مترو

موضوع: مترو الجمعة مايو 17, 2013 10:43 am

نفس الأسئلة التي أسألها كل مرة حين تعانق قدماي الأحياء القاهرية وكأن شيئاً بداخلي يرفض التجانس معها ، حتى ولوجي المتكرر لمترو الأنفاق من محطة المظلات لم ينج هو الآخر من أسئلتي التي هرمت تكراراً :
- ما هو الاتجاه الذي يؤدي بي إلى محطة العتبة ؟
أعين العاملين بالمترو وألسنتهم ملت فكلفت أياديهم بالرد بإشارات مرتخية تعبر عن القرف ولا تدل بقدر ما توثق معرفة معتقة .
إلى الآن لم أتقن الوقوف في المكان الذي يؤلف بيني وبين عربات الرجال أو بالأحرى العربات المسموح للرجال بالركوب فيها فهي مختلطة ، ما زلت أسير بسياسة " بختك يا أبا بخيت" ، ولكن الحمد لله العربة التي خطبت ودي يبدو من وراء زجاج بابها رجال كثر .
قفزت بسرعة إلى الداخل بينما الرجال ينصرفون إلى العربات الأخرى التي بدت كحامل على مشارف الوضع فعزز ذلك في نفسي شعور بحسن تصرفي وبله الآخرين .
أخذت عيناي تتفحص العربة كالشرطي الذي يبذل جهده في كشف مسرح الجريمة ولا يحاول منعها من الأصل ، ما هذا ؟ العربة من الداخل كلها نساء ، إذن ما شأن هذه العصبة التي تعطي عنواناً آخر للعربة ؟ ، ظهر الارتباك على وجهي مع نظرات مستهجنة من بعض النسوة لرجل تبدو عليه أمارات الالتزام ، وراح خيالي يسرد لي ما يقلنه عني من انفلات وقلة احترام.
أما الزمرة التي تلتف حولي من الرجال فقد أجابوا على تلفتي وتساؤلاتي ببرود وملل :
- نعم يا سيدي حريمي ولكنا قلبناها مختلطة ، فانزل إن كان لا يعجبك .
ثم انقلب الحديث كالعادة ليصبوا الوبال على الثورة والرئيس وأخونة المترو ، وأنه لا شك أن زوجة الرئيس تدخلت لديه ليمنع أي تغيير يعيد للرجال حقوقهم المغتصبة حيث أصبحوا ثلث المجتمع بعد تفرد النساء بعربات خاصة بهن في حين أنهن يشاركن الرجال في بقية العربات وقد استمع الرئيس بلا شك لأوامرها فهو من الإخوان والإخوان خـ.....
وأصبحت أنا بلحيتي القصيرة التي تشبه بقايا نبات القمح بعد حصاده مرمى للمهاجمين من الجنسين .
قطع المترو محطتين انتقل خلالهما من نور المحطة إلى ظلام النفق فذكرني بالليل والنهار والحق والباطل والدنيا والآخرة ، ولم أستطع خلال المحطتين اتخاذ موقف فقد كانت التعليقات الساخنة من بعض الشباب تضطرني للحوار ، ولم يكن تأخري هذا ليدفع تهمة أخونة المترو بل صار دليلاً استخدموه ضدي في حرفية عجيبة حيث أنني كملتزم لم أنزل من عربة النساء وقد وقف المترو مرتين .
أحسست بإحراج بليغ ذكرني بوالد زوجتي رحمه الله حين أخطأ هذا الخطأ منذ خمسة عشر عاماً وتم تغريمه بمبلغ عشرة جنيهات ، وكيف اتخذها ابني البكر وسيلة تأريخ للأحداث فيقول :
حدث هذا قبل أو بعد ما ركب جدي في عربة النساء
المهم أنني وصلت لمرحلة من سخونة المشاعر أقسمت على نفسي نتيجة لها أن أنزل في المحطة القادمة مهما كان الأمر ، أبطأ المترو ليدخل المحطة ، فُتح الباب فنزلت بسرعة وهم مستمرون في حديثهم ، تنفست الصعداء ولكني لم أبرح مكاني قبل أن يعنفني شيخ كبير بصوت عال وإشارات يدوية تدل على الغضب إذ رآني أهبط من عربة النساء قائلاً :
لو أن الأمر بيدي لدعوت لك من يغرمك ولكن ثورتكم علمت العاملين بالمترو التسيب ، ألا تستحي من لحيتك .
........................................
..................

......................

موضوع: رد: مترو الخميس مايو 30, 2013 6:08 am

أخى خالد
أسجل مرورى و تقديري لحرفك الجميل
قصة تدور أحداثها فى مترو الأنفاق و ربما كانت اول مرة أقرأ قصة تدور بداخله
بلغة جميلة كتبت ايها الراقي
قصة أعجبتنى كثيرا