]center]زخات برد
انطفأت ثلاثون شمعة أو يزيد من عمري والحال لا يزال هو الحال ..
تتقلب ساعاتي على جمر ليل عاف النوم وكره.تترجل عيناي من مقلتيهما ،تفتح مقلتي زوجتي، تفترشهما لتحتمي بها من صخب إيقاع غطيطها النشاز،لكن ،يزداد نوم زوجتي عمقا ، وتزداد أبواق السيمفونية ضغطا على أوتار سمعي وشُرُفَاِت ليلي ،و يلبس طنين العتمة والحنق أعماقي..أتحسس فراشها المخملي بيد زلزلتها ذبذبات الرعاش اللعين،فيلفح راحتي دفء جسد لطالما سقاني من متع الحياة جرعات، تزداد وتيرة الشخير كلما تحسست نحرها،فيطرق مخيلتي هاتف :
-فيم ترددك على نحرها ؟
في فورة الغضب ،أهش عني نبراته وأتقدم شاهرا يدي الاثنتين تجاه عنقها .تتعالى ذبذبات الشخير ..يزداد حنقي .. يأبى الشخير إلا أن يتفنن في تغيير وتيرة نبراته ،ويأبى فتيل حنقي إلا أن يزيد اشتعالا ..أحاول مرة، اثنتين، وثلاث. وأخيرا أستجمع قواي و أهجر الفراش .أنزوي في برج من أبراج روحي ،أتأمل وضعا بات جزءا مني فأشعل لفافة من حقدي أتركها تحترق في برود تام وأتمنى لو أني أقدر !..وضع حد لمعاناتي فأجد لسان حالي يقول : هل حقا أستطيع خنقها في برود تام ...؟
وفي غمرة الصراع مع النفس يرتفع الغطيط مجددا ،وترتفع جرعة الغضب،تنقلب زوجتي على جانبها الأيمن، تجاهي تماما .أتأمل وجهها الصبوح و أستحضر كل حسناتها بما في ذلك صبرها على ضيق ذات اليد ومعاقرتي الخمر ووكزي لها كلما عنّ لي ذلك لم تجرحني يوما ..ما عدا يوم قالت : "ما رأيت منك خيرا قطُّ" .
ولهذا تنحني هامتي في انتظار مرور العاصفة وآوي إلى حنايا أضلعي أراود نفسي عن هواها من جديد فأهرع إلى مخيلتي أجثت أفكارا نمت بحجمي وحجم سنين العشرة الثلاثين النائمة في حضن أرقي،أنتف وأرمي في أنحاء أعماقي استعدادا لتلقي جرعة صبر زائدة .
وذات إغفاءة ،يلبسني الذهول عندما ألمح شيئا يلتقط في لهفة أفكاري المبعثرة , ,ينفث فيها روح الحقد والتمرد من جديد ويحاول جاهدا حشو رأسي بها.
بعد صراع مرير ,يتضح أنه "اللا شعور"جاء يدفعني إلى قتل في برج الذاكرة للتخلص من زوجتي ،يناولني سيفا حادا لأفصل الرأس عن الجسد. بين الإقبال والإحجام ,كانت زخات برد تلسع جسدي فأنتفض كطير جريح,أصرخ بصوت مبحوح لا يكاد مداه يتجاوز لساني ,وأتمنى لو أن أحدا يخلصني من الكابوس اللعين و يلفني بلحاف يشعل دفئي ..
[/center]