خيوط العنكبوت

غرفة صغيرة فى بيت كبير ، سيدة وقورة تعدت سن الاربعين تجلس امام جهاز كميبوتر الخاص بها ومن خلال الشبكة العنكبوتية " الانترنت " تمارس بعض الالعاب مع بعض الناس الذين لم تعرفهم كالمراهقين الذين يضيعون اوقاتهم فى مثل تلك الأمور ، هي سيدة أعمال انفصلت عن زوجها حديثا ، ليس لديها اطفال ، لم تحيا طفولتها ، ولم تحيا مراهقتها وها هي تفعل كل ليلة مثل تلك الأمور .

لا تعرف لماذا تفعل ذلك ولكنها تستمتع كثيرا ، تختار بريد الكتروني عشوائيا ثم تخترقه وتعرف منه بعض الاسرار الخاصة وتاخذ منه بعض الصور او بعض من مقاطع الفيديو الخاصة ، ثم تلاعب ضحيتها قليلا وتضحك قليلا ثم تدعه وتبحث عن ضحية اخري .

تفعل ذلك كل ليلة وتنجو بفعلتها ، حتى كانت الليلة التى اختارت فيها شخص بذات الطريقة العشوائية كضحية لها وهى لا تدري انها قد وقعت فى فخ كبير واصبحت هى الضحية ، عنكبوت كان هذا الاسم الوهمي الذى سمي به نفسه صاحب البريد الالكتروني شدها الاسم دخلت لتلعب معه لعبتها المعتادة تاخذ بعض الملفات الخاصة او الصور او الفيديو ،
وتحدثه وكأنها تعرفه وتضحك قليلا ثم تنهي لعبتها فى ذات الليلة ، اخذت ما تريد وفعلت ما تريد ولكن العنكبوت لم يتم عليها ما بدأته ، البداية واحدة ولكن النهاية مختلفة ، فقد ادار الضحية الدفة دورة كاملة حتى اصبحت زمام الامور فى يديه .

وايقنت انها قد وقعت مع شخص شبيه لها فاعتذرت وهى تعتقد بذلك ان الامر قد انتهي ، منذ شهرين وهذا العنكبوت ادخلها كابوس لا تقدر ان تفيق منه ، فقد اخترق هو بريدها الالكتروني واخذ كل ما يريد ، ما كانت تفعله الامس فعله العنكبوت معها اليوم ، كل ليلة يفاجئها بجديد عنها ، دخلت اللعبة فى شكل جديد وخطير ، فبات يعرف عنها الكثير وبدا ذلك خطير جدا ، غيرت عنوان بريدها الالكتروني اكثر من مرة ويصل اليها ، كثير من المضايقات والرسائل الالكترونية المستفزة حتي اغضبها كثير وبدأت الامور تاخذ مجري آخر .

تلك الليلة مختلفة جدا اتصل بها متطفلا كعادته كل ليلة ولكن تلك الليلة بات خطيرا جدا ، بات قريبا جدا منها وشعرت وكانها تسمع صوت انفاسه فى الغرفة ، كان محنك فى لعبته مما يدل على انه خبير فى ذلك ، قالت له انها ستنهي اشتراكها فى الشبكة العنكبوتية حتى تستريح منه ، ففاجئها انه يعرف رقم هاتفها وعنوانها وعملها وكل شئ عنها
، لم تصدقه ونعتته بالكاذب المختل ، ضحك لنعته بالكاذب وغضب لنعته بالمختل غضب كثيرا وأظهر لها ذلك .

اخذت اللعبة بينهما ماخذ جدي وقابلت مفاجئته لها بجرأة منها وتحدي ، وقابلت غضبه بضحكات عالية سمعها جيدا ، وسمعته وهو يقول لها اجيبي هاتفك ، لم تنتبه واستمرت فى ضحكها حتى صمتت فجأة على رنين هاتفها ، ثم طردت خوفها وقلقها واجابت الهاتف وكانت المفاجأة ضحكة عالية من المتحدث على الطرف الاخر من الهاتف ضحكة عنكبوتية ،تملك الخوف والقلق كل كيانها اذن هو صادق قد عرف عنها الكثير ، وتيقنت انها امام شخص مريض ، وايقنت انها اوقعت نفسها بالمشاكل ولكن بعد فوات الأوان ، لان العنكبوت نسج خيوطه عليها باحكام وفعل معها ما لم تفعله هي ابدا مع احد ، رن هاتفها مرة اخرى ولكنها لم ترد ، فجاءتها رسالة الكترونية على جهازها مكتوب فيها الرسالة الاخيرة من العنكبوت انتهت اللعبة الالكترونية وحان وقت اللقاء .

