تعانق كتفيك بحنان أسطوري 0
آه من حنين يكبل الضلوع ، انهض جدي :
أسر الغرباء بحيرة طبرية ، عامت مراكبهم فيها كبلتها بالأغلال سورتها بالألغام ،هاجرت نوارسها وصمتت طيور الماء عن الغناء ، لقد رحل الفرح بعيداً وانتحب الشاطئي وبكى القمر
أطلقت عنان البصر بعيداً لعلي أرى ملامح أطياف المكان ،لاحت لي جياد حطين وهي تقرع بحوافرها طبول النصر، أتعود جياد حطين للصهيل أم مات كل شيء جميل ؟!
اصمتي يا ذاكرتي الشقية أرهقني تمردك ، ستظل تلك البحيرة الوادعة حلمي الجميل 0 ولن تكف سهول طبرية عن ثورة الأقحوان ، وسوف تنتفض من بين شقوق هذه الصخور أشلاء شهدائنا حراباً و أشواكاً في وجه القادمين من عالم الشر 0
هكذا ا قالت لي شجرة التوت، تلك التي كان لنافيها أعشاشاً تشبه أعشاش العصافير ، وأراجيح عبثت فيها الرياح ، في القلب لك حسرات وأنات أيتها الشجرة الصامدة ، أراك وقد أصبحت عجوزاً عارية الأغصان،من هول ما رأيت من جرائم ومجازر وما زلت تقاومين الانكسار، أيتها العجوز شاخت ملامحك ، ولم يزل جزعك قوياً يقاوم الاحتلال 0
اهتزت الشجرة العجوز مصفقة بأغصانها كما يصفق الطير بجناحيه محلقاً ناشداً عباب السماء ورأيت منها العجب ، امرأة جميلة يدثرها رداء ابيض ، بدت سومرية القد فينيقية الهوى تدمرية الإرادة و الملامح بابلية العينين ، ربتت كتفي بحنان بكلتا يديها مواسية :
دعي جدك راقداً تحت أغصان الشجرة ، لا تجزعي لن تعجز أرحام النساء عن ولادة الشجعان ، وتذكري أن في رحم كل امرأة طفل قادم يشبه جدك ، وعلى صدر كل امرأة طفل
يرضع من حليب جدتك ،كل اللذين قتلوا سيولدون من جديد ،
من جديد،لا تحزني ودعي جدك راقداً قرير العينين تحت ظلال شجرة التوت0
أيتها القادمة من عالم جميل :
لقد أوقدت نيران الذاكرة ونوارس البحيرة ترفرف بروحي بيضاء الأجنحة والأماني ، أما كلماتك المضيئة فقد ملأت روحي همةً وعزيمة، فرأيت جدتي تخبز وتصنع لنا الزلابية كعادتها، بينما كجدي يحرث الحقل غمرتني أطياف أهلي وأحبتي اللذين غادروا منذ زمن بعيد ، أيتها النابتة من أديم الأرض ليتك تظلي قربي تؤنسي غربتي وتحكي لي حكاية النوارس المهاجرة 0
هرعت نحوها كي أشكر قدومها ، لكنها كحلم جميل يرحل مسرعاً يستكثر على الحالم الفرح ، اختفت وصفقت أغصان شجرة التوت كالطير الذي ينشد عباب السماء ، لعلها غابت في جذور شجرة التوت ،وربما ذابت بين ذرات التراب العالق على معول جدي.لكن المكان ظل عبقا برائحة خبز جدتي 0
عذلت ذاكرتي التي أرهقتني وقصدت التلفاز لأشاهد آخر الأخبار ، في العراق هجوم وحشي على الإنسانية ، في فلسطين انسحاق للحرية ، في الجولان مداولات عقيمة ولما انتهت الأخبار كنت قد فرغت من جدل حبالاًو ضفائراً قوية المراس سيحتاجها يوماً رجالاً نبتوا من جذور أشجار فلسطين وشربوا من ماء طبرية إخوة هم و يتدربون على حماية الوطن0
المحامية عفاف الرشيد

الغالية / الجولانية
تحية ود وتقدير لعملك الرائع وأسلوبك المتألق الراقى فى سردية شيقة
وأظن أنك أخطأت حين توجهت بها ألى واحة النثر ولو انها لا تخلو من الشاعرية ولا أظن أننى أستطيع أن أدرجها تحت مسمى الكتابة غير النوعية
فهل من مناقش !

سعدت في انضمامي إلى واحتكم الرائعة وأشكر الأديب الأخ عاطف الجندي على ترحيبه بنا وأغبطه على هذا العمل الأدبي الجليل من خلال منتداه وأقول له بلغة قانونية أدبية ( لطفاً نلتمس من واحتكم الغناء ركناً دائماً نلوذ به كلما راودنا الحنين إلى نوارس البحيرة الوادعة ) فهل تطيقون بنا صبرا حتى نسترد البحيرة السليبة ؟؟!!

