ربيع العمر

أخي وأستاذي
الشاعر الكبير
خلف أحمد
أما كاتب هذه الأحرف فلن يعذرك ، لأن للبوح قلوبا تتجاوب معه ، ونفوسا تشتاقه ، فكم يأسو البوح من جروح الذكرى ما يعجز عنه الطبيب النطاسي .
وما دمت لا تبغي التجنى فالعذر هنا لا مسوغ له إلا رقة وجدانك ، وشفافية روحك ، وطيب معدنك .
وإلا فالأمر كما قال أحد أجدادنا الشعراء :
لا تخف ما فعلت بك الأشواق
واشرح هواك فكلنا عشاق
فعسى يعينك من شكوت له الهوى
بوداده ؛ فالعاشقون رقاق
وعلى الرغم من وجازة قصيدتك ، وطزاجة تعابيرك ، تتبدى في حنايا الحروف معان كثْر ، وتلوح من خلف التجربة نفس صافية ، وصدق نبيل .
ومثل هذه الأبعاد تشف عن تمكن مصاحب لصدق المعاناة ، وتبرهن على أن الشاعر هو من يشعر بالأشياء كما يقول العقاد ( طيب الله ثراه ).
كما تشير مكن طرف خفي إلى أن القدرة على الإيجاز الثري لا يؤتاها غير ذوي الحس العالي والانفعال المتزن .
**********
مرور عجل خجل ، وسعادة كبرى بشرف قراءة برائعتك الشديدة الصدق ، الآسرة وزنا ومعنى .
واسمح لي متكرما بهاتين الملحوظتين :

( 1 )
قد أبيت الليل أشكوه حنيني
ربما يكون الأنسب للسياق والمعنى أن تحل " كم " محل " قد " ليس لأن " قد " الداخلة على المضارع تفيد التقليل والاحتمال فحسب ، بل لأن " كم " هي التي تتولى البيان عن تفجر الشكوى وكثرتها وتنوعها
( 2 )
مجيء أنّ التي تفيد المصدرية بعد كاد ربما يكون بعيدا عن استعمالات كاد ؛ ولو أنك جعلت " شوقا " مكان " أني " لصح المعنى والدلالة
************

لك تحيتي ومودتي ، وقبلهما معذرة على خربشة يراعي ؛ فمثل هذه الأمور لا تنال من روعة ربيع العمر ، بل يسرها أن تزكو في أجواء شعرك ، وتتأرج بطيب وجدانك.
.