رن هاتفها مرة اخري فاجابت واعتذرت له كثيرا ولكنه لم يقبل اعتذارها وقال لها انه قادم فعلا اليها وانه بات قريبا جدا ثم ضحك وقال لها انا على بابك هل تملكين الشجاعة لاستضافتي ، نعتته بالمخادع الكاذب ودق جرس الباب ، وزادت دقات قلبها واغمضت عيناها وتمنت لو كان كل هذا مجرد كابوس سخيف سينتهي بمجرد ان تفتح عيناها ، وفتحت عيناها ومازال جرس الباب يدق ، لم تخرج من غرفتها بل اغلقت الباب عليها وصمت جرس الباب وتنفست الصعداء .

سكت جرس الباب ثم قليلا من الصمت وعلا صوت رنين الهاتف فاجابت انها اتصلت بالشرطة وانها فى الطريق الان ونصحته ان يهرب سريعا وانها ستنسي كل ذلك وينتهي الامر عند ذلك الحد ، اجابها بضحكة ساخرة وقال لها انصتي فسمعت صوت زجاج يتكسر ثم صوته وهو يقول انا صاعد اليك الان ولن يوقفني شئ ، القت بالهاتف على فراشها والصقت اذنها بباب غرفتها وسمعت صوت اقدام صاعدة على الدرج فازداد فزعها وتأكدتت انها امام شخص مختل فعلا ثم اقترب صوت الاقدام حتى اقتربت منها جدا ورأت ظله من تحت الباب ثم سمعت صوته الذى باتت تميزه جيدا قائلا لها عنكبوتك قد أتي هل تفتحين الباب لا تخافي لن أؤذيك .

زاد فزعها وأيقنت أنها على حافة الخطر المؤكد هددته قائلة إن معها سلاح وإن دخل فستقتله ، وفجأة أخترقت يده باب الغرفة ورأت يديه امام وجهها مباشرة ليفتح الباب المغلق ، ثم فتحت النافذة وقبل ان تخرج منها رجعت قبل ان يفتح الباب واطفأت الضوء .

دخل العنكبوت الغريب الى الغرفة ثم اضاء المصباح وراي النافذة مفتوحة فأسرع اليها ثم نظر منها الى اسفل والى اعلي ثم تذكر الخدعة القديمة انها ما زالت بالداخل ولكن قبل ان يصل عقله الى تلك الحقيقة كانت هى خلفه تماما تنتظر ان يستدير وما ان استدار حتى ضربته فى وجهه بكل قوتها بمقعد حديدي صغير حتى انه لم يتمالك
نفسه من الاندفاع الى الخلف حتى خرج من النافذة ملوحا بيديه ورجليه فى الهواء ساقطا على الارض .

لم تصدق نفسها انها فعلت ذلك ولكن مع ذلك الخوف الذى تلبسها تحولت الى شخص اخر ، نظرت من النافذة بحذر وراته ممددا فى ارض حديقتها الصغيرة بين العشب الاخضر والدماء تسيل من راسه ، اسرعت الى هاتفها متصلة بالشرطة مستنجدة بهم وكانت رعشة صوتها والخوف فى كلماتها كافية بان يستجيب من اتصلت به على الفور ، اغلقت الهاتف ثم نظرت مرة اخري من النافذة ولكن لم يكن
موجودا حتى ظنت انها تحلم .

تحطم باب البيت وسمعت صوته من اسفل وهو يتوعدها وهو صاعدا اليها ويسبها وينعتها بابشع النعات منددا بقتلها ، اخرستها المفاجأة وشلتها حتى انها لم تقدر على الحركة لبضع ثواني ثم نظرت الي الباب والى النافذة وصوته يعلو ويقترب مع صوت اقدامه ، دخل
الغريب الى الغرفة مرة اخري مدرجا فى دمائه كان متأكدا انها لم تخرج من الغرفة ، ونظر الى النافذة المفتوحة وضحك قائلا ليس تلك المرة اخرجي الان من مخبأك قبل ان اصل اليكي ونظر تحت فراشها وخلف الستائر وداخل خزانة الملابس فلم يجدها فتوجه الى الباب وصرخ عليها باعلي صوته .

وسمع صوت قفزة وصوت انفاسها ، وغضب كثيرا لانها خدعته مرة اخري لقد كانت خارج النافذة ولكن فهم ذلك متأخر أيضا ، اندفعت بكل قوتها تجاهه وقبل ان يستدير كانت قد اصطدمت به ودفعه ذلك الاصطدام ليتعدي الممر الذى امام الغرفة والدرج ويتعدي حدود
"الترابزين" ويصطدم فى النجفة الكبيرة المعلقة فى السقف قبل ان يهوي الى الطابق الارضي وتهوي عليه تلك النجفة الكبيرة وقبل ان يلتقط انفاسه الاخيرة نظر اليها وهى باعلي ورمقها بنظرة غاضبة ثم اغمض عينيه .

ابواق سيارات الشرطة ملئت المكان وامتلئ البيت برجال الشرطة وفى ركن من اركان المنزل جلست السيدة على اريكة لتجيب
على بعض تساؤلات الشرطة وكان اول سؤال هل تعرفيه فاجابت منهارة لا اعرفه ولا اعرف اى شيئا عنه غير اسمه الوهمي على شبكة الانترنت قال لها وماهو ؟ نظرت الى الجثة الملقاة فى بهو بيتها ونظرت الى رجل الشرطة وقالت له بصوت يملؤه الحزن انه السيد
عنكبوت .

أخى أحمد
تحيتى و تقديري لهذا الحرف الجميل
تقبل خالص ودي
أخوك المحب

وفاء أمين كتب:

عشت هنا وكأنني اشاهد فيلما قصيرا ً بكل تفاصيله

وبدأ يشدني لحداثة الفكرة واستهلال القصة بدون مقدمات او تطويل

فهي لا تبعث على الملل ابداً ومباشرة في احداثها

و تعظ القارئ الالكتروني حتى لا يفكر في مثل هذة الجريمة الالكترونية

فكثيراً من الناس يبدأون بالمرواغة وسرقة المعلومات على سبيل التسلية

غير مبالين بحقيقة الشخصيات التي يتلاعبون بها

وهنا انقلبت اللصة على نفسها وتعرضت للموت اكثر من مرة

وقاست من الرعب وذاقت من نفس الكأس الذي ارهبت به غيرها

وكما يقول (المثل من حفر حفرة لاخية وقع فيها )

شكرا اخي القاص والشاعر احمد رجب معيط لهذا الجمال وتلك الروعة

مودتي والتقدير

وفـــــــــــاء أمين

سعدت بكلماتك جدا

وتعليقك افضل من النص ذاته

تحياتي ومودتي

عاطف الجندى كتب:

أخى أحمد
تحيتى و تقديري لهذا الحرف الجميل
تقبل خالص ودي
أخوك المحب

استاذي العزيز

مرور شريف وتعليق لا استحقه

وكنت انتظر رايك فى بدايتي فى الندوة

رايك يهمني جدا

تقديري ومودتي

بعد هذه الردود الرائعة على قصتك الجميلة لا أملك إلا أن أحييك و أصفق لك

لك محبتي و احترامي

عاطف عبدالعزيز الحناوي كتب:

بعد هذه الردود الرائعة على قصتك الجميلة لا أملك إلا أن أحييك و أصفق لك

لك محبتي و احترامي

رد عاطف الحناوي شئ اخر كنت اريد ان اسمعه

واردت ان اخبرك ان رسالتك وصلت بشان شكل القصة

اريد المزيد اخي الحبيب فانا لا ارتوي من نصحك

مودتي