مسلمون حول العالم

مسلمون حول العالم
مائة مليون مسلم يواجهون الكونفوشيوسية والبوذية والتاوية في الصين
بناء المساجد والامتناع عن أكل لحم الخنزير ودفن الموتي .. خصوصيات تفرضها العبادة
ترجمة معاني القرآن للغة الصينية .. ساعدت في اطلاع الأجيال علي عظمة الإسلام
حسن حامد
يواجه نحو مائة مليون مسلم هم تعداد المسلمين في الصين. ما تفرضه عليهم الكونفوشيوسية والبوذية وانتشار الطوائف التاوية التي تذهب إلي بعض الاعتقادات الصوفية. وقد نجحوا في التكيف مع المناخ الثقافي العام في البلد. وذلك رغم جملة الظروف السياسية المعقدة التي كانت ومازالت تدفع بهم للتخفي. أو علي الأقل للتستر فيما يتعلق باعدادهم أو أماكن تواجدهم. اضافة إلي سياسة تحديد النسل الصارمة التي انتهجتها الحكومة الصينية المركزية. والتي كانت تدفعهم لعدم الكشف عن الولادات الجديدة تفاديا لعقوبات شديدة ينص عليها القانون الصيني وتنزل علي المواطنين دون رحمة.
وقد واجه المسلمون الصينيون هذه التأثيرات التي حاولت أن تجعلهم بمعزل تام عن بنية الوعي الفكري الصيني بما تمليه عليهم طبيعة العبادات الإسلامية كضرورة بناء المساجد الخاصة بهم أو امتناعهم عن أكل لحم الخنزير الذي يشكل الغذاء الأساسي لأهل البلد. أو طريقة دفنهم لموتاهم إلي غير ذلك من الخصوصيات الثقافية التي تفرق بين المسلم وغيره.
الثقافة الصينية
استطاع المسلمون ان يجعلوا من وجودهم جزءاً لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعية الصينية وأن يندمجوا تماما في المجتمع والثقافة الصينية وفي الوقت الذي يبدو فيه احتفاظ المسلمين في الصين بخصوصيتهم الثقافية لم ينكروا أو يعارضوا ما ذهبت اليه الكونفوشيوسية من قيم وأخلاق بل حاولوا ان يستوعبوها ويضيفوا اليها اجابات لم يكن يعرفها الفكر الصيني: عن الخلق والبعث الأمر الذي كان قد مكن المسلمين في الصين من التمازج تماما مع الروح الثقافية العامة لمجتمعهم الصيني دون أن يدفع بهم ذلك إلي إلغاء هويتهم الإسلامية المتميزة وذلك عكس ماتحاول بعض الدراسات المغرضة من الذهاب اليه تجاه التشكيك في صحة إسلام هؤلاء أو اصالتهم العقائدية.
كان الإسلام قد وصل إلي الصين منذ بدايات عهد الدعوة المحمدية بحكم طبيعة العلاقات التجارية الواسعة التي كانت تربط الصين بالديار العربية إلا أن الفتح المغولي للصين وقيام دولة يوان "المغولية" التي بسطت نفوذها علي ممالك الصين للفترة ما بين 1260 1368 هو ما فتح أبواب الصين علي مصراعيها للهجرة العربية والإسلامية لهذه الديار حيث تدفق منهم أفواج من العلماء والتجار والصناع والحكماء والفلاسفة الذين جاءوا كقوة ثقافية وعلمية بل مالية فاعلة ومؤثرة وهذا ما ميز بدايات الوجود الإسلامي في الصين.
عهد جديد
وسرعان ما ثار الصينيون علي حكم المغول ونجحوا في الإطاحة بقواعده واستعادة مقاليد بلادهم وكان ذلك علي يد أسرة "المينج" الصينية التي فتحت عهداً جديداً في تاريخ الصين وحرصت فيه علي انتهاج سياسة وطنية متشددة غلب عليها طابع الانغلاق وقطع العلاقة مع العوالم الخارجية الأمر الذي قاد دون شك إلي توقف كل أشكال الهجرة الإسلامية نحو الصين من جهة وقطع التواصل بين المسلمين في الصين وإخوانهم في ديار الإسلام الأخري.
