بلا عينيك لن أبحر والشاعر عاطف الجندي..!

بلا عينيك لن أبحر/
والشاعر المصري عاطف الجندي ..!
بقلم : مجمد الزينو السلوم
--------------------------------------
"بلا عينيك لن أبحر " مجموعة شعرية* للشاعر المصري " عاطف الجندي "*: في الإهداء يقول : " أقدّم دمعتي بحراً/أقدّم بسمتي شعراً/فلا تتعجّبوا أبداً/إذا جاءت بحور الشعر تكتبني/على أمواجها شعراً .." ، وإذا ما ركبنا متن المجموعة ومخرنا قصائدها نجد أنفسنا محلقين في فضاءات الشاعر، وبوحه الجميل ، ولغته العذبة ، وجملته الشعرية الشفافة ، يحلق بنا في الخاص والعام ، ويأخذنا إلى واحاته الخصبة ، المليئة بالأحلام الوردية ، الممزوجة بدموع الألم ورائحة الحزن .. يبدأ الديوان بقصيدة " للجرح رائحة الوطن " يسأل الوطن مراراً " إلى متى يبقى بيني وبينك حائط ..؟ والقصيدة من إيقاع التفعيلة وتتألف من عدة مقاطع ، يتكئ فيها الشاعر على القافية( السجون – العيون – أكون – الجنون – المنون ..إلخ) ، حاله حال أكثر الشعراء الذين يكتبون القصيدة العمودية ، وهي تتكرر في جميع المقاطع ، يقول في آخر مقاطعها:"قل آه يا قلبي المحطم / عند باب حبيبتي / هل أن للبعد التئام الجرح أو ../هل يسكن الفرح العيون..؟" ، تخرج آهه ومواويله الحزينة من تلك المرافئ ، وينبلج زهره وغصون قلبه ، يسعى هو والوطن والحلم لاختراق الحصار ، لكن يجد الموت مرابض عند بابه فلا يدري ما يفعل ..!ونتجاوز بعض القصائد ( سمراء – مناجاة – قصيدتان للشعر والحب – سألقاك – لست موسى – اعتراف ) ونقف عند قصيدة إلا ابنتي والتي يقول فيها:
إني رأيتك تلـدغين صغـيرت يا ويح قلبي من أليم الدغدغةْ
أو ليس عندك طفلة تخشى بأن تلقى مصير اللدغ مثل بنيتي؟
ولا بد من الوقوف عند عنوان الديوان الذي جسّده الشاعر في قصيدة "بلا عينيك لن أبحر"(ص51) يبدأها بقوله:
\حبيبي هل رأى طفلاً لها بالأمس بالســــــكرْ
وأشعل في الهوى ناراً وعانــق قطعة المرمر
ويذكّر الشاعر كيف كان يلهو ويمسك شعرها الأشقر ، ويجري خلف هرّتها ، فتبكي ويغرقه دمعها في شذى الأبحر ، ويعترف لها بضعفه ومع ذلك فهو عاشق لهذا الضعف :
فإني عاشـق ضعفي بلا عينيك لن أبحرْ
ويستمر الشاعر في رحلته فيشبهها بالعصفور الذي ينساق نحو القمح والبيدر ( وتوظيف الشاعر للعصفور جاء في أكثر من قصيدة ومقطع ، كما أنه كثيراً ما يرسم صوره الشعرية من الطبيعة ) ، وهكذا يبوح لنا الشاعر بمكنونات قلبه وروحه ويرسم لنا أجمل اللوحات الفنية الممزوجة بدمه ..
نتجاوز بعض قصائد الديوان من حيث القراءة النقدية ( انتظار – إلى مدمن – إليك يا أبتي – هذا أنا – شاعر ) لأقف عند قصيدة " هل ؟"(ص79) حيث يخاطب البنت الكانت في شباك الروح فيقول :
البنت الكانت في شبّاك الروح/تغرّد فوق الجرح/وتأكل من تفاح القلب/وتسكن في أحداق البوح/وباعت ذاك المجد/تنقر في شرفات الحلم/وتطلب كوباً من إحساس/يدخل في أجساد الصمت..".
يفجأنا الشاعر بلغته وصوره وانزياحاته اللغوية ذات الدلالات الجديدة ( شباك الروح – تفاح القلب – أحداق الوجد – شرفات الحلم – أجساد الصمت ..إلخ ) ، وعلى الرغم من أن القصيدة قصيرة إلا أنها مليئة بالجديد وهذا إن دل على فإنما يدل على التجديد والتطوير في لغته الشعرية .
في قصيدة " أحلام العشاق":وهي القصيدة الأخيرة في الديوان (ص85) يقتحم الشاعر عالمها الذي يهواه فيقول :
أهـواك صباحاً وردياً وشعاعاً غاص بأعماقي
وشموساً عادت تسكنني تفتح أغلاق الأغـلاق
للصبـح تغـرد عيناك للفجر الساكن أحداقي
ومراكب تبحر من عيني تبحث عن كنزٍ بـرّاق
وبعد هذه الرحلة مع الشاعر عاطف الجندي في ديوانه " بلا عينيك لن أبحر" ، يمكنني القول : كان الشاعر يصول ويجول على ظهر جواده في كر وفر ، لكنه حقق في النهاية ما أراد ، لقد أوصلنا إلى شط الأمان ، وبعض العواصف التي حاولت عرقلة رحلته ، وبعض الأمواج العاتية التي واجهته استطاع التغلّب عليها في نهاية الرحلة ، وحتى أكون صادقاً في قراءتي بعيداً عن المجاملات التي يلجأ إليها البعض ، فقد تعرّض الشاعر لبعض المطبّات القاسية مثل(الأخطاء المطبعية الكثيرة – لبعض اللغة النثرية "كما في ص44"أسلاك هاتفنا" – بعض الصور التي تحتاج إلى إعادة نظر – توظيف بعض الشخصيات في شعره " يوسف-أيوب" وكانت في غير محلّها..إلأخ) ، ومع ذلك فلكل جواد كبوة ، وهي لا توقف رحلته ، بل تدفعه للإصرار على المتابعة وتحقيق النجاح في الرحلة .. والشاعر ممسوس ببوحه وشاعريته وإحساسه المرهف في البحث عن صوت ولون يميّزانه عن غيره مستقبلاً ..كما أنه من الجدير الإشارة هنا إلى كتابة الشاعر قصائده العمودية مقطعة كما في شعر التفعيلة ، وكذلك الإشارة إلى نشر جميع قصائد الديوان بعض الصحف( وهو ما أراد الشاعر أن يثبّته في آخر كل قصيدة مع ذكر تاريخ النشر واسم الصحيفة ، وكذلك الإشارة إلى تاريخ كل قصيدة ) وهذه جميعها أمور غير ملزم الشاعر بوضعها ، وهي لا تزيد أو تنقص في قيمة العمل بحد ذاته ، ومع ذلك فهو ليس أول من فعلها من الشعراء ولا ضير في ذلك إنما استوجب التنويه لا أكثر ..
وختاماً أقول :"لقد حملنا الشاعر في بوحه إلى البحر ، وتجوّل بنا بعيداً عن شواطئه ، وبرغم العواصف والأمواج عاد بنا إلى برّ السلام ، لكنه كرمى لعينيها لم يبحر ، لن جعلنا نبحر نحن في أعماق عيون الشعر ، وكيف لا وقد جاب الهند ، وكوبا ، لينشد أحلامه العشقية كما في قوله في آخر قصيدة"أحلام العشاق ":
للهند أجوب ويشهد لي شعرٌ في لحظة إطلاقِ
ولكوبا سرت على دمعي أنشد أحـــــلام العشاق
أتمنى أن ألتقي مع بوح هذا الشاعر المرهف الإحساس والشفاف في بوح جديد يضيف جمالاً على جمال روحه ولغته الشعرية ..!
-----------------------------------------------------------------------
*بلا عينيك لن أبحر : تتضمن/21/ قصيدة ما بين عمودي وتفعيلة جاءت في /93/ صفحة من القطع الوسط ، إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة ، إصدار عام 2002م .
*عاطف الجندي : شاعر من جمهورية مصرالعربية – مواليد 1965 – ليانس آداب وتربية جامعة الإسكندرية –مدرير قصر الثقافة للريحاني في القاهرة حالياً – نال العديد من الجوائز في الشعر .
[center]

