| ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الأحد يوليو 15, 2012 7:55 pm | |
| ليس دفاعا... حسبها أنها تحب
إطلالة على ديوان "وعدلت عمري على صوتك" للشاعرة راضية الهلولي
حسام حسين عبد العزيز
إن صدور ديوان يعني أن الشاعرية قد فتحت الباب للآخر كي يلج إلى ذلك الكنز المخبوء الذي ظل يتحرك في دواخل صاحبه، ولأننا يقينا نعرف إلى حد كبير ملامح هذا السر، فلقد صدق الرهان على قيمة هذا المنجز، وتميزه وفردانيته، وانتمائه إلى صاحبته بشكل كبير، بالشكل الذي لم يخلق بأي حال أي أطروحة شعرية قد تبدو بعيدة عن المزاج العام الذي تكتب من خلاله راضية الهلولي، قصائد بطعم الطزاجة وحرارة الفرن كما نقول في مصر.
ماذا أقول لشعري الثائر وقد غيرت تسريحته كما تحب وماذا أقول لشفتي التي غيرت لونها وصارت كما تحب
يظل الخطاب العاشق في شعرها خطابا مثاليا إلى درجة متطرفة، لذات لم تتوقف عن طرح مشاعرها فيما يشبه الثورة، والأكثر تفردا في شعرها، ذلك الإحساس العارم الذي يدفع روحها لتجويد هذا الخطاب وتطويره شكلا وموضوعا، ولكن في إطار ما تؤمن به، بمعنى أنها لا تبث مشاعر متوثبة أو دافئة وحسب، ولكنها تعرض المعطيات التي تبدي نوعا من النصيحة المبطنة لهذا الحبيب المعني بالخطاب ذاته لأن يمنحها بعضا من تصوراته لهذه العاطفة كي تكون في الأخير محورا لاهتمامه، فهي بالضرورة لا تمارس عشقا يرضيها على وضعه الحالي بقدر ما تريد أن تتطور في إنتاج هذه العواطف التي تسعى للكمال المنشود، وهذا في رأيي إن دل على شيء فإنما يدل على منظومة سمات شخصية على درجة كبيرة من التوائم والمصالحة مع نفسها حال التعامل مع هذه العاطفة، ولديها على الجانب الآخر يقين لا يهتز في أن أجمل فعل يمارسه الإنسان في حياته هو الحب بكل تفاصيله.
في حقيقة الأمر للنقد ممارسات قشورية إلى درجة، ولاسيما حين يسأل الناقد هذه النوعية من الكتابات عن الهم العام داخل النص الشعري، ناسيا أو متناسيا أن الشعر بوجه عام لا يندفع كثيرا فيما يشبه الحمى للتحليل السوسيولوجي للعصر ومفرداته. لاشك أن طبيعة الإرهاصة الشعرية التي تقدمها"راضية الهلولي" إلى حد ملفت حديث ذات، بل يجوز التعامل معها على أنها تمركز حول هذه الذات المُحبة، لكن المتأمل لهذه النصوص رغم ما يغلب عليها من شعر منتمي لأنثى محبة، وقاموس لغوي تأسس على مفردات العشق والوله، لا يمكن أن يكون منفلتا في المطلق من ظلال الهم العام متى نظرنا له نظرة منصفة. لا أريد أن ارتدي ثوب المدافع، لكن يظل إحساسي الدائم أن الشاعر هو العالم، وإن بدا هذا العالم هو ذاته في الأساس، لذا إذا حاولنا بجهد مخلص أن نستنطق هذه الإرهاصة وأسبابها لوجدنا بالفعل ما يساعدنا على قراءة منجز الشاعرة بشيء من الإنصاف الذي تستحقه.
إن محاكمة الأطروحة الشعرية على موازين الهم العام أو الخاص في شعر راضية الهلولي محاكمة لا تخلو من قصر نظر، إذا تم النظر لها على اعتبارها كتابة منفصلة بشكل حاد عن الأزمات المصيرية التي تحيط بالمبدعة لحظة مخاض نصوصها، وليس الشعر المنطوي على هذا المزاج العاطفي الملتهب نوعا مدعاة لأن نتهم صاحبته بأن مستويات الشعر عندها لا تستطيع الانفلات من واقعية الحب وتفاصيله وعدم القدرة من جانبها على الانسلال إلى هذا الواقع وأزماته، لأن التسليم بهذا التوجه منا قد يبدو مصادرة على نية الشاعرة، والتي ربما تمارس هذه النوعية من الكتابات بقصد الهروب، أو ربما بقصد السعي الدءوب منها للانفصال المتعمد عن هذا الواقع الذي بات لا يُطاق من خلال مادياته الرهيبة، والتي لا تتناسب مع طبيعتها ككيان شفاف، الحب في يقينها يظل المعطى الأول، الذي على الإنسانية أن تتعاطاه كي تنجو من كل تمظهرات الانسحاق الذي يتعرض لها إنسان هذا العصر.
