الندوة

موضوع: الندوة الإثنين سبتمبر 09, 2013 2:53 pm

السادة الحضور
بسم الله الرحمن الرحيم نفتتح الندوة ، وهى مخصصة لإلقاء الضوء على المجموعة القصصية الجديدة للأديب الصاعد ، فخر مدينة الإسكندرية ، والتى تم نشرها تحت عنوان " الغوص فى الذاكرة " ، نلك التى قد قامت بتقديمها للقراء والمجتمع الأدبى الأستاذة الدكتورة " حورية البدرى " ، ولفتت الأنظار على الفور حيث تم طباعتها أكثر من مرة فى فترة قياسية .

ونرحب هنا بالأديب الموهوب الأستاذ / محمود حنفى الغواص ، والسادة الأساتذة الأدباء والنقاد الذين تشرفنا بحضورهم فى ندوتنا هذه ، ونخص بالذكر الأستاذ / عبد الوهاب محمود الخياط ، الأديب والصحفى المعروف ، والأستاذ / حمزة عبد المولى بركات ، الناقد الأدبى اللامع ، والأستاذ / عبد المجيد مصطفى الشعلان ، الأديب والقصاص الشهير ، كما نرحب بتلك النخبة من التقاد والأدباء والمهتمين بهموم الأدب فى مصر الذين حرصوا على الحضور لمتابعة الندوة .

وسوف نبدأ الندوة بإذن الله ، بمحاضرة تحليلية للكتاب يلقيها الأستاذ / حمزة عبد المولى ، يتبعها كلمات من السادة النقاد المدعوين ، ثم كلمة الأستاذ / محمود حنفى يعلق فيها على كل القضايا التى أثيرت ، ويعقب ذلك إستراحة اتناول الشاى ، يليها مناقشة مفتوحة يجيب فيها الأستاذ / محمود حنفى على كل ما يعن للحضور طرحه من أسئلة .

إلتفتت الأنظار للأديب المحتفى به ، فشعر بنوع من الإرتباك ، لكنه تمالك نفسه وحاول أن يتظاهر بالثقة ، ثم إلتفت الحضور للأستاذ / حمزة عبد المولى وهو يتجه للمنصة بخطوات هادئة ، حبث صافحه بحرارة من قام بإلقاء الكلمة الإفتتاحية ، ثم ترك له المنبر ، فتفرس فى وجوه الحاضرين لبرهة ، وأخرج قصاصة صغيرة من جيبه ، بينما كان يلبس نظارة القراءة ، ساد صمت تام فى القاعة قبل أن يقول :

شكرا للأستاذ عبد المحسن على التقديم والحفاوة ..
موضوعنا اليوم هو عن مجموعة قصصية ، هى الإنتاج الأول للأستاذ الكاتب ، ولقد لفتت نظرى فور صدورها ، بصفتى متابع لكل مايصدر من إبداعات تحرك الركود فى المجتمع الأدبى ، والحق لقد تنبأت على الفور بأنها سوف يكون لها شأن ما ، برغم أن كاتبها مجهول الإسم ، كان كذلك فهى أول أعماله ، لكننا – معشر النقاد – القادرون على التمييز بين الغث والسمين ، بغض النظر عن إسم الكاتب ، أو منزلته فى الوسط الأدبى .

والمجموعة ، كما هو واضح لكل من قرأها ، تنتمى للأدب الرمزى البسيط ، بمعنى أن القارىء يتبين على الفور مقصد الكاتب دون عناء ، فهى مجموعة قصصية تصنف تحت بند الأدب السياسى ، إختار فيها كاتبنا أن يرمز للعالم العربى بأبى قير ، بالنظر إلى أنها شبه جزيرة ، يحيط بها البحر من ثلاث جهات ، والبحر هنا يمثل العالم الخارجى ، الذى يتأثر به العالم العربى رغما عنه ، فهو تارة غاضب ، وتارة راض ، والمجتمع العربى ، رمز له هنا بالصيادين الذين ليس لهم سوى البحر يعتمدون عليه فى معاشهم ، ويخضعون لغضبه حين يغضب ، ويتقبلون أن يبتلع بعضهم ويفتك به ، وهم يعيشون على حد الكفاف ، ولا يستطيعون الإستغناء عن العالم المحيط ، ولقد أعجبنى التشبيه ، إذ إختار المؤلف أن يكون العالم العربى شبه جزيرة كى يرمز للجهه الرابعة البرية ، بانتماء العالم العربى لجذوره الإسلامية ، ولدول العالم الثالث ، فى إشارة رائعة للأمل فى الإعتماد على جذورنا يوما ما ، بحيث نخف تدريجيا حاجتنا للإنصياع لجبروت العالم الغربى ، البحر !!

