ربما لم ارك من قبل ... لكنني واثقا انك رأيتني كثيرا ... ربما و انت تسير علي كورنيش النيل الملوثة مياهه بحثا عن فكرة ما في عيني فتي و فتاة يسيران متشابكي الايدي في محاولة منهما لكي يعيشوا هذه اللحظة بكل جمالها و هما متعمدان تجاهل تلك الكلمات الرمادية مثل المصير و المستقبل ... او ربما جلست يوما علي قهوة شعبية بجوارك بعد يوم طويل من بحثي عن عمل – اي عمل – و لااجد فأطوي شهادة تخرجي تحت حذائي ... لأنظر امامي لميكروباص تخلي سائقه عن آدميته و يريدنا ان نفعل مثله فنسمع ذلك الضجيج لا لشئ الا لتغييب العقل و الهروب من الدنيا كلها و مطالب العيش فيها ... و رخامة ضباط المرور عليه فيظل يفكر في الكمين القادم و كيف سيفلت منه و تفكر انت هل ما يفعله ارحم من انحرافه مثل سابقيه ... فتجد الاجابة في سعر البنزين الذي غلا سعره عشرة قروش للتر الواحد , فإزدادت اجرة السيارة كلها خمسة و عشرين قرشا لكل راكب .
او ربما و انت تهرب من كل هذا الاستغلال لتركب اي اتوبيس نقل عام فتجد كوعي قد التصق برقبتك من الزحام ... فتحاول التملص و الابتعاد قليلا قبل الاختناق فتصطدم عفوا بفتاة لا تعلم كيف سمح لها ابوها بالخروج من المنزل بملابسها تلك ... او كيف سمحت هي نفسها لنفسها بالانحشار في اتوبيس مزدحم و هي ترتدي ما ترتدي ...ما لا ترتدي ... او تحرشها بك فتشكر تعاون اباها الذي لو رأك امامه طالبا يدها في الحلال لجعلك تكره اليوم الذي فكرت فيه في الزواج او الصفقة ... و هي الكلمة الوحيدة التي ستدور في ذهنك بعد ان تسمع طلباته ال ...المتواضعة جدا .
الغريب انك لا تعلم هل تتعاطف مع البنت بسبب تأخر سن الزواج و انتشار العنوسة في البلاد ام تنقم عليها محاولاتها استغلالك ... ام تنشل منها اذ بعد كل ما تفعل يصحو ضميرها فجأة لتطلب منك ان تكون مؤدبا !!... أو تنتابك روح الشهامة محاولا صد اي تحرشات بها حتي تهبط بسلام تاركة سبع البرومبة خلفها فخورا بنفسه ... مستكملا خناقاته مع بقية الركاب بسببها .
او ربما و انت تبحث في اي كافي نت عن اخر اخبار الدنيا فتجدني اشاركك البحث و نحن نتجاهل ما حولنا من شباب لم يجدوا في احدث علوم العصر الا متعلقات كلمة شهوة , وبدلا من التفكير في كيفية استغلال هذه النعمة كما يجب نراهم ادمنوا التفكير بنصف جسدهم السفلي.... و لم لا و كل وسائل الاعلام حولنا سواء المرئية او المسموعة تحاول اثبات ان المرحوم " جوبلز" لم يمت ... اذ ان كل المسئولين عندنا " جوبلز "!...و بسبب التوجه الاعلامي تجدني احتضنك فرحا بعد هدف مصري في مباراة مع فريق ميكرونيزيا العظمي ... مع الاشارة لروح الانتماء والي معدن اللعيبة الذي لا يظهر الا وقت الشدة ... نسيت اقول ان الماتش ودي ... و حتي لو كان المقصود بوقت الشدة حادثة قطار فلابد و ان تشيد بمن استطاعوا التحكم في شعب ميت لمدة ربع قرن ( و في قول اخر 54 عاما ) بنجاح باهر ... و مازالوا يبذلون كل جهدهم لكي يظل هذا البلد ميتا ...
انا واحد من ملايين لم يجدوا حتي الكلام المناسب لوصف حالهم ... اتخنقنا ... متنا ... لكننا مدفونين فوق الارض ... انا واحد من كثيرين عاني و مازال من فرش الطريق امامه ورودا و احلاما جميلة ... لكن ما ان وطأت قدمه اوله حتي انقلبت الورود اشواكا ...
واحد يعجب مما يحدث له في وطنه من اشياء تجعله كارها لهذا الوطن ... ويحتال احتيالا كي يهجره لاي بلد اخر و يرفض اي حديث عن الانتماء و عشق تراب هذا الوطن الذي خلا من قدوة حقة و ندرت فيه المثل و المبادئ كأن الحياة تلطمنا لنفيق و نصطدم بأن القدوة التي انبهرنا بها ... مجرد بشر . ..علي كل حال ... مرحي بحفر الجبل بمعلقة ايس كريم ... مازال الوضع قاتما ,... الي متي ... لا اعلم ... "ما هو ده اخر التعليم في بلدنا ... ان نتعلم قول عبارة ...لا اعلم .