انتقام أفعى

بالنارِ أمحو رسوماً من بقاياكِ ... دُقَّتْ بجلدي وشوماً من خطاياكِ
فالنارُ أرحمُ من ذكرى تُمَزِّقُني ... والأسرُ أرحبُ من وأدي بلقياكِ
فإن تَمَزَّقَ جلدي ليس يؤلمني ... وإن تشقَّقَ ظلِّي لستُ بالباكي
فقلبُ قابيلَ أتقى في جنايته ... ووجهُ إبليسَ أنقى من مُحَيَّاكِ

يا لفحةً بجحيم الشر تصفعني ... فكيف كانت حنايا القلبِ ترعاكِ
ولثمةً بحميم السُّم أجرعها ... كانت بثغري رحيقاً من ثناياكِ
وخدعةً ببريق الزيف قد ومضت ... مضت لتبقي جرحا من شظاياكِ

مازلتُ أحمل آثامي على كتفي ... وأدفعُ العمرَ نزفاً خلف ذكراكِ
فما استرحتُ وما كفَّرْتُ عن سفهي ... يومَ اصطفيتكِ نجما بين أفلاكي
من قام يستر قبحاً في طهارته ... كمن سيُلْبِس مسخاً ثوبَ نُسَّاكِ

أسعى إلى العفو لكن كيف أدركه ... وذا وليدي أسيرٌ في زواياكِ
فإن نزعتُ بإصرارٍ أمزِّقه ... وإن تركتُ فجرحي غائرٌ باكِ
تستصرخُ الشعرَ في نبضي ملامحُه ... وتنكأ الجرحَ مُرَّاً من سجاياكِ
فكلما هممتُ بترياقٍ لأجرعَه ... أصحو على صوته يدمي كأشواكِ
يشكو إليَّ سموماً منك تصبُغُه ... فلا يرى غيرَ شرٍّ في مراياكِ

فكيفَ يُنبِتُ برَّاً وهو مرتَهَنٌ ... وحوله كلُّ إفكٍ زانَ مأواكِ
وكيف يُدركُ كم بالله أعشقُه ... وكم أُلَثِّمُ خديه بإدراكي

لو كنتُ أعلم أنِّي سوف أحرقه ... بنار شرِّكِ ما خصَّبتُ مرعاكِ
أو كنتُ أدركُ أنِّي سوف أفقده ... في سجن حِضنكِ ما لبَّيتُ نجواكِ
وما فتحتُ كتابَ الحبِّ أقرؤه ... وما غرستُ جبيني في مُصلاَّكِ

هذا دعائي صدى الآلام يرفعه ... إلى السماء بصمت العاجزِ الشاكي
إما هدىً ويزولُ الأسرُ عن كبدي ... أما الحرائق ترعى في حشاياكِ
إن مُتِّ أحصد وليدي منكِ في فرحٍ ... وأحمد اللهَ إذ يمحو مُسمَّاكِ

يا غُصَّةَ الحلقِ! هل في الخلقِ من مَلَكٍ ... يئنُّ في مسمعيكِ " النارُ مثواكِ "