إن المواطن يقع ضحية الفقر والبطالة مما يتسبب له في أمراض ٍ نفسية خطيرة تتحول إلى أمراض جسدية مما ينجم عنه في النهاية سلوك مجتمعي منحرف وخاطئ تتم ترجمته إلى جرائم وعنف وإدمان وانتحار، فعندما يعجز الإنسان عن توفير حاجاته الأساسية من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وكرامة واحترام تفقد الحياة قيمتها وينهار إيمانه بكل شيء وصبح همه الوحيد هو تحقيق هذه الأمور بغض النظر عن الوسيلة لذلك. يا دنيا بقيتى غابة والناس فيكى غلابة فساد في كل حاجة والحل أيه يا سادة الغش في كل حاجة ومفيش في أيدينا حاجة خلاص مفيش إحساس بالناس اللي بنتداس الذمة فين يا ناس زمان كان في إخلاص شهامتنا راحت عليها أخلاقنا مش لاقيها النخوة خلاص وضاعت قضية وخلاص اتباعت الهم كبير ياناس يا أسيادنا مفيش إحساس بوظان في كل حاجة حكومتنا فين يا سادة التعليم راح فين يا ناس يا أبلة ويا أستاذ راح فين زمن التربية من غير دروس خصوصية الفقر بقى كل حاجة محاسيبك هما السادة الناس خولئها داء والحياة ما بقت تنطاء كبار يتقاسموا فيها وأسموها خطط جديدة الشعب مش على البال وحاله من الفقر مال بنادى يا خلق هوه ياريت تيجوا تلحقوه ظاهرة العنف بشكل عام في الأطر المختلفة تعد من أكثر الظواهر التي تسترعي اهتمام الجهات الحكومية المختلفة من ناحية والأسرة النووية من جهة أخرى. نواجه في الآونة الأخيرة في دول غربية تطوراً ليس فقط في كمية أعمال العنف وإنما في الأساليب التي يستخدمها الطلاب في تنفيذ السلوك العنيف كالقتل والهجوم المسلح ضد الطلاب من ناحية والمدرسين من الناحية الأخرى. العنف كما عرف في النظريات المختلفة: هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، قد يكون الأذى جسمياً أو نفسياً. فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض الآراء بالقوة وإسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة. الاهتمام والالتفات إلى ظاهرة العنف كان نتيجة تطور وعي عام في مطلع القرن العشرين بما يتعلق بالطفولة، خاصةً بعدما تطورت نظريات علم النفس المختلفة التي أخذت تفسر لنا سلوكيات الإنسان على ضوء مرحلة الطفولة المبكرة وأهميتها بتكوين ذات الفرد وتأثيرها على حياته فيما بعد، وضرورة توفير الأجواء الحياتية المناسبة لينمو الأطفال نمواً جسدياً ونفسياً سليماً ومتكاملاً. كما ترافق مع نشوء العديد من المؤسسات والحركات التي تدافع عن حقوق الإنسان وحقوق الأطفال بشكل خاص، وقيام الأمم المتحدة بصياغة اتفاقيات عالمية تهتم بحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة، فاتفاقية حقوق الطفل تنص بشكل واضح وصريح بضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال الإساءة والاستغلال والعنف التي قد يتعرضون لها ( المادة 32، اتفاقية حقوق الطفل ) وهذا يشير إلى بداية الاهتمام بالطفل على أنه إنسان له كيان وحقوق بحد ذاته وليس تابع أو ملكية لأحد مثل العائلة. أما في الآونة الأخيرة فلقد زاد الاهتمام بموضوع العنف في إسرائيل كما في كثير من دول العالم نتيجة زيادة حدة العنف بأشكاله المختلفة اتجاه الأطفال والتي وصلت إلى مستويات مقلقة حيث يصعب علينا السيطرة عليها الآن ( لوجسي، 1991؛ روكح، 1995)، وفي إسرائيل الاهتمام بظاهرة العنف بدأ عندما قدمت تمار هوربتس و منحم أمير عام 1981 بحثاً لوزارة المعارف والثقافة يشيران به إلى ضرورة التصدي لظاهرة العنف المنتشرة في جميع المراحل التعليمية، اتجاه المعلمين والطلاب وممتلكات المدرسة، ولكن في تلك الآونة تم إهمال الموضوع حتى صيف 1986 حيث قامت مجموعة من الأحداث بممارسة العديد من أعمال العنف التي على أثرها قررت وزارة المعارف والثقافة تشكيل لجنة لوضع الخطط والتوصيات لكيفية التصدي لهذه الظاهرة، وقد خلصت اللجنة إلى إصدار منشور عام يمنع استخدام العنف في المدارس ويفرض العقوبات على كل من يستخدم العنف، وكذلك ضرورة إقامة دورات استكمال وإصدار نشرات وكتيبات إرشادية في هذا الموضوع ( وزارة المعارف والثقافة، 1989). يعتبر العنف أحد وسائل التعبير عن النزعات العدوانية، ويتصف بصيغة انفعالية شديدة. وتؤكد البحوث العلمية ووسائل الإعلام المختلفة ، العالمية والعربية والمصرية ، أن ظاهرة العنف تزداد حدة يوماً بعد يوم ، وقد باتت تشكل خطورة على الأمن والاستقرار والنمو ، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع. ولذلك