أتيت

عذرا ً أيها الأخوة ؛ كان المفترض أن أكون أول المتابعين ولكن ألتمس منكم العذر إذ أنني منشغل ببعض دراسات أضعها هذه الأيام فاقبلوا عذري ...
والنص أختي ندى يمثل ما تمرين به من نضج فكري .
وموسيقى النص أرى فيها :
* أنت تركبين تفعيلة ( متفاعلن ---5--5 ) وهي تفعيلة يدخل الزحاف في حرفها الثاني على النحو التالي :
- إن كان الحرف الثاني متحركا فسُكِّن سمي إضماراً وتتحول إلى مستفعلن -5-5--5
- إن كان الحرف الثاني متحركا فحُذِف سمي وقصا وتتحول إلى متفعلن --5--5
وهذان هما الزحافان اللذان يصيبان تلك التفعيلة في حرفها الثاني وهو مسموح به
* بالعودة إلى القصيدة نرى فيها الآتي :
-

اقتباس :

فى آخر الدنيا أتيتْ

أطوفها

يجوز لكِ تحريك التاء الساكنة في أتيتْ فتصبح أتيتُ حتى تستقيم التفعيلة التي بعدها على ( متفاعلن ---5--5) وإن تركتها ساكنة فلا ضير فما بعدها يصبح ( أطوفها = متفعلن = --5--5 ) وهي تفعيلة ( موقوصة ) كما بينت ومن هنا تصبح التفعيلة السابقة لها (مستفعلان -5-5--55 ) وتكون قد دخلتها إحدى علل الزيادة وتسمى ( التذييل ) وتتم بزيادة ساكن على ما آخره وتد مجموع ... وإن كنت أرى أن هذا إرهاق موسيقي إلا أنه صحيح عروضياً
-

اقتباس :

وتلك أيامى بها

دخل الوقص على التفعيلة فأصبحت ( متفعلن ) وهذه صحيح تماما ويجوز لك
-

اقتباس :

عادت تنوحُ

كلما عاودتُها

أيضا هنا دخل الوقص على التفعيلة في " تنوخُ كل " فأصبحت متفعلن وهذا صحيح أيضا
-

اقتباس :

أين ترى خبأتُها ؟!

هنا دخل زحاف مزدوج يسمى ( الخزل ) وفيه يسكن الثاني ويحذف الرابع فتحول التفعيلة إلى ( مفتعلن -5---5 ) وهو زحاف صحيح أيضا وإن كان مستهجنا بعض الشيء لقلة استخدامه

ومن هنا أختي فالعروض في قصيدتك مستقيم بإرجاعه إلى قواعده ولا كسور فيه

* أما على مستوى الأداء اللغوي فأنا مع أخي العظيم د. حسان ( من يأتها يحكي لنا ) فالفعل يحكي مضارع وقع في جواب الشرط فيحق جزمه بحذف حرف العلة مع تعويض بحركة شبيهة فيصبح ( يحكِ ) ويظل العروض مستقيما أيضا حيث تصبح التفعيلة ( مخزولة )كما ذكرت آنفا

عفواً أخوتي أردت فقط أن اردَّ بعض الأمور إلى مكانها وتقبلوا عذري على التأخير في الرد ولكم مني كل الحب والمودة

صديقي وأخي ( محمد قبيصي ) إن الأمر محسوم لصالح الشاعرة ولا يوجد اضطراب موسيقي في قصيدتها فهي قصيدة تعد من روائع الشعر فقط من يقرأ مطلع القصيدة يظن أن الشاعرة قد امتطت تفعيلة ( مستفعلن )فللوهلة الأولى يجري عليها ما يدخل من زحافات وعلل على هذه التفعيلة ولكن لمجرد ورود تفعيلة ( متفاعلن ) داخل النص يجعلنا نقر أن الشاعرة قد بنت تفعيلتها على ( متفاعلن ) ومن ثم الإقرار بما يدخل على ( متفاعلن ) من زحافات وعلل ... فمن دخل على أن الشاعرة قد بنت على ( مستفعلن ) يرى فيها بعض كسورٍ ومن دخل على أنها قد بنت على ( متفاعلن ) يرى القصيدة مستقيمة ولا كسور فيها ...
وحين نقر أن الشاعرة قد بنت قصيدتها فعلا على ( متفاعلن ) نقر بلا أدنى شك أن الشاعرة ليس عندها كسور في الميزان الشعري
وحين وضع منظرو العروض والقافية جداول الزحافات والعلل فإنما وضعوا له مخارج ومداخل موسيقية تساعده في التحكم في الإيقاع التفعيلي ومن ثم التحكم في انسيابية موسيقى القصيدة تبعا للحالة النفسية التي تمر بها ...

وأما قولك ( القلق النغمي ) يدل على الاضطراب النفسي " داخل التجربة " فهو صحيح تماما فالتحول الموسيقي يعبر عن مدى الاضطراب وعدم الاستقرار النفسي في التجربة وهذا من سمات قوة التجربة حيث أن هذا يخرجها من حيز الرتابة ... وهذا ما تحقق عند الأخت ( ندى ) فالقصيدة مفعمة بالتحولات الموسيقية مما يدفع الملل عن نفس المتلقي ...
والعمل عمل جيد يستحق الوقوف عنده والإشادة فــ ( ندى إمام ) شاعرة ناضجة تعي في كثير من مواطن تجربتها كيف تضرب على أوتارها الموسيقية ...

وأخيراً كلنا لا يهمنا سوى التدافع من أجل تجويد الفن الشعري فكل منا مرآة صادقة لأخية وهذا هو مبدأنا في هذا المنتدى حيث تتحول صفحة المنتوج الفني إلى ورشة فنية الكل يدلي بدلوه فيها ويضع رؤاه فنحقق الهدف المنشود من وجود هذه المنتدى وهو النهوض بالحركة الأدبية للمجتمع المحيط


عفوا للإطالة تقبلوا مني جميعا كل الود والتقدير وللأخت ندى كل الإجلال لتجربتها الشعرية المتميزة