كان الأستاذ / محمود حنفى جامد الوجه ، سرح فى أفكاره ، وفقد تركيزه فيما يقول الناقد ، تأمل ثقته الشديدة بنفسه ، وطريقته فى الحديث ، كما تأمل بذلته التى عفا عليها الزمن ، وقماشتها الكاروهات ، وياقتها العريضة ، حاول أن يتذكر متى كان ذلك الموديل سائدا ، أكان فى نهاية الستينات ، أم منتصف السبعينات ، أفاق من تأملاته على همهمة تسرى بين الحاضرين ، وقد فرغ الناقد من كلمته ، وانسحب فى زهو إلى كرسيه ، بينما عاد الأستاذ عبد المحسن للمنصه ، يشكر الضيف على تحليله الرائع ، ويدعو الأستاذ / عبد الوهاب الشعلان للحضور وإلقاء كلمته ...

كان فى صوت الأستاذ / عبد الوهاب رنة غيظ حين تكلم ، لم يدر صاحبنا لها سببا ، لكنه حين أنصت له قليلا ، أحس أنه غاضب لأن الاستاذ / حمزة ، على مايبدو قد سبقه فى الكلمة ، وقال بعضا من الذى كان ينوى أن يقوله ، قال :

أتفق تماما بالطبع فيما ذهب إليه الأستاذ / حمزة ، فالقصة بلاشك تنتمى للأدب السياسى ، ولقد تعرض فيها الكاتب لرأيه فى جامعة الدول العربية ، والتى رمز لها بالمقهى المجاور لحلقة السمك واختار لها إسما كوميديا فى إشارة منه إلى عبثية وجودها ، كما تعرض للأمم المتحدة ، والتى رمز لها بجزيرة وهمية بعيدة سماها جزيرة غرو ، كما تعرض لعلاقة مصر بالمملكة العربية السعودية ، ورمز لهما بصخرتين على الساحل أسماهما ألأختين ، يتكسر عندهما البحر ، فى إشارة إلى أن العلاقة بينهما هى علاقة أخوة لا تنفصم ، وأنهما ، وحدهما ، الأمل فى مواجهه قوى الهيمنه التى تحاول النيل من أمتنا العربية ،،

لكننى هنا أود أن أتطرق لأسلوب الكاتب ، وهو فى رأى سبب النجاح التى صادفته المجموعة القصصية ، فالكاتب هنا يلجأ للرمز متأثرا إلى حد بعيد بإسلوب هيمنجواى ، وكنا نود لو اتبع صوت قلمه وحده ، كما نجده يستعير الكثير من تعبيرات بلزاك ، وطريقة السرد الخاصة لديه ، هو بالتأكيد قد خرج علينا من عباءة جوجول ، ولكن بروح سكندرية أصيلة ،، تشبه الروح المصرية لأديبنا الكبير يحيى حقى .
أقول للأستاذ / محمود حنفى ، محاولتك الأدبية لا بأس بها ، على إعتبار أنها الأولى ، وأنصحك أن تخفف من تأثرك بكل الكتاب الذين قرأت لهم ، فلابأس أن تقرأ للعظماء ، لكن بجب أن تختزن ماتقرأه ، وتعزله تماما عن إبداعك ، حتى يكون لك أسلوبك الخاص فى الكتابة ، وشكرا لك ...

فوجىء الحضور بشخص يقف دون إستئذان ، ويخاطب الأستاذ / عبد الوهاب بحدة قبل أن يغادر المنصة

- يا أستاذ عبد الوهاب ، لقد رمز الكاتب للدول العربية بشبه جزيرة أبى قير ، وأختلف معك فى أنه أراد الرمز لمصر والسعودية بصخرتين فى الماء ، والأستاذ الكاتب حاضر معنا والحمد لله ، ونستطيع سؤاله ، أما كلماتك عن أسلوبه ، فأنا لا أرى البته أى شبه بينه وبين بلزاك ، اللهم سوى مراوحته بين الماضى ، و الحاضر فى سرده ، ولقد قسوت عليه فى نقدك ، فليس هناك من بأس فى أن يتأثر بالكتاب الذين قرأ لهم ، كالنحلة تمتص رحيق الأزهار ، لتخرج من جوفها عسلا شهيا .