فإن علينا جميعاً أن نتصدى لدراستها ، حتى نتفهم أسبابها وخصوصيتها بالنسبة لكل بيئة أو مجتمع ، فالعنف قد يكون واحداً من حيث الشكل أو الفعل ، إلا أنه مثل أي سلوك يكون متعدد الدوافع بتعدد البيئات والتشخيص السليم هو أساس العلاج الشافي . لقد بات العنف داخل الأسرة ، إننا نتعلم العنف عبر عملية التنشئة الاجتماعية التي يتولاها الوالدان، إن إحباط الوالدين خارج المنزل أو داخله، ينقلانه ويلقنانه عدوانا وعنفاً لأبنائهما. الأبناء بدورهم يزيحون هذا العنف شعورياً ولاشعورياً إلى المدرسة أو الشارع ، أو يحتفظون به كبتاً في نفوسهم إلى حين . لقد سبق للباحث أن قام بتأليف اختبار نفسي إسقاطي (
على نمط الاختبار العالمي المعروف TAT (تأليف موراى) ، ولكنه يلائم أكثر البيئة العربية ، وعرض بطاقات الاختبار (صور) على عينة من المبحوثين، وعلى المبحوث أن يستجيب لكل صورة بطاقة بكتابة قصة من وحي خياله، ويقوم الباحث في النهاية بتحليل سيكولوجي لتلك الاستجابات . لقد وضح من قصص عينة البحث فى هذا الاختبار أن إذا جاز لنا التعميم ، على الأقل بالنسبة للطبقات الاجتماعية فوق المتوسطة أو المتوسطة وما دونها ، أى أكثر من ثلاث أرباع المجتمع ، أن الأسرة المصرية وتحت ضغط الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها ، وفى نفس الوقت ارتفاع الطموح الاستهلاكي بتأثير غزو البضائع الأجنبية والإعلانات التليفزيونية والمحاكاة الخاطئة للآخرين أنها تقام على أسس ضعيفة ، وأن العنف يكمن في داخلها ، ولولا أن الشعب المصري بتاريخه الموروث يقدس الكيان الأسرى في حد ذاته ويعمل على بقائه مهما كانت المعاناة بداخله ، لانهارت أسر كثيرة . والمحصلة الظاهرة من مختلف استجابات المبحوثين ، تتجسد في مسحة التشاؤم والإحباط والعدوان المكتوم التي تعم قصص المبحوثين ، وكادت تخفى روح الحب الحقيقي والمتعة المتجددة بالحياة . لم يعد الاختبار الحر هو أساس بناء الأسرة ولكن هناك غالباً أو دائما " المال" يتدخل بضغوطه أو بإغراءاته. ونعرض فيما يلي كمثال سطوراً من بعض قصص المبحوثين حول بطاقة " رجل وامرأة " في الاختبار ، سواء الذكور منهم أو الإناث (وهى كما جاءت في نص الاستجابات وبأخطائها اللغوية) . (… وفى يوم من الأيام عاد إلى منزله في إجازة إذا بخطيبته تبلغه خبر مزعج وهو أن أحد الأشخاص تقدم لخطبتها ووالدها موافق عليه لأنه جاهز من كل شئ، وهو في حيرة ماذا يفعل. قالت له تقدم لوالدي، ولكنه رفض لأنه لا يملك ما يتقدم به، هي كانت معذورة، وكان ما كان أن وافق والدها على هذا الرجل وظل هذا محتار ماذا يفعل وتم الزواج من غيره، وهذه إرادة الله ...). ويقول مبحوث آخر في قصته
... ثم جاءه عقد عمل بالخارج فسافر كأي شاب أمامه مسئوليات حياة جديدة. ثم بدأ الخطابات والمراسلات، جاء في خطاب لها أن والدها جاءه إحساس أنه شاب لا يجيد المسئولية وكان يمهد لها أنه يوجد شاب آخر جاهز ومتمكن من حياته وعنده أملاك، ثم بعد 3 سنوات من السفر جاء الشاب الغائب ليجد الحقيقة المذهلة أنها تزوجت فلم يصدق فذهب إليها ليكلمها، فقالت له لقد اضطررت لهذه الزيجة لأن أبي كان يحتاج مبلغ كبير من المال لعمل عملية جراحية مهمة. فتم زواجي رغم أنفي لكي أنقذ والدي من هذا الأخطبوط المرضى. فقال لها وهو يغادر المكان أتمنى لك حياة زوجية سعيدة...) . وتقول إحدى المبحوثات: (إن الحب في هذه الأيام مستحيل لأن الشاب يجب أن يكون متوفر لديه مال، من أجل أن يحب ويتزوج ). ويتأكد أثر الضغط الاقتصادي في القصة التالية لمبحوثة ثانية - وكانت بطلة القصة تدعى سعاد وكأنها رمز للسعادة المفقودة- قالت فيها (كانت سعاد بنت مؤدبة ومن أسرة متواضعة وكانت بتعمل سكرتيرة في إحدى الشركات، وكانت تميل إلى زميلها بعض الشيء وهو أيضاً. ولكن لعدم وجود المال في أيديهم فهم ينتظرون إلى أن تتحسن الحالة المادية لهم، ولكن زميلها تقدم إلى خطوبتها من والدها وكانت سعاد سعيدة جداً في هذا اليوم لأنها كانت تتمنى ذلك وتمت الخطبة وكانت الشبكة متواضعة دبلتين فقط وكانت سعيدة جداً هي وخطيبها، وبدءوا في البحث عن شقة بحثوا في جميع أنحاء المدينة ولكن دون فائدة فجميع الشقق مرتفعة الأسعار والخلو كبير جداً، وأحست سعاد بالفشل وجلس خطيبها يشجعها ويحمسها ويريد منها أن تتفاءل بأن الأيام والأوضاع ستتحسن في يوم ما . وفى النهاية وجدت سعاد أنها