شكرا لك أستاذ محمد
و أعتقد ده كان ديوان الاستاذ عاطف الأول
بلا عينيك لن أبحر
و دراسة جميلة لشاعر رائع
من يومه
شكرا لجهدك الجميل
[b]

أستاذ محمد
دراسة وافية شافية
غاصت فى ديوان الأستاذ عاطف
و استمتعنا بها لأنها دراسة إنسان يفهم معنى النقد وواجبه

باركك الله أستاذ محمد
و تهنئة خاصة للأخ عاطف الجندى

الأخوات الأديبات
(بنت الليل - القطة السوداء - مها عبود باعشن)
تحية الورد والود وبعد:
أشكركنّ على الإبحار في عيون الشاعر(الوفي) عاطف الجندي كما أنتنّ مبحرات في منتداه الجميل..!
وأسأل:
لماذا كل هذا البخل وعدم الإبحار مثلكنّ في عيون الشاعر عاطف الجندي..؟!
لا أزال بالإنتظار..فقد يأتي الطوفان..!
تحياتي لكنّ
وإلى اللقاء.؟! afro

انا ملقتش اجمل من كلمة الله لكى اقولها

الأخ محمد زكي
تحية الورد والود وبعد:
وأنا لم أجد أفضل من كلمتين أقولهما لك:
الله عليك..!

أخى الحبيب محمد
شكرا لك على هذه الدراسة القيمة التى شرفتنى بها لديوانى الأول بلا عينيك لن أبحر
الصادر عن هيئة قصور الثقافة
هى تحفة فنية رائعة اكرمتنى بها
فشكرا لك أخى الغالي
خالص المودة
اخوك

» مشاركة في مسابقة العامية نوفمبر 2010
» حوار مع نجم والشاعر عاطف الجندي
» شكرا للشاعرة الكبيرة زينات القليوبي
» فيديو الأديب ممدوح عزت بالمنتدى
» لو مرة واحدة !