أعلم جيدا أنها ستسير من هذا الطريق كعادتها , و عيني تتابع سيرها كصلاة صامته تتأمل نظرتها الطبية التي زادت وجهها الجميل جمالا كأنه بدرا سطع في ظهر أضاءته ألف شمس من تلك الشموس الإغريقية التي لا تخبو أبدا ..لم اجرؤ أن اعترف لها بأني أحبها ... و كيف لي أن أفعل ؟! امثلي يحب؟! امثلي له مجرد الحق في الحياة؟! كيف أتمنى ما ليس لي طاقة به ؟! كيف أرجو حبها و هي كما أراها منطلقة كأريج زهرة تفتحت في صبح ربيع منعش ,و أسخط على القدر الذي يمنعني من حبها ... و أسخط على قدمي المشلولتين التي تمنعاني من أن أهبط إليها كي أقول لها مكنونان صدري ... و لكنه القدر ... ذلك القدر الذي جعلني أستسلم له دون اعتراض مسلما أمري لله محاولا التغلب على تلك الإعاقة بتفوق ما , وهكذا صرت أعظم رساما و صارت لوحاتي من اشهر اللوحات و أكثرها مبيعا...
ابتسمت الصحفية الشهيرة في هدوء و هي تعيد وضع شريط التسجيل في الجهاز قائله:
_ نعم يا سيدي ... لقد صرت حقا أشهر من نار على علم ... لذا أتى ألي الجميع و أولهم أنا ... أتعلم أن رئيس التحرير لم يجد أفضل و لا أبرع منى لإجراء الحديث معك؟!
ابتسمت في هدوء ناظرا إليها تاركا ذكرياتي تلتهم و تنهش أحشائي نهشا و نبضات قلبي تتسارع أنا أحاول السيطرة عليها بصعوبة كلما تخيلت وقفتي في الشباك منتظرا إياها كل يوم ... حتى تخرجت و ارتحلت مع أسرتها لمكان بعيد فشل في إعلان قتلى ...و انتهى اللقاء سريعا كما تنبأت و أخذت تلملم أشياءها , وقبل أن ترحل تاركة إياي في وحدتي سألتني:
_ سيدي ... أعلم أن ما قلته عن محبوبتك صار في ما مضى الآن ... و لكن ... هل لي أن أعلم بسعيدة الحظ التي نالت قلبك؟!
تفجرت مشاعري أخيرا و أنا أقول لها:
_ قد تعدين هذا حلما ... لكنه قدري الذي سخطت عليه يوما دون أن أدرى ماذا يخبئ لي بسبب عجزي...
محبوبتي التي و لا زالت محبوبتي هي التي أتت إلى لتجرى معي الحوار الآن .
و اسقط في يدها معلنة انتصارا جديدا للقدر .