صورة الانسان فى أعين الناس

ملحوظة
مهمة اوردها في البداية وهي ان لكل انسان جمهوره الذي يحب ان يظهر في
عينيه علي نحو معين.. فلاعب كرة القدم جمهوره هم عشاق هذه اللعبة وليس
طبعا من لا يهتمون بهذه اللعبة اصلا.. وكذلك النقاد الرياضيون.. فهؤلاء
يمكنهم الي حد ما التأثير في صورة اللاعب لدي جماهير كرة القدم ايجابا او
سلبا.. والمغني او المطرب جمهوره هم عشاق الطرب وفي الواقع ليس كلهم.. بل
فئات منهم يحاول ان يصل اليهم ويشعرهم بأنه مطربهم المفضل او الذي يقدم
فنا يناسب اذواقهم.. وكل منهم يحاول ذلك بطريقته الخاصة او بطريقة يبتكرها
ويجرب مدي تقبل الجمهور لها ومنهم من يلجأ الي الحركة السريعة علي المسرح
وهو يغني.. ومنهم من يغني وهو يتمايل.. ومنهم من يلتزم الهدوء ويركز علي
الجمل الموسيقية والتطريب.. ورجال السياسة والاحزاب.. يحاول كل منهم ان
يوسع دائرة جمهوره بشتي الطرق التي يستلهمها او يدله عليها الخبراء في هذا
المجال وهذا ظاهر بشكل واضح في امريكا وانتخاباتها سواء الرئاسية منها او
التشريعية ومنهم من يركز علي الشئون الداخلية.. الضرائب.. التأمين الصحي..
التعليم.. الاقتصاد.. ومنهم من يركز علي السياسة الخارجية.. ومنهم من يظهر
بمظهر المجدد.. ومنهم من يحاول ان يطرح المسائل بشكل هادئ ورزين.. اي
بالأسلوب التقليدي..

ونخرج من الجمهور الواسع وندخل الي الجمهور الضيق.. فالفتي يحاول ان يظهر
في عين والديه ظريفا مطيعا والفتاة تحاول ان تبدو في عين امها فتاة مهذبة
ومثالية تتحدث بصوت منخفض وبحساب وتحاول ان تكون متعاونة مع امها في اعمال
البيت وفي العناية بأخوتها الصغار..

والشاب يحاول حسب الشلة التي ينتمي اليها او يلتصق بها ان يكون اكثرهم
جرأة علي الفتيات ان كانوا شلة من الفارغين التافهين حتي يبهرهم فيكون
بذلك زعيما لهم اما ان كانت الشلة من الشبان الجادين المجتهدين فهو يحاول
ان يكون اكثرهم جدية والتزاما بالقيم.. ومن هنا كان اختيار الصحبة التي
تناسب طبيعة الشاب (او الشابة) ونظرته للحياة وطموحاته علي غاية من
الاهمية لأنهم ان كانوا من الجادين الذين يريدون ان يكونوا شيئا في
المجتمع ساعدته صحبتهم علي التفوق العلمي والالتزام الاخلاقي وان كانوا
شلة من الفاسدين افسدوه وادخلوه في دائرة الضياع والتي قد يصعب خروجه
منها.. وهؤلاء هم قرناء السوء او اخوان الشياطين.. ولذلك يقولون: ابحث عن
الرفيق قبل الطريق.. ونقطة نظام احببت ألا تفوتني او تفوتكم وهي ان
الانسان ينبغي ان تكون صورته حلوة في عين نفسه قبل ان تكون في اعين
الناس.. فهذه هي المرآة الصادقة او التي ينبغي ان تكون كذلك.. فأنا لا
يسعدني ان تكون صورتي في اعين الناس علي ما يرام وهي ليست كذلك في عيني
انا.. فأنا وكذلك كل واحد ادري بنفسه علي حقيقتها وما هي عليه من حسن او
من قبح.. وانا ونفسي لا نفترق في ليل أو نهار، ولذلك فإن كنت نتيجة
لتصرفاتي 'قرفان' من ن فسي فهذا شئ لا يطاق ولا يحتمل.. وخير لي ان اصحح
من تصرفاتي ومواقفي ومعاملاتي وممارساتي سواء في السر او في العلن حتي
تكون صورتي في عيني محترمة مشرفة.. فهذا وحده هو الذي يرضيني عن نفسي وهذا
اهم شئ.. وكلما كان الانسان سويا وتصرفاته طبيعية وتلقائية كانت صورته في
مرآة نفسه متطابقة مع صورته في اعين الناس اما ان كان يتصرف ليظهر للناس
شيئا يختلف عما بداخل نفسه فسوف يكون في حاله صراع داخلي دائم.. وهذا ما
يجعل تصرفاته متناقضة غير متجانسة لأنها مفتعلة وغير حقيقية وسوف يكتشف
الناس حقيقته في لحظة من اللحظات او مناسبة من المناسبات فلن يستطيع خداع
الناس او التمثيل عليهم الي مالا نهاية.. افضل شئ ان يكون الانسان هو
نفسه.. لا يتظاهر بشئ ليس فيه فهذا هو السلام مع النفس.. اي السلام
الداخلي وهذا طبعا ليس معناه انه لا يحاول التخلص من عيوبه ان وجد في نفسه
عيبا، بل علي كل انسان منا ان يتتبع عيوبه ويستأصلها واحدا تلو الاخر..
حتي يكون ظاهره كباطنه، فتكون نفسه مطمئنة يستقبلها ربها يوم القيامة
بقبول حسن 'يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في
عبادي وادخلي جنتي' (الفجر 27 30)