الأخ الأديب محمد الزينو السلوم
أشكر تعليقك الأدبي على النص وأنت خير من يذكر البحيرة التي ما زالت تنتظر النوارس المهاجرة
انت الصوت الذي كان رجع صداه ينطلق من هناك ويعود إليه
وكم جادت سلال الذاكرة من ذكريات تلوح البحيرة بين ثناياها وتغيب لكنها مقيمة في أعماق الروح لن تغيب أجل سنعود يوماً سواء كان قريباً أم بعيد
لك كل التقدير لإبداعاتك الأدبية المنثورة في ضمير حلب الشهباء

الأخ المبدع عادل حسنين رزق
الشعر شلال عارم من الموسيقا التي تتخلله عبر النغم والقافية والتفعيلة وإني أعشق الشعر كعشقي للنور والضياء لكن النثر سباني منذ وعيت الدنيا وتعلمت الكتابة , وبت رهينة إرادته التي أطيعها راضية مرضية ولأن النثر سكن وجداني بكل ألوانه الأدبية من قصة وخاطرة ومقالة وما شئت من ألوانٍ وأصناف لكن القضية كانت محلولة !! لأني تناولت النثر بلغة شعرية وكانت تجربتي في الشعرفقط من خلال قصيدة النثر لذا يا صديقي إني أعد نفسي ناثرة بلغة شعرية ولست شاعرة وإن كتبت شعراً ..
أشكر تعليقك والموضوع للمناقشة

موعد مع الفجر


من أفق النور و السنابل
من عمق الرماد
و غسق الأحلام
أتيت
فانطلقت أشعة مخزونة
من تلاويح الوداع
وانسكبت في المآقي
أناشيد حزينة
* * *
كان تمثالاً نحتته الأقدار
حنطت جذوته الهزائم
أذعن لرتابة القيد
كان أوله الرحيل
وكان آخره العويل
لكن الأفق مفعم بالريح
فلا تقل فات الأوان
* * *
على حدود البوح
تأتيك الرسالة
تصبح المساحات قيوداً
و البيوت اعترافات صامتة
لكن رمقا من جذوة المجد المقهور
باق لا يساوم
لا تقل نام الزمان
* * *
تتجلى في القلب نبضة
في الدرب زهرة
أسطورة الزمن العتيق
وعدٌ يدق عليك الأفق
لتنسى زمن البؤس
و الرحيل
من رتابة القيد
ومن البوح المخزون
والاعترافات الصامتة
اسكب مداد الروح
لرحلة الفجر
لقد أشرعت ُ
نوافذ ي للمدى

* * *

هناك في الجنوب
المشهد الساحر
يزرع الألم مجداً
يكتب الكلمة عهداًُ
شهيد لا يساوم
لا يعطيك البداية
وفي دروب منحدرة
تتغير الرؤية
و على الضفة الأخرى
تباشير حكاية
شهيد يتأبط حزناً
وهو يحمل الراية
* * *
رتق أحزان الأمس
تنهض الأمنيات الغافية
حاكيا محزونة
وتندلع الإرادة
أقحواناً
جولاني الحنين
على حدود البوح
تراودك الرسالة
أنت في موعد
مع الفجر
عفاف الرشبد

الاخت الشاعرة / الجولانية
أولا دعينى أهنئك على هذة التحفة الفنية الرائعة
فهذة حقا قصيدة النثر
كيف من يكتب هذا يصدر حكما قاطعا ويختزل الشعر فى الموسيقى والقافية والتفعيلة
الشعر يا صاحبة دربى أعمق من هذا
الشعر ما أشعرك
أوليس ( موعد مع الفجر) شعرا
ولمناقشة هذا الموضوع وقت آخر
المهم
يا أستاذ / محمد أرجوك هذا النص هو أحق أن يثبت

أعمالك رائعة أختنا المباركة
و نص فائق الروعة و الجمال الآخاذ
تحية الى الجولان و سوريا الشقيقة

الأخت والأستاذة بنت النيل
لك تقديري واحترامي وجزيل الشكر لمرورك الكريم
أن نص نوارس البحيرة الوادعة هو قصة قصيرة تحكي عن مرارة النزوح وعن صمود الإرادة العربية
تناولتها باسلوب حداثي ولجأت للترميز
لكن يا صديقتي أرسلتها إلى هذا الركن خطأ وكان يجب أن أرسلها لمنتدى القصة فهل لك مساعدتي لتدارك الموضوع ؟؟؟؟
أرجو ذلك لأن هذا الخطأ ينال من الترتيب النوعي للنص فهو ليس شعراَ ولا خاطرة فيجب أن يدرج في منتدى القصة الفصيرة أعتذر عن ذلك وأرجو المساعدة
تقبلي تحيات الجولانية