توظيف الموروث فى معزوفة الياتاجان

توظيف الموروث فى معزوفة الياتاجان لسوزان عبد العال
قراءة تحليلية بقلم : وحيد وصفى
المقدمة :

توقفتُ كثيراً أمام ديوان من نوع خاص للشاعرة سوزان عبد العال امتزج فيه الخيال بالقهر و الأمل باليأس .

الخصوصية فى هذا الديوان لها مظهر و جوهر :
المظهر : فى كون الديوان مكون من قصيدة واحدة ممتدة عبر ســبعة عشر مقطعاً مربوطة بإحكام بنسيج أســــــــاسى لا تخطــئه العين و لا يختلط على روح
المتلقى .
الجوهر : و يكمن فى عملية الاختصـــــــار و الاختــزال التى بدأت من أول حرف فى الديوان القصيدة و انتهت بنهايته .

الدلالات و الموروث و ثقافة الشاعرة :

ألفاظ القصيدة الديوان بها من الموروث و الدلالات ما يجعلنا نتعرف على ثقافة الشاعرة ســــــوزان عبد العال كما لو كانت تعلن عن هذه الثقافة بغزارة الدلالات و الاستقاء من الموروث ، فمثلاً :

1 ـ دلالات الوطن : نجدها فى عبارات " يا حراســـها الخونة ـ تنفث تاريخها ـ البداهة أن تكتشف كيف تفضى الكواكب إلى مدارها كى تقرأ الأخبار جيداً ـ رائحة الطين ـ وطن يبارك القواقع ـ فردوس بلون الجحيم "

2 ـ الموروث الفرعونى : نجده فى عبارات " التوابيت ـ لا تتوج رأســــها حية مقدسة "

3 – الموروث التاريخى و الشــــــعبى : نجده ممثلاً فى عبارات " رابعة ـ قطر الندى ـ شجر الدر ـ الربابة "

4 ـ الموروث الشــــــــــــــعرى قديمه و حديثه : و يتمثل فى عبارات " دنقل ـ
أن الخنساء لم تعد تصلح لرثاء صخر ـ و تفسر الماء بعد الجهد ـ بانت ســـعاد " و كذلك الدفعة فى صفحة 35 و 36 من الإبداعات الحديثة .

5 ـ الموروث القرآنى : و هو واضح جلى نظراً لغزارة المقتبس و المســتخدم منه سواء باللفظ أو بالتراكيب مثل " إبيضت عيناه ـ فبأى آلاء عطرها تكذّبون ـ منطق الطير ـ كلا و القمر الأواب و الليل إذا ينساب ـ ربِّ لا تذرنى فردا ـ ربِّ أنَّى يكون لها الشوق و لم يمسسها عشق ـ جن عليها الليل ـ و انتبذت به مكاناً قصيا ـ متزملاً بيقطينها فى الوادى المقدس ـ تـُلقِى عصا التحنان ـ سبع من الســــنبلات العجاف ـ لتعصر خمرا و تحمل خبزا "

عبارات أراها تلخص التجربة :

البنت أســــئلة ـ ســـــيرة ليل ـ المدائن لا تليق ظلاً لغابات عطرها المقدس ـ اليوم المؤجل نِدٌّ بين يومين ـ سكن سماءها و تركها تحرس شهوتها ـ أن نسبة الكحول كانت أعلى من طــموحها النبيل ـ الله يعرفها و ينكرها الصغار ـ و نحتت حكاياتها فى ترتيلة تضيق بالأثواب و القيود و انعتقت من كل هذا الغياب .

نظرة تحليلية :

البداية كانت حالة من التأهب للقاء يؤكدها اختصار الأشــــــــــياء الكبرى فى رموزها " كاختصـــــــــــار البحر فى خيط من الماء و اختصار الأرض فى حبات الحصى و اختصار النار فى عود ثقاب " و الاحتفاظ بكل هذه الرموز كســــــندٍ و عون لِذاتِها على تحَمُّل لحظـــــــــة اللقاء المرتقبة ، ثم يلى هذا الترقب الممزوج بالاختصــــــــــار بعضُ خيالات من لحظات اللقاء ، و التخفى فى كيان يكاد يكون ذكورياً خشية أن يلمح أنوثتها أحد ســــــــــواه ، حيث إنها لا ترى فى الكون من يستحقها غيره ..... إلا أن لحظة اللقاء لا تجىء ... و الحلم يتكسَّــــــــــر و برغم انكسار الحلم إلا أنه يبقى يراودها ، و تظل على العهد الذى اتخذته مع نفســـها ، فبرغم كون اليقظة عذاب لتحطم الحلم على صـــــــــخرته إلا أننا نجدها ما زالت تختصر الأشــــــــــــــياء و تجمع رموزها فى جعبتها تأهباً للقاء كادت توقن من استحالته ، فتقول فى صفحة 51 :
" عندما اختزلتْ بحوراً من الياتاجان
فى قطرتين بين نهديها "
وتصل بنا قرب النهاية إلى اليأس من هذا اللقاء المســــــــــــتحيل الذى أوصلها للنبوءة الأهم و الأعلى فنياً و التى ختمت بها القصـــــــيدة الديوان عندما تنبأت بالغروب فى سطورها الأخيرة فتقول :
" ستملؤها يا عقيق الغروب
بنشيدٍ
لن يجرِّبَ شبق النوارس
لموجة عطر نائحة "
هذا العطر الذى ارتأته بديلاً لمخدِّر كان كفيلاً بتغييبها عن حالة الفقد القاتلة التى تعيشها .

خاتمة :

فى نهاية حديثى المتواضع أشكر الشـــــاعرة على تجربتها التى أراها واحدة من التجارب الفريدة المميزة التى أسعدتنى و تركت أثراً فى نفسى لا أستطيع إخفاءه

الجميل وحيد وصفى
و ها أنت تطرق مجال النقد بروعة أيضا اخى الحبيب
و قراءة جيدة من وجهة نظرة و إطلالة على إبداع الرائعة
سوزان عبد العال
مودتى لكما
أخوك

عاطف الجندى كتب:: الجميل وحيد وصفى
و ها أنت تطرق مجال النقد بروعة أيضا اخى الحبيب
و قراءة جيدة من وجهة نظرة و إطلالة على إبداع الرائعة
سوزان عبد العال
مودتى لكما
أخوك

الديوان بين يديك لكى نستمتع جميعا
بدراستك له

شكرا لك أستاذ وحيد
دراسة جيدة

» معزوفة الانتصار
» الهم الوطني و الموروث الديني لدى عاطف الجندى
» روائع الفيتوري ((معزوفة لدرويش متجول))