فراشة رقمية

فراشة رقمية

الأفلام المكسيكية المدبلجة باللهجة المحلية وماتثيره من زوابع في كؤوس المعجبين باتت موضة متجاوزة الآن ..تقول سارة التي احتفت قبل أيام بالسنة الثالثة لبلوغها ... لم تعد الحيلة تنطلي على أحد في الحي بعدما سرقت بيوت كثيرة ساعة الفرجة..
لهذا تحولت الفتاة الى كائن رقمي..تحلق على بساط التقنية عبر نافذة صفحتها على الفيسبوك لتقبل وجه العالم..تستبدل قرف النحيب مآزرة للبطلات التعيسات بشغف إطراء المعجبين ..تثيرها الأضواء والكلمات المعسولة ..فراشة حديثة عهد بالتطواف حول خاصرة الشعلة ..لا ترى فيها إلا النور والدفئ ..تجر كرسيها ..تقترب أكثر تمسك الفأرة ..تبعثر صورا كثيرة كقارئة ورق باحثة عن فتى أحلام .. فتستقر بها الخطى في غرفة الدردشة .. عجيب كيف تستسهل الظفر بفتى أحلام وسيم، ميسور، وجدي يصبح رفيق العمر ! اندفاعها، صغر سنها وقلة تجربتها .. أمور توهمها أنها باستطاعتها حل كل المعضلات قيل أن يرتد اليها طرفها..
الفأرة تخبرها أن خانة الدردشة تعج بوجوه بألوان الطيف تحت وهج الأضواء..حارت أيها تختار ..يستقر اختيارها أخيرا على ملامح جذابة ..تهمهم..
-هذا وسيم.. لنرى إن كان يستحق عناء المحاولة..مساء النور
- بل قولي صباح النور
- هل نتعرف؟
- هذا زمن العجب ..أصبحت المرأة طالبة والرجل مطلوب ؟؟؟ !
- أ سيري لفراشك الله يلعن أبوك ..
يغادر الدردشة وقد خلف لديها انطباعا مختلفا عما كانت تتوقعه من ساكنة العالم الرقمي.. تكرر رد الفعل نفسه من الكثيرين.. قالت في حنق..
-أنا سارة يامن لا يعرفها صنطيحة مصنطحة..لن أستسلم مالم أحكم قبضتي على أحدهم..
نصبت صفحة طعما لما لذ وطاب من الشباب ..حوت ما لذ وطاب من الصدور المنتفخة والمؤخرات المكتنزة .طفقت تدعو للاعجاب بصفحها .. ناسية أو متناسية أنها تدور حول حِمى حُماته لا ِقبَلَ لها بهم.. متمرسون ..لعبتهم استدراج المبتدئات من طينتها إلى المصيدة ..
أعجب بالصفحة فنان معروف .. خططت للتقرب منه..وجدت منه استلطافا ..ركنت إليه .تردد على صفحتها كثيرا..لكن ما لبثت أن انتبهت أنها أخطأت فهم سبب تقربه منها عندما قال..
- اجلبي فتيات بمواصفات فتيات صفحتك للتحلق حول شعلة في ليلة صاخبة أقيمها في إحدى الفيلات الفارهة قرب الشاطئ . قالت في حنق..
- قوادة ؟ دور لم أتقمصه قبلاً ..
-لكل شيئ بداية ولكل شيئ ثمن فما ثمنك؟
كلماته زلزلتها ..يدت كمن ابتلعت لسانها..انسلت من الدردشة في صمت كطيف في العتمة..
أرسل رقم هاتفه ..رقم بطاقة تعبئة من فئة خمسمائة درهم تحت الحساب قصد الاتصال بهن.. ريح المال جلب الفراشة إلى كومة النار .اشترط لقاء ذلك عدم ذكر اسمه للفتيات أو حتى سائق التاكسي الذي سيقلهن إلى حيث هو ..يكفي إعطاءه العنوان ..
ميلها الشديد له جعلها تتظاهر بالموافقة على طلبه ..لم يطلب صورتها الحقيقية قط ..قررت التخطيط للفوز به دون غيرها ..أخبرته أن الفتيات يرفضن الحضور جملة واحدة .. أقنعته بأنهن سيترددن عليه واحدة تلو الاخرى.. لم تخبره أنها ستكون من بينهن ..قررت أن تكون أولاهن لعله يصرف النظر عنهن...أتته في كامل زينتها .. ظنت أنها عقدت صفقة العمر..وصلت .استقبلها شاب وسيم بابتسامة عريضة ..لم يكن هو الفنان الذي شتت فكرها ..طلب منها الدخول والانتظار قليلا ..طال انتظارها .. جن الليل ..انتابها خوف شديد ..هرعت صوب الباب استعدادا للمغادرة عندما عمت ظلمة حالكة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ..أحست جلبة ..وساعدان قويان يحكمان قبضتها .. عُصبت عيناها.. أُطبق فكاها بشريط لاسق..أُلقيت على سرير أو ماشابه .. ثُبتت يداها ورجلاها إلى شيء ما .. سمعت أصوات رجال .. علمت أن صاحب الصفحة لم يكن إلا )هاكر( أو قرصانا استولى على صفحة الفنان وحولها إلى بيت عنكبوت..اتفقوا على برنامج الليلة ..فلان وفلان لكما شرف بدء السهرة. تذكرا ..لا تراعيا حرمة لعاهرة أبدا..فلان وفلان أنتم اللاحقون . صبر جميل ياشباب ..ليلة ممتعة..سمعَت صفع الباب الحديدي عند خروجه ..وبدأ العد العكسي للسهرة .قاومتهم ..تلقت لكمة فقدت على إثرها الوعي .. عندما أفاقت كانت مدرجة في عهرها بين جروح وهالات زرقاء حول العينين ناهيك عن كونها رميت كجيفة في الشارع كما ولدتها أمها .مامن مكان في جسمها إلا وعبث به الغرباء .. حينها فقط تمنت لو أنها كانت خنفساء مقززة أو بقيت قطة مغمضة العينين في حضن أمها..