ورغم ان جهود نشر الإسلام والتعريف به في الصين كانت تدفع الرعيل الأول باتجاه ترجمة معاني القرآن الكريم للغة الصينية وشرحه بهذه اللغة سواء باتجاه أهل الصين أنفسهم أم باتجاه الجيل الجديد من أبناء المسلمين ممن نشأ يتحدث ويفكر بهذه اللغة إلا أن محاولات الرعيل الثاني صارت تجاهد للحفاظ علي تقاليد تعليم القرآن باللغة العربية وإعداد الأجيال المسلمة في إطار هذا التقليد حيث كان المسلمون قد أدركوا مبكراً أن دورهم الحقيقي للحفاظ علي دين الله في هذه الأرض هو تعليم أبنائهم لغة القرآن وحفرها في ذاكرتهم فألحق مسلمو الصين بكل مسجد ومكان صلاة مدرسة دينية لتعليم اللغة العربية وشعائر الإسلام وشجعوا علي أن يرتادها الصبيان كما الفتيات وصار أئمة المساجد ومفكرو الإسلام وشيوخ الطرق الصوفية يحرصون علي مواصلة التأليف باللغة العربية في مؤازرة تامة لحركة التأليف باللغة الصينية.
لغة الضاد
وفي كثير من الأحيان نجد المؤلف يستخدم في نفس الوقت اللغتين العربية والصينية في الكتاب الواحد دون حرج بل ان كتب الشعائر بأسرها كانت توظف علي السواء اللغة العربية واللغة الصينية ولهذا ارتبط الإسلام في ذاكرة المسلم الصيني بل الصيني علي العموم بلغة الضاد وصار الوصول إلي قلبه يتم بصورة خاصة من خلال هذه اللغة وهذه الحقيقة أدركتها دون شك الجماعات التبشيرية الذين لم ينجحوا في إغراء الصينيين بالتحول علي الكونفوشيوسية فانقلبوا إلي المسلمين ليغروهم ويبعدوهم عن دينهم.
لم تعرف الصين أي معتقد ديني بالمعني الميتافزيقي للكلمة حيث كانت الكونفوشيوسية والتي طبعت تفاصيل التراث الفكري والحضاري الصيني والتي يتصورها الكثيرون بأنها دين سماوي لم تكن أكثر من فلسفة أخلاقية وعلي هذا الأساس لعبت دوراً مهماً ونهائيا في بلورة الشخصية الصينية نفسها حيث أثر كونفوشيوس حكيم الصين الكبير الذي نهض لبلاده في لحظة حرجة من تاريخها كانت تتمزق فيه في جحيم من الصراعات والحروب الأهلية وقام برسم الخطوط العريضة لهذا المذهب الوجودي صارفاً النظر كلية عن الميتافزيقيا وموجهاً اهتمامه إلي هموم الإنسان في محاولة لتنظيم الدولة والآداب ونظم السلوك البشري بوجه عام وفق فكرته عن ذلك الناموس الخلقي الطبيعي الذي هو للنفس بالذات أما السماء فقد اقتصر علي اعتبارها عناية فوقية هادئة يجب العمل وفق إرادتها تلك الإرادة التي لا يمكن فهمها بالنسبة له إلا بالوعي بالتاريخ.
علي هذا الأساس استمد كونفوشيوس من التراث الصيني الماضي عاداته وتقاليده وموروثه الحضاري ما يعزز فكرته عن ذلك الناموس الخلقي الطبيعي من جهة وما يعطي لهذا التراث من شرعية مطلقة بذاته من جهة أخري مؤكداً في هذا الاتجاه علي فكرة الأمة الواحدة وجعل من شخصية الملكين "ياو" و"شون" دون أن يربط ذلك بفكرة الألوهية رمزاً لقدسية هذا الماضي ومستودعاً لمطلق الفضيلة وان أفعالهما وأيام حكمهما تمثل كل ما هو سديد وصالح في تاريخ الصين وحاضرها.
الفكر الإسلامي
