123 اسعاف

123 اسعاف

تمتد اصابعه تبحث في مخبأه عن الأقراص ...
يتلقاها كعاشق لقي معشوقه بعد غياب ... يدسها في جيوبه بحرص ...
يتجه ناحية باب غرفته ... يده تلمس المقبض ...
لكن ومضة سريعة في أصابعه تجعله يرتد ثانية ويده الأخري تنزع تلك الحلقة المعدنية الفضية التي تزين أصابعه... يبتسم في تهكم و هو ينظر لصورتها ... تحنقه ملائكيتها ..
يتذكر كلماتها مرغماَ ...
عن الحب الذي لا يمكن أن يكون جبراَ ... و رغم ذلك أحبته ...
رغم الفارق الشاسع بين شخصيتهما ... لكنها فعلت ...
و هي تستعد لبدء طريق طويل و شاق لكي تصل ... إلي قلبه .
يرفع دبلتها لأعلي ... تكاد تلامس السقف ... قبل أن يتركها تتهاوي أرضاَ ...
يعود ليتأكد من وجود أقراص المخدر و باقي مستلزمات متعته المحرمة ... يملأ بها جيوبه ....
في الوقت نفسه الذي يفرغها من كل ما يذكره بأنه مرتبط بها ...
و علي ذكرها يأتي عبيرها ... يرن هاتفه ... يطالع رقمها ...
قبل أن يلقي بالهاتف نفسه أرضاَ ليجاور دبلتها ... و يخرج من درج مكتبه هاتفاَ محمولاَ أخر ... يمسح بيده بعض الأتربة التي تراكمت عليه ... و ...
لن أسمح لك بلمسي قبل أن نتزوج ... نعم أنا أحبك و أذوب عشقَاَ ...
لكن إما أن يكون كل منا طريق الأخر للجنة ... أو لن أسمح لك بأن تكون طريقي للنار .
يضرب الأرقام بثقة و إبتسامته الساخرة تتسع...
لم يستغرق وقتاَ ... مازالت مهارته تحمل رونقها ... إتفقا علي المكان و الزمان ...
و السعر أيضاَ ... و بقي التنفيذ ...
يتذكر أصدقاؤه ... و كيف كانوا يتخذونه قائدا لهم .
عندما ينتابك الجوع فلن يشبعك مراقبة رجلا يأكل ...أبحث لنفسك فوراَ عن فتاة تلتهمها ...
يبتسم و هو يغلق باب شقته خلفه ...
و نسمات الحرية تداعبه فيفتح لها أزرار قميصه رغم برودة الجو ...
يتجه لسيارته التي أصر علي طلاءها بعدة ألوان لا تعبر عن شئ مفهوم ...
تلاحقه كلماتها :
- أتعلم ... عندما تشعر القطة بأنها أخذت شيئَا ليس من حقها فأنها ...
يحاول مقاطعة افكاره ...
- ما جدوي أن تخسر دينك من أجل دنيتك ؟
ينفض رأسه في قوة ... لا يريد أن يسترجع كلماتها ... لا يريد ...
ينطلق بسيارته ... يستجمع تركيزه علي الطريق ...
يندهش من طريقة قيادته التي صارت مختلفة تماما منذ أن أرتبط بها ....
لا سرعة زائدة ... لا انحرافات مفاجئة ...
و يتذكرها ...
يخالها بجواره تلملم حجابها و هي تطالبه بخفض السرعة فوراَ ...
و يتذكر محاولاته لإثبات مدي إتقانه للقيادة ...
يعاوده الشعور بالحنق ... يهم بزيادة السرعة ...
لكن مشهد أخرعلي الطريق الموازي أستحوذ كل تفكيره ...
رجلاَ عجوزاَ يهم بعبور الطريق الخالي تماماَ ...
قبل أن تنشق الارض و تلفظ سيارة أغرب من سيارته لوناَ ...
لم يشعر العجوز بشئ ... لم تكن لديه فرصه ليتألم ... كومته السيارة ...
قبل أن تستكمل طريقها بنفس السرعة المجنونة كأنها لم تفعل شيئاَ ...
أو كأنها تبحث عن ضحية جديدة ...
أوقف سيارته بسرعة ... و ذكرياته تعود لتلك الأيام عندما كانت لا تثيره هذه الأمور ...
عندما كان شعاره الذي يعلمه لأصدقاءه :
فليمت من يمت ... المهم أن أحيا...
تجمع الناس سريعاَ حول العجوز ...
أحدهم يقول بأنه مازال حياَ ...
لكن يحتاج للذهاب إلي المستشفي ...
دماؤه تملأ المكان ... البعض يتمتم خوفاَ من مساءلة قانونية لا يعرف كيف ستنتهي ...
ينظر للدماء ... و ذكرياته تفرغ عقله من أي شئ سواها ...
يشعر بها بجواره تداعب أصابعه بأظافرها كما أعتادت ...
لأول مرة يشعر كم كانت تريده ...
يؤنب نفسه أنه لم يشعر بذلك إلا الأن فقط ...
ينظر للجسد الراقد أرضاَ ...هل سيأتي عليه يوماَ و يكون مثله ؟...
تصبغ الفكرة عقله بالكامل ...
و يده تمتد ليفرغ كل جيوبه ...
يرن هاتفه ...
يري رقماَ لم يمر وقتا كثيراَ لكي ينساه ...
يضغط علي زر رفض المكالمة بحدة ...
يتأكد أن جيوبه قد صارت خالية تماماَ من كل شئ ...
قبل أن يعاود النظر إلي جسد العجوز ...
يغمض عينيه قليلاَ و يعانق بها منظر الدماء ...
قبل أن يطلب من الناس حوله معاونته في نقل الجسد المصاب إلي سيارته ...
يترددون قليلاَ كمن لا يصدق ...
تتغلب بضعة ذرات من مشاعر كادت أن تختفي فيسارعون في نقل المصاب و أحدهم يحزم قراره بمصاحبته و ليكن ما يكون ...
ليجد واحداَ أخر ... و أخر ... تمتلئ بهم السيارة فجأة ...
هذه المرة يزيد السرعة بحرص ...
يركز في قيادته أكثر مما يفعل في كل مرة ...
و أمامه ترتسم صورتها كأنها تفسح له الطريق ...
و تبتسم .