◄ ◄ فانتازيا صحفية ◄ ◄
===========
محمد خضر الشريف
===========
واستلقى رئيس التحرير على ظهره ضحكا !!◄ رئيس التحرير المخضرم وهو من جيل الأوائل وصانعي الصحفيين، وخبير صحفي وأستاذ جامعي مخضرم، وزامل العمالقة من أهل المهنة، وحاز قصب السبق في مهنته خبرة وممارسة وتدريسا في الجامعة، وإدارة لعدة صحف كانت كلها ناجحة بامتياز، وكان يومها رئيسا تحرير لصحيفة دولية، كنت أحد أعضاء تحريرها، استلقى على ظهره ضحكا، وهو يطالع في عنوان كتبته لموضوع اجتماعي في صفحة كنت أشرف على إعدادها يقول العنوان:" زوجي يتهمني بالخيانة من نابليون"!!
وبعلو صوته ناداني- مع أن مكتبه مواجه لمكتبي أراه ويراني وأسمعه ويسمعني - ياأستاذ فلااااان- يقصد شخصي المتواضع- فضلا تعالى.. وأتيته فوقف يصافحني ويضع في يدي ريالا سعوديا من الفضة الخالصة، وكان الريال أيامها يوازي خمسة وعشرين ريالا ورقيا.. وهو يقول: آسف تستاهل أكثر من هذا لكن ليس في جيبي غيره الآن... شكرته واحتفظت برياله سنين عددا حتى ضاع مني في الانتقال من مكان لمكان وبلد لبلد وسكن لسكن..
◄ أما رئيس التحرير - شبه التنفيذي- لصحيفة أخرى محلية- وهو مكلف ليس إلا- فكتبت ذات يوم عنوانا لحدث أشغل الصحف كلها وقد تفوق على عناوين الصحف المحلية المنافسة في اليوم نفسه كما شهد بذلك مجلس التحرير.. (( لن أذكر العنوان رغم اعتزازي به حتى لا يفهم من هو الشخص المقصود )) ..
وبالرغم من إشادة الزملاء بالعنوان وصياغة الموضوع بشكل محترف، إلا أن سعادته " استخسر" أن يكافئنني بريال فضة- مثل أستاذ أساتذته ورئيس رؤساء روسائه في المهنه- أو حتى ريال ورق، بل كافأني بخطاب خصم من راتبي، وججته خطأ مطبعي في كلمة داخل متن في موضوع آخر تافه لايستحق أن يذكره ولا يناقشني فيه، وكافأني بالخطاب دون استفسار مني مع ان الحكاية كلها مسؤول عنها قسم التصحيح والمراجعة وليس آنا..
◄الموقف الأول كان وأنا في السابعة والعشرين من عمري فقط وأتي هذا الموقف الثاني، بعد مضي سبع وعشرين سنة أخرى من عمري، أي وأنا تجاوزت الخامسة والخمسين من العمر !!
◄ لم أدهش من تصرف الأخير، لأنه أراد بذلك ألا يجعل لي عليه، ولا على الجريدة جميلا يذكر في جودة الصفحة الأولى التي خدمتها تطوعا مني وتجاوبا مع الحدث، وأراد أن يشغلني بالخطاب التافه أو يستفزني به.. ولم يكن ذلك في حسباني ولم آبه به كثيرا، وأمته غيظا بالتطنيش الجميل، واعتبار خطابه مكافأة جميلة، فقبلته، واحتفظت به، وأنا أتمثل بقول عمنا الكبير الشاعر المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص / فهي الشهادة لي بأني كاملُ
◄ فعلا الناس معادن حتى في عالم " صاحبة الجلالة".. والكبير النفس منهم يظل كبيرا في نفوس الناس- مهما علا منصبه وزاد جاهه- والصغير النفس منهم، سيظل صغيرا في نفسه ونفوس الناس، مهما علا منصبه أو توهم أنه علا جاهه.
==================
◄ ◄ من كتابي" فانتازيا صحفية"◄ ◄
==================