نظر له الأستاذ / عبد الوهاب الشعلان بدهشة ، سرعان ماتحولت تعبيرات وجهه لنظرة إحتقار ، عاد للمنصة وقد وجم الجميع ، تريث هنيهة ثم قال :
- عجيب كلامك يا أستاذ ، تنكر على قولى تأثره ببلزاك ، ثم تؤيد ماذهبت إليه من أنه متأثر بأسلوبه ، وأنا مندهش جدا من محاولتك إثبات خطأ تحليلى عن طريق الإستشهاد بالأستاذ الكاتب ، لو كان الأمر كذلك ، فما فائدتنا نحن النقاد ، الناقد ياسيدى هو الذى يستقرىء ما بين سطور النص الأدبى ، ويصل لنتائج ربما لم تخطر على خاطر الكاتب حين كتب ، لكنها بالتأكيد تدور فى لا شعوره ، وإلا ، معذرة ، كان على كل كاتب أن يرفق مع إبداعه مذكرة تفسيرية تشرح مقصده ، وعلينا نحن النقاد أن نبحث عن مهنة أخرى .

نزل من على المنصة فى كبرياء بينما سرت فى القاعة همهمة إستحسان من أغلب الحاضرين ، إمتقع وجه من تدخل بالحديث دون إذن ، فغاص فى مقعده دون أن ينبس .

توالت كلمات الحاضرين ، مابين مادح ومنتقد ، أخيرا تنبه الكاتب على صوت الأستاذ / عبد المحسن يدعوه لإلقاء كلمته ، عندما قام كان وجهه قد كسته الثقة ، وتعلوه إبتسامة خفيفة ، أمسكت الدكتورة / حورية بيده حين قام من جانبها ، وهى تناوله الكلمة التى كان قد أعدها ، ونسى أن يأخذها ، لكنه أخذ منها الورقة ، وكورتها يداه وهو فى طريقه للمنصة ، ألقاها فى سلة المهملات على الممر ، ثم إعتلى المنصة ، ونظر للحضور بابتسامة ساخرة :

- فى الواقع أيها السادة ، أنا أشكر وبشدة كل السادة الأفاضل الذين تفضلوا بالحديث ، لكننى أقول لكم جميعا ، أننى لم أقصد مطلقا أى إيحاء سياسى لما كتبت ، بل كنت أنقل صورة لمجتمع عشت فيه طفولتى وسنوات صباى ، أن قهوة أبوعجور ، هى مقهى موجود بالفعل قرب حلقة السمك ، ليس له أدنى علاقة بجامعة الدول العربية ، وجزيرة غرو ، هى فى الواقع جزيرة نيلسون المواجهه لأبى قير ، هذا هو اسمها كما نعرفه نحن أهالى أبى قير ، من قبل أن يأتى نيلسون وأساطيله الينا ، مادخل الأمم المتحدة بها ؟ لا أدرى ، وصخرة الأختين موجودة ، وهى مكان رائع للصيد ، وليس لها دخل بمقاومة المد الصهيونى ، وقوى الهيمنه . أما عم كريم ، منادى القرية ، فقد كان من أشهر الشخصيات ببوقه الذى كان ينادى منه على كل طفل تايه ، أو مباراة لكرة القدم بين إتحاد الصيادين ، ونادى المعمورة الرياضى ، ليس له أى دخل بالمد الإعلامى ، وسيطرة الفضائيات على توجهات وذوق المواطن ....
أما موضوع تأثرى ببلزاك هذا ، فأنا لم أسمع عنه من قبل ، ولو ذكر لى إسمه قبل اليوم لظننته صاحب محل بن بالإبراهيمية ، وأنا فى الواقع لم أخرج من عباءة جوجول هذا ، أنا خرجت من عباءة الحاج حنفى الشحات ، والدى البسيط الذى علمنى حب القرية التى نشأت فيها ، وعشق أهلها الطيبين، وجلابية الريس النحاس ، عمى الصياد الذى علمنى الصيد وفنونه، كما إننى للأسف الشديد مضطر للإعتراف بأننى لم أقرأ ليحيى حقى مطلقا ، وأرجوك يا أستاذ عبد الوهاب ، بلاش موضوع إستنباط المعانى التى تدور فى اللاشعور دى ، أخشى أن يأتى أحدكم ليقول أن جملة " ثم خلع ملابسه ، وألقى بنفسه فى أحضان البحر " ، تنم عن هلاوس جنسية كامنة فى اللاشعور بسبب طفولة الكاتب التعسة !!!!

وأنا فى الحقيقة لا أدرى لماذا أحس بأن من التزم الصمت فى تلك القاعة ، كان هو الأجدر بالحديث ، وأرجو أن تعذرونى على صراحتى ، وشكرا جزيلا لكم ..

صعد الأستاذ عبد المحسن للمنصه ، وقال بوجه بشوش واثق :

والآن بعد أن قال الأستاذ / محمود كلمته الأخيرة ، واختار بذكاء أن يمتنع عن تفسير البعد الرمزى فى مجموعته القصصية ، تاركا ذلك لتحليلات السادة النقاد ، ربما أملا منه فى أن تظهر قراءة جديدة لإبداعه ، أعتقد أنه يبحث عن رؤية جديدة إجتماعية مهملة بجانب الجو السياسى الواضح فى قصته والذى تبينه الجميع للوهلة الأولى ، وبعد أن أنكر فى تواضع جم ماهو واضح لنا جمبعا من إطلاعه الواسع على كتابات كل عظماء الأدب فى العالم أجمع ، مغلفا كلماته بأسلوب ساخر ليخفف من الجو الأكاديمى للندوة ، فشكرا له ، و أدعوكم لاستراحة قصيرة ، بعدها سوف يجيب الأستاذ على كل تساؤلاتكم ، فتفضلوا !!!

إنتحى صاحبنا بالدكتورة حورية وقال لها ضاحكا :

هوة إيه بقى اللى بيحصل دة ؟ عاجبك كدة ؟ دول مصممين على إن قهوة أبوعجور هى جامعة الدول العربية ، وبعدبن أنا سمعت عن عباءة جوجول دى كتير، وماعرفش لونها إيه ، وعندى إحساس كدة إن بلزاك أفندى دة محدش قراله حاجة أصلا ، حتى اللى اتكلموا عنه ، أنا مش قادر أكمل ، حاسس إنى مش حاقدر أبلع لسانى أكتر من كدة ، ماقلتلك بلاش موضوع نشر القصص دة ، تعالى ياشيخة نروح نتعشى عند قدورة ، أنا عازمكم ، حاسيبك دلوقت تعزمى بهدؤ كدة الإتنين الأساتذة المحترمين اللى عرفتينى عليهم قبل الندوة ، ونتسلل كلنا ونهرب من الشخصيات الكرتونية اللى مالية المكان .

إعتلى الأستاذ عبد المحسن المنصة ، وقال بصوت عميق :

يؤسفنى أن أبلغكم أن الأستاذ / محمود حنفى قد إضطر للإنصراف على عجل ، فقد علم أن طفله الوحيد قد أصيب بوعكة صحية شديدة نقل على أثرها للمستشفى ، وهو يعتذر لكم جميعا ، وكله أمل فى أن تتفهموا أسبابه ، ولقد حملنى رسالة لكم يبلغكم فيها مدى أسفه لما حدث ، وبسعادته الكبيرة بتلك الندوة الرائعة ، ولقد وعد بأن تلك الندوة سوف يتبعها ندوات أخرى ، ندعو له بسلامة طفله ، والسلام عليكم ورحمة الله ..

فى تلك الأثناء كان الأستاذ / محمود حنفى يجلس على طاولة فى مطعم السمك الشهير ، يقول بمرح محدثا الكتورة حورية وضيوفها :
بقى لما أقول " وابتلعت الطعم مرجانة كبيرة ، فأخذ الريس جلال يشد الخيط بمهارة وحنكة ، حتى إستخرجها من قاع البحر ، وألقاها بارتياح فى السلة الملقاة فى قاع القارب " ، أبقى باتكلم عن موضوع إستخراج البترول من قاع البحر ، ومباحثات الأوبك ؟؟ ، وسلة أسعار براميل البترول ؟؟؟
طيب والله لانا عازمكم على أكلة مرجان .
التفت للجرسون الواقف أمامه وقال له " عاوز تعمل لنا تلات براميل مرجان فى صينية ، قصدى تلاتة كيلو مرجان لخبطونى الله يجازيهم !!!"

موضوع: رد: الندوة الثلاثاء سبتمبر 10, 2013 11:16 pm

كأننى كنت ضمن الحضور ...
و كأنها حقا كانت ندوة ..
تقبل تقديرى لإبداعك و تميزك ...

موضوع: رد: الندوة السبت سبتمبر 14, 2013 7:07 am

الاستاذ / محمد عبد الغفار

أشكرك على مرورك الكريم ، وكلماتك الرقيقة

موضوع: رد: الندوة السبت سبتمبر 14, 2013 5:34 pm

أخى محمود
لا فض فوك
مرحبا بك وبإبداعك الجميل
تقبل خالص ودي

موضوع: رد: الندوة الأحد سبتمبر 15, 2013 12:07 pm

الأستاذ المحترم عاطف الجندى

خالص تحياتى وشكرى على كلماتك الرقيقة

» الندوة الشهرية للمنتدى
» تنبيه هام بالنسبة للمسابقة و الندوة
» فيديو الندوة الادبية التي اقيمت للكاتب أحمد مليجي