تعالوا نتفق للحظات أن الذات الشاعرة هنا غير مكترثة بالواقع وتفاصيله، ولن أقول منفصلة عنه، لأن الأخيرة لا تتناسب مطلقا مع طبيعة الذات الشاعرة في الأساس ومن حيث المبدأ، ونفترض على الدرجة نفسها أن منظومة سماتها الشخصية لا ترى بديلا حاسما يعوضها حالة هذا الحب الشفيف والمشتعل في تفاصيله، فإننا بالضرورة سنصل إلى مجموعة إجابات لأسئلة افتراضية من شأنها إعادة الأمور إلى نصابها. إن أي إنسان بسيط لو طرحنا عليه سؤالا مفاده. لماذا يبدو العالم بهذا السوء؟ لقال بلا تردد: لم نعد نحب بعضنا البعض. ولاشك أن كل تداعيات الرداءة التي نلحظها في واقعنا تؤيد هذه الإجابة بالفعل. إن انسحاق الإنسانية لم يكن مرجعه دائما إلى أسباب خارجية، بقدر ما كان سببه تراجعنا عن الحب، حتى على المستوى الخاص لهذه العاطفة.. الرجل/ المرأة ، فلكم تضاءلت هذه العاطفة تحت طوفان الحياة المادية الضاغطة والرهيبة، فلما لا ننظر إلى أطروحة راضية الهلولي وكأنها حقنة الحياة التي تبثها شاعريتها كي تبقى هذه العاطفة موجودة، كضد حاسم لهذا الطوفان المادي؟
إن ما يحدث على ضوء شاعريتها ومنجزها هنا يميل إلى تحييد هذا الواقع وليس تغييبه، لأن اليقين الراسخ في أهمية هذا التسامي الوجداني والعاطفي يحمل في بواطنه هاجسا يرى في الواقع خطرا يهدد هذا الاجتياح الذي تمارسه عاطفتها ومن ثم شاعريتها، فالاستسلام كليا لهذا الواقع يعني التنازل الصريح عن الحب، وذلك الحب هو في حقيقته جزء لا يتجزأ من طبيعتها، من هنا نلتمس شكلا من أشكال الرهان الذي عُرض على شاعريتها لتنتخب منه ما يلائم ميولها ورغباتها، ترى هل تستجيب لهذا الواقع المتردي أم لنداء العاطفة؟ في شعر راضية الهلولي الدليل على تبني اتجاه الحب والعواطف على حساب واقع، لا تمتلك من وحي قناعاتها ما يساعدها على التوائم معه، ومن ثم الاشتباك معه شعريا. قد يُفسر هذا الحديث في غير صالح الشاعرة، ولكننا على الضفة الأخرى من النهر- متى حدث ذلك الحكم- لا يجب أن نقرأ منجزها بمشاعر ممتعضة بقدر ما يجب أن نقرأه بشعور غبطة يتجه إلى الذات الشاعرة التي أنتجت هذا الكم الهائل من المشاعر والعواطف وذاك الخطاب العاشق المفعم بكل آيات الجمال والرقة، رغم انتماء هذه الذات واقعيا لعالم وواقع أشد عجزا من أن يحب مثلما تفعل هي، أو على أقل تقدير قد يحول دون تحقيق هذا مع غيرها. من هنا علينا أن نبلور مسألة الشاعرية واشتباكها مع الواقع، ولاسيما أن الشعر في حد ذاته ممارسة رومانسية بغض النظر عن فحوى الأطروحة الشعرية نفسها، سواء اشتبكت مع الواقع أو تمركزت حول ذاتها، طالما اتفقنا طوعا أن القصيدة قرار وتنازل ضمني عن مخبوء كان يعتمل في نفس صاحبته، وهذا من شأنه أن يعلن بوضوح أن إشكالية التماس مع الواقع مسألة نسبية إلى درجة، فمن الممكن اصطياد معنى يتماس مع الواقع من أكثر التجارب الشعرية ذاتية.
تراك غادرت غربتك وقهرت منفاك وغلبت يتمك وارتميت تقبل تراب العشيرة والبلد
الهم الخاص متى تم بثه، لا يمكننا الرهان على خصوصيته في حظيرة التلقي، فليست –عفوا- شطحات الشاعرة في بث مواجيدها العاطفية لصيقة بذاتها بأي حال، وإنما جدير بنا أن ننظر هنا للذات الشاعرة وكأنها المتحدث الرسمي لكل بنات جنسها اللاتي يعشن نفس مواجيدها ولكنهن جدا عاجزات أن يطرحنها مثلما تفعل هي.
في حقيقة الأمر لا أريد الانفلات من وضع رؤية خاصة بي حيال قراءة منجز راضية الهلولي، لكن ولأني مؤمن أنه بالضرورة لا يوجد قراءة بريئة للأدب، حاولت جهدي أن أزيل إحساسا ما بغصة إزاء ظلم أراه واقعا على شاعريتها، بجانب ما أراه في شعرها عموما عندما يلتقي بذائقتي، فلست محتاجا أن أكرر إنني لست ناقدا وهيهات أن أكون. إن الشاعرية التي تتعاطى هذا الاتجاه في الكتابة لا تعني أن هناك ثمة مصالحة بين الذات الشاعرة والعالم، فربما هذا في ناحية بعيدة نسبيا قد يكون معبرا عن أزمة، هي صنيع هذا الواقع أصلا، ولاسيما أن منتقدي راضية الهلولي حسبما رأيت ينسون عمدا أن امرأة هي من كتبت هذه الأطروحات التي يشحذون سكاكينهم لذبحها. إن توجس الذائقة( منتقدو الشاعرة) الحادث حيال شعرها ليس مجرد توجس في جدوى الأطروحة، بل إحساس هذه الذائقة الدفين بالطعن في كل شيء، خطابها العاشق من جهة، ولهذا الشخص المعني بهذا الخطاب على معايير هل يستحق أم لا من جهة أخرى. إن التواصل مع شعر"راضية الهلولي" بهذا المعنى ساذج إلى درجة، بل يؤكد لدى منتقديها إشكالية عجزهم عن تصور عاطفة بهذا البهاء والتأجج، وهذا في حد ذاته أزمة الواقع التي تعيش فيه شاعريتها، وليست أزمة شعرها نفسه. إننا في محاولة البحث داخل منجز الشاعرة قد ننظر في هذا الخطاب العاشق وتفاصيله في أكثر من زاوية، فالمرأة عموما تتحرك صوب تفاصيلها من منطلق عواطفها مبدئيا، ومن ثم يأتي العقل ومعطياته، إن هذه الطبيعة الغريزية ليست منطقة وثوب للنظر إلى هذا التعاطي كمثلبة، أو نقيصة، لا مطلقا، ولكننا نحلل بمنطق واضح شكل الأولويات التي تنطلق منها المرأة في صوب تمفصلات حياتها، إنني وإن كنت لا أتصور عكس ذلك أستطيع أن أبدي سببا لهذا المزاج أنه بالضرورة تعبير عن أزمة تساعد دوائر التلقي للنظر لمنجزها كأحلام يقظة- مثلا- أكبر من كونها مشاعر وتفاصيل واقعية لعاطفة أكبر من التوصيف. وهنا سنسأل أنفسنا من يستطيع أن يبدي شعوره بأزمة خلف هذه الكتابة ويكون مطمئنا لحكمه؛ إذا ظن للحظة أنها إسقاط ينم عن حرمان واقعي من الحب؟ لذا علينا أن نسير في اتجاه الشاعرية ذاتها وليس الأطروحة كتوجه عام غلف المنجز في معظمه.