بهذا المعني لم يكن ممكنا فصل الكونفوشيوسية عن الشعور القومي الصيني أو الوعي الفكري الصيني بحيث كان الاشكال قد بدا واضحا أمام أئمة الإسلام في الصين: كيف يمكن التعامل مع هذا الوعي وفق طروحات عقائدية جديدة؟ وفي الاجابة تميز الطرح الفكري الإسلامي بأخذه بطرف الحوار مع الفكر الكنفوشيوسي السائد ونجح علماء المسلمين في كسر كل حواجز الاختلاف أو الخلاف. وساهموا في المقاربة بين سماحة الدين الإسلامي والمناخ الثقافي العام للصين. حتي إن كتاب المفكر الصيني المسلم الكبير "ليو تشي" فلسفة الإسلام قد حظي بشرف التقديم له من نائب الامبراطور نفسه الذي كان يمثل أهم شخصية فكرية كثيرا ما تعرضت العقيدة الكونفوشيوسية العريقة لمحاولات التقويض من طرف البوذية والتاوية ولكن ها نحن هنا مع كتاب "ليو تشي" هذا نجد أنفسنا مرة أخشري علي هدي حكمائنا القدماء "ياو" و"شون" و"كونفوشيوس" وعلي هذا النحو فان كتابه رغم انه جاء ليقدم عقيدة الإسلام انما هو يضيء في الحقيقة مذهب الكونفوشيوسية.
هذا معناه ان الإسلام قد ذهب في الصين نحو الكونفوشيوسية ونجح في التعامل معها وكسبها إلي صفه وهذا يعود إلي طبيعة الدين الإسلامي نفسه. ومصداقية إيمان الرجال والنساء الذين حملوا لواءه حتي هذه البقاع البعيدة والذين نجحوا في أن يشرحوا لأهل الصين بأن تعاليم كونفوشيوس الأخلاقية تكاد تكون بعينها ما نادي به الإسلام.
الدين الحق الطاهر
علي هذا الأساس وجد الإسلام مكانه في هذه الأرض وبسط وجوده فيما يشبه الاستراحة والإراحة لأنه صار علي نحو ما مصدراً لمدد روحاني خاص كانت تفتقر له الثقافة الصينية. الأمر الذي دفع الامبراطور الصيني نفسه عام 1335 ان يصدر مرسوما امبراطوريا يعترف فيه بالدين الإسلامي ويسميه "الدين الحق الطاهر" أو "تشينغ تشن" باللغة الصينية وهو التعبير الذي يطلق علي الإسلام حتي اليوم ونراه منتشرا في كل أرجاء الصين.
وذكر المؤرخون ان اليهود أنفسهم الذين كانوا متواجدين في الصين قد تحولوا بدورهم إلي الإسلام. وهي الحقيقة التي أذهلت كل الدراسات العلمية التي تعرضت لهذه الظاهرة أو التي حاولت استقصاء أحوال اليهود في الصين ولماذا كان تحولهم عن دينهم؟ وسجلت الوثائق ان ما حدث مع يهود الصين يمثل نموذجا فريدا لكيفية تحول اليهود إلي الإسلام باعتباره امتداداً طبيعيا لما دعا إليه دينهم وهو ما حدث مع النسطوريين أيضا.
وكان بعض المبشرين قد وصلوا إلي الصين في هذا العهد وتواصلوا مع المسلمين هناك دون أن يعرفوا بأن هؤلاء الصينيين كانوا يدينون بالدين الإسلامي وذلك كما تكشف عنه المراسلات التي كانوا يتبادلونها مع روما حيث كانوا يصفون شعائر المسلمين وحرصهم علي إقامة الصلاة في المساجد وغير ذلك من العبادات بأنه أمر جدير بالاحترام والتقدير.

أيها القدير حسن حامد
بارك الله فيك أيها الصحفى الشهم و صاحب القلم الحر
و الشاعر المتالق أيضا
مودتى و تقديرى
أخوك

بآرك آلله فيك آخي على هذآ آلطرح آلمتميز

طرحا رائع من صحفي متألق

مجهود تستحق التناء عليه

بارك الله بقلمك الراشد الهادف

تحياااااتي

بارك الله فيك اخى حسن
مودتى و تقديري

» مسلمون فى النرويج
» العالم كله
» العالم الان
» ام العالم ارض الدين
» اطول اسم في العالم