تصدع

ما أبهجها أياما نتمايل فيها ونتراقص مع ايقاع الخراب والكوارث لنخرج السيمفونية الكبرى التى إذا ما ترنمنا على موسيقاها باتت شفانا عاجزة حتى عن الصراخ، إنها سيمفونية القتل العذب والتى نحمل فيها آلات الصخب والهرج فنعزف على أوتار الوطن بألحان خادشة تستحى العين رؤياها وتجرفنا معها فى نيران الإنشقاق الدموى لتبدأ الأيادى الخفية دورتها العفنة من جديد، مستغلة ما وصلنا إليه من لغط فكرى، ومموليها كثيرون وآفة الغلبان الفقر والعوز والحاجة.
وفيها تكبلت أفكارنا بواقع أليم عنوانه الفوضى فتبعثرت كلماتنا وفرغت الأفواه وأصبحنا نتقلب الصفحات لمنظومة البحث عن التعاسة والتى بها انتزع الحزن ملامحنا بل صرنا على جدرانه نتشكل واستعظم الفكر أن يتريث فتقطعت أجسادنا أشلاء بل تمزقت أكبادنا ودهست فى الطرقات عنوة وخلفا لسوريا سارت اقدامنا على ألوحة من جمر نحمل لافتات النهاية .
وخجلا نرى الصورة تبدلت الألسنة العفيفة بالقبيحة، واتسمت الوجوه بالكراهية، وتسولت أفكارنا بمولوتوفيات العصر، فاحترق كل جميل بداخلنا.
وعلينا أن نفكر كيف كانت ثورتنا تحمل كل شهيد على أكتافها وفى طياتها أمل ونور تحاول جاهدة أن تتسلق الجدار المعتم لتنير الرقعة الظلماء فى حياتنا ولكننا تخاذلنا ونحن نفتح النوافذ على مصراعيها لنواجه رياحا سامة أطاحت بأجسادنا بعيدا فى مستنقع أسود كالح. لنعلن الحرب أول ما نعلنها على أنفسنا.
ومن يحب مصر؟ لم تتضح معالمه.. ربما تاه فى الطرقات مع التائهين، أو جلس محتميا بجدرانه من مخاطر آتية لا محالة، أو اختار الأيسر فحمل حقيبته وفر هاربا.
الأمل لا يزال بأيدينا، يتشبث بنا، ويأبى أن يفارقنا، يتوسل إلينا بالإلتفاف وتضييق الفجوة الكبرى والحفاظ على مستقبل مصر وكرامتها.