أترك رأسك على صدري تر أمك تجهز قهوتك الصباحية وترتب أدوات حبها
لا أريد لهذا الحديث أن يمنح راضية الهلولي المشروعية الكاملة لهذا المنجز، وبالشكل الذي يغري بالإيمان أنه ليس في الأمكان أبدع مما كان، فلا أنكر بوجه عام إيماني بوجود شاعرية خلف هذه الكتابة، وجرأة على الدرجة نفسها، وإن كنت أرى وليتها تغفر لي. شاعرية بلا أظافر، وللصدق أدعوها للتخلي عن دأب الفراشات وتمكث طويلا وعميقا عند موضوعات نصوصها، لأن الاقتراب من مواضع الضوء في شعرها لا يمنحني على الدوام يقيني في احتراقها، واحتراق الذات الشاعرة احتراق إيجابي إذا تم التماس معه داخل نصوصها، الأمر الذي من شأنه أن يساعد دوائر التلقي أن تتخلى كليا عن تهمة تتجه لنعت نصوصها بالبساطة المستفزة، وأقولها وأعنيها تماما هنا"بساطة" لأني لو وسمتها بشيء أقل من البساطة، لظلمت شاعريتها حتما، ونظرا لإيماني المبدئي بشاعرية المطروح سأفكر بطريقتين كي أحقق لنفسي اتزانا احتاجه وأنا أقرأ لها. في حقيقة الأمر . ما أكثر المصطلحات الملتبسة في حياتنا، ولاسيما في حظيرة الأدب، ولا أدعي الجهل، فللآن لا أعرف يقينا ما هي طبيعة النص الإشكالي، وخصوصا أن الطرح الحداثي ومعطياته قد أضر بشاعرة على شاكلة راضية الهلولي بشكل أو بآخر. وبات الأمر لدى الحداثيين وكأن البساطة والسطحية متردافان، وهذا تصور مجحف إذا تم الاعتماد عليه، فزعمي أن البساطة وضوح قد نأى بنفسه عن التهويم والغموض، بينما السطحية تحمل معنى التسفيه للموضوعات المطروحة شعرا والانتقاص من قيمتها، وهذا للصدق لم يحدث على ضفاف هذا الديوان.
احتجزني عندك رهينة وازرع من حولي حقول ألغام أطلب كثيرا حتى لا يستطيع أهلي دفع الفدية
سأفكر بالطريقة الأولى في صوب هذا الشاهد، ولا أخفي سرا فلسوف اتخذ موقفا مدافعا مبدئيا عن مقولة البساطة في شعرها. إننا في الشعر لا نقرأ نصوصا، بقدر ما نقرأ نوايا وأفكار ومرجعيات تقف كشاهد على الذات الشاعرة والكوامن الشعورية خلف فعل الكتابة. من الناس من يرى في الحب حالة خارج إطار التعقيد، الحب هو الحب ولا شيء آخر، بل قد يرى البعض أن الآفة المحطمة للحب أن يصطدم بأحكام قيمة أو إرهاصات معيارية تحكم وتحجم عاطفة خارج إطار التحديد، ومن السهل إذا قمنا برصد هذا القاموس الذي تعوَّل عليه الشاعرة لأدركنا بوضوح خلوه الكامل من أي مفردة ملتبسة أو غامضة، بل إذا قمنا بالتركيز على حساب السياقات الشعرية ذاتها والتعاطي النحوي للجملة الشعرية والتراتبية الواضحة فيها، لوجدنا أنها تنجز أهدافها من أقصر الطرق وأكثرها إبانة للمكنون في دواخل الذات الشاعرة. فلماذا نتجه بالطعن في آليات البساطة والوضوح ونتجاوز شكل الرؤية الخاصة لديها للحب كعاطفة وحال وتفاصيل؟
وعلى منحى الطريقة الثانية، لزاما أن نتفق على قدسية هذه العاطفة وتفردها بالشكل الذي قد يجعل الشاعرية تتعاطي مع تفاصيلها بشكل إشكالي إلى درجة. لا أريد النكوص عن إيماني بأن النص الإشكالي حقيقة ملتبسة، بل أريد أن ألفت النظر لآليات الحديث الشعري عن هذه العاطفة، لأن قدسية الحب تدافع عن نفسها من خلال النص وبشكل أكثر واقعية عن غيرها داخل أي نص آخر لم يتخذ من الحب موضوعا له، بمعنى وقوف الشاعرية أمام الحب على أي نحو. كمعنى أم كمبنى في الحقيقة؟ الغريب أن شاعرية راضية الهلولي تعاطت مع الحب كحالة تناسب شكل رؤيتها الخاصة لهذه العاطفة، لكن عند التماس معها كمعنى بدت الأطروحة بسيطة إلى درجة، ولم تصبغها الشاعرية بأي شيء من التفاصيل التي تبدو صوفية في شكل التعاطي مع الحب، بل وعندما حدث ذلك تم من خلال آليات التناص الذي بدا لي جريئا ونصيا إلى درجة جعلتنا في حال البين بين، فلا ندري نمدحه على نضارته أم نقدحه من فرط التماس مع معنى ألهي إلى درجة مثيرة للجدل فعلا. ربما يمكن تأويلها كتعبير عن حالة حب متجهة إلى الله، لكن للصدق لم يقدم النص المفاتيح والعوامل المساعدة لتبني هذا الموقف الـتأويلي، أو للدقة لم يقدم القطيعة المانعة لهذا الالتباس متى تواصلت معه الذائقة.
كيف أتوب عن قبلة مذاقها انهار من لبن لم يتغير لونه وانهار من عسل مصفى وانهار من خمر لذة للشاربين كيف أتوب عن حضن من سرر موضونة بطائنها من إستبرق
ولم نجد رغم خصوصية الخطاب العاشق كذلك القصيدة الحلم، وهنا أعني القصيدة التي تمثل انفلاتا لعاشقين غادرا ماديات الواقع وماديات الحب ذاتها، وجدنا ما يشبه الاقتراب من هذا الطرح، ولكننا بالضرورة لم نجده محلقا بالشكل الذي يتناسب مع السخونة المتحققة في ثنايا الخطاب الشعري ذاته، ولكن للصدق يجب أن نشير إلى سيطرة واعية لنسيج أفكار هذه الأطروحات التي أنطوى عليها الديوان، وهنا أقصد التحكم الكامل في توظيف عنصر الجرأة، وكذلك الخطاب الملتهب نوعا، فلم نجد راضية الهلولي في أي لحظة تعرض مشاعرها بشكل مبتذل يمكن تأويله على منحى الحب كتفاصيل جسدية قد تصدم الذائقة حيال مفردات هذه العاطفة المتأججة والتي يغلفها حالة حب عارم. ظلت البساطة والوضوح السمتين الأبرز بطول الديوان وعرضه، وربما هذا الذي يفسر زهد الشاعرة الواضح في تصميم صور شعرية على درجة من الغموض أو الإيهام، بل يمكن أن نعلنها صريحة؛ أن الرغبة في تأسيس صورة شعرية على هذا النحو رغبة غير مطروحة. الآن على الأقل في مشروعها الشعري.
في حقيقة الأمر لن أقف في صف من يرى في هذا الديوان منتهى ما يمكن أن يُقال في الحب وتفاصيله، وبالضرورة لن أجرد الديوان من الشاعرية لمجرد سقطات شعرية بسيطة يقع فيها أعظم الشعراء، بل إنني لا أستطيع إنكار هذا الجهد المبذول منها لتأسيس صوتها الشعري ورؤيتها للموضوع الذي تصدت للحديث عنه شعرا. لكن يظل السؤال والديوان بين أيدينا .. ثم أما بعد؟ إن هذا الديوان خطوة من مجموعة خطوات تمت، أو محتمل أن تتم مستقبلا، لذا يظل السؤال مطروحا. ماذا يتوجب على راضية الهلولي أن تفعله كي تثبت دعائم شاعريتها بشكل أوقع، دون أن يُفهم من هذا السؤال إني- حاشاي أن أفعل- لم انسجم مع الأطروحة الشعرية التي أنتجها الديوان. أقول إيمانا بقضية الشعر والشاعر معا: إن هذا الديوان قد أنتج الشعر وأعلن عن الشاعرية، ولكنه قام بقصدية غريبة لا تتناسب مع شاعرية صاحبته بتحييد أهم ما يميز الشعر( المفارقة والإدهاش) فقليلا جدا هي المناسبات التي تحقق فيها هذان المعنيان.
المرأة التي اشترت اللعب وجهزت غرفة الأطفال واشترت اللفائف والحلوى كانت عاقرا
لست أدري سببا واضحا لغياب العنصرين المشار إليهما، رغم يقيني أنها قادرة على إنتاج ذلك، ولا أدري لماذا لا تفطن الشاعرة لهذه التهمة الجاهزة التي تتجه إلى نعت هذه التقنيات الخاصة بها بأنها لا تنتج غير العادي والمكرر. إن المسافة المقطوعة بين البساطة كتقنيات كتابة تخصها والإدهاش أو المفارقة أو كليهما، لا تعني القطيعة الحادة بين البساطة وهذه الآليات ولكنها تشير، أو تكاد تطعن في المجهود المبذول منها حيال خلق النص، فيما يجعلها عرضة لأن تتهم بالاستسهال، وهذا يقينا ليس متحققا في كل النصوص وإن ظهر في بعضها، ممثلا في تكرار جمل شعرية بعينها، ولم يكن في متن النص من يتكفل بالدفاع أو تبرير هذا التكرار. إنني صدقا لا ينبغي لي أن أصادر على هذا الخطاب العاشق، العاطفي والملتهب، وإن كنت انتظر منه أن يحيلني بنجاح إلى آفاق جديدة تتناسب مع ما تحمله الشاعرة من عواطف متأججة، أو بالأحرى زاوية رؤية أكثر جدّة، تتحد مع الصدق العارم البادي في النص الواحد كحالة شديدة الخصوصية. فالنصوص حتما لم يكن ينقصها الصدق، ولا الشاعرية، ولكنها فقط لم تسع لتجاوز الاعتيادي والمكرر.
أعلم يقينا أن هذه النوعية من القراءات لمنجز الشعراء قد لا تصادف قبولا لديهم، لكن حسبي أني مؤمن بالشعر وقضيته، وأتحدث عنه كذائقة من حق الشاعرة أو من سيقرأ هذه الكلمات أن يضرب بها عرض الحائط، ويقيني الأخير الذي لا يقبل الشك، أن الشاعرة راضية الهلولي ما كان لها أن تنسجم مع رغبة البوح الشعري إلا لأنها شاعرة تؤمن يقينا أن لديها ما تقوله، لذا أشكرها مبدئيا على المتعة التي شعرت بها وأنا أطالع الديوان، وملزم أن أشكرها على سعة صدرها أن سمحت لي أن أنقل لها إحساس ذائقتي حيال إبداعها، مؤكدا لها مرة أخرى إنني لست ناقدا بالضرورة.
حسام حسين عبد العزيز
مصر
| |
|
| |
عاطف عبدالعزيز الحناوي مشرف النقد و تحت المجهر
الدولة : عدد الرسائل : 1923 46 نقاط : 2096 تاريخ التسجيل : 17/12/2010 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الإثنين يوليو 16, 2012 5:08 am | |
| مبروك للأستاذة راضية الهلولي ... كتاب جميل و دراسة نقدية جادة و واعية .
تحياتي و تمنياتي لكم بالمزيد من الجمال و الشاعرية | |
|
| |
عاطف عبدالعزيز الحناوي مشرف النقد و تحت المجهر
الدولة : عدد الرسائل : 1923 46 نقاط : 2096 تاريخ التسجيل : 17/12/2010 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الإثنين يوليو 16, 2012 5:17 am | |
| تنقل المقالة إلى قسم النقد و المقالات
و تثبت تقديرا و اعترافا بالحب و الجمال
| |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الإثنين يوليو 16, 2012 6:58 pm | |
| - عاطف عبدالعزيز الحناوي كتب:
- مبروك للأستاذة راضية الهلولي ... كتاب جميل و دراسة نقدية جادة و واعية .
تحياتي و تمنياتي لكم بالمزيد من الجمال و الشاعرية الصديق الشاعر الرقيق وأنيق الشعر عاطف عبد العزيز الحناوي أخجلني نبل مرورك ورقيّ مشاعرك دمت صديقي | |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الإثنين يوليو 16, 2012 7:00 pm | |
| - عاطف عبدالعزيز الحناوي كتب:
- تنقل المقالة إلى قسم النقد و المقالات
و تثبت تقديرا و اعترافا بالحب و الجمال
الجميل عاطف عبد العزيز الحناوي شكرا على هذه الحفاوة وعلى روعة الاحتفال بنبضي | |
|
| |
أحمد رجب معيط أديب
الدولة : عدد الرسائل : 3332 49 الهواية : البحث عن الحقيقة نقاط : 3814 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الثلاثاء يوليو 17, 2012 1:48 am | |
| ماذا أقول لشعري الثائر وقد غيرت تسريحته كما تحب وماذا أقول لشفتي التي غيرت لونها وصارت كما تحب
دراسة تستحقيها عن جدارة
شاعرة الحب والرومانسية