سميح القاسم

رحيل متنبي فلسطين
وشاعر الشمس
بقلم عاطف الجندي
بالرغم من كثرة الشعراء في الوطن العربي على امتداد تاريخه عبر أزمان مختلفة فمن قبل المهلهل ابن أبي ربيعة والذي يقال بأن أقدم شعر قد وصلنا أو تعرفنا عليه هو شعره ، من قبل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية ، وحتى الآن وبوجود آلاف الشعراء فى كل مكان بالوطن العربي من العراق شرقا حتى سواحل الأطلسي غربا ، فهناك العديد من الأسماء ولكن تبقي بعض الأسماء بارزة كالنجوم المتلألئة تزين سماء الشعر كأسماء على سبيل المثال لا الحصر مثل: أصحاب المعلقات السبع والمتنبي والبحتري وابن الرومي مرورا حتى أحمد شوقي في العصر الحديث ، حتى نزار قباني ومحمود درويش وأمل دنقل حتى سميح القاسم .
وإذا تحدثنا عن سميح القاسم وهو أحد أهم الشعراء العرب والفلسطينين والمولود في 11 مايو 1939 بمدينة الزرقا بالأردن لعائلة درزية وكان والده يعمل ضابطا وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة وعمل في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي.
وقد سجن أكثر من مرة ورهن تحت الإقامة الجبرية عدة مرات وهو شاعر غزير الانتاج فهناك سبعون مطبوعا تحمل اسمه وهذا كم هائل جدا من الإنتاج الأدبي لا يتحصل عليه سوى عدد محدد جدا من الشعراء والأدباء بصفة عامة .
وإذا نظرنا لدواوينه والتى تحمل أسماء مثل : مواكب الشمس / أغاني الدروب / إرم / دمي على كفي / دخان البراكين / سقوط الأقنعة / ويكون أن يأتي طائر الرعد / إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل / لا أستأذن أحدا .. وعلى امتداد سبعين إصدارا تتجلى شعرية وعبقرية هذا الشاعر فى قصائده المتنوعة السياسية منها والعاطفية ولكن تظل قصيدته " منتصب القامة أمشي ، مرفوع الهامة أمشي في كفي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشي وأنا أمشي وأنا أمشي " من القصائد التى عبرت بصدق عن قضية فلسطين والفلسطينين في كلمات بسيطة وعدد أسطر قليل وعندما غناها مارسيل خليفة زادت شهرة وعرفها الجميع ورددها الكبار والصغار .
وأيضا قصيدته التي يقول فيها: "تقدموا ..تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم فكل سماء فوقكم جهنم... وكل أرض تحتكم جهنم".
وقصيدته عن السد العالي والتى تعاطف معها الشعب المصري والتي يقول في مطلعها " أسمعُهُ.. أسمعُهُ!
عبرَ فيافى القحط، فى مجاهلِ الأدغال
يهدرُ، يَدْوى، يستشيط
فاستيقظوا يا أيها النيام..
ولْنبتنِ السدود قبل دهمة الزلزال
تنبهوا.. بهذه الجدران
تنزل فينا من جديد نكبة الطوفان! "
وحقيقة لقد تعدى شعر سميح القاسم القضية الفلسطينية ولم يقف عندها وحدها ، ولكنه كتب عن مصر وقضاياها وعن أفريقيا وثوار فيتنام ولم تكن قصائده تقريريه بهذا المفهوم ولكنها مالت للتجريد أيضا والتجريب ، وتنهل من التاريخ في مسيرة شعرية تمتد لحوالي خمسين عاما مع الإبداع
وقد حصل سميح القاسم على جوائز عدة منها على سبيل المثال لا الحصر غار الشعر من أسبانيا ، ومن مصر حصل على جائزة نجيب محفوظ كما حصل على جائزتين من فرنسا وجائزة البابطين من الكويت وجائزة الشعر الفلسطينية .
ومن الألقاب الكثيرة التى أطلقت عليه سنجد : سيد الأبجدية / شاعر المقاومة العربية / قيثارة فلسطين/ و متنبى فلسطين / شاعر العرب الأكبر / الشاعر القديس /الشاعر المبدع، المتجدد دائما والمتطور أبدا / و مغنى الربابة / وشاعر الشمس .
وكلها تدل على عبقرية هذا الشاعر وعرفانا بمكانته الأدبية وخاصة عندما تأتي هذه الألقاب من كتاب وشعراء ونقاد كبار في وطننا العربي .
وكتب عنه كبار النقاد فى الوطن العربي وتنوعت أعماله بين الشعر والنثر والمسرحيات حتى وصلت لسبعين عملا .
رحم الله الشاعر الكبير والذي لحق برفيقي دربه محمود درويش وتوفيق زياد هذا الثالوث الذي كتب واشتهر عن القضية الفلسطينية وبذلك تفقد القضية الفلسطينية الفارس الثالث والذى دافع وكتب عنها وحارب المغتصب بقلمه .
عاطف الجندي
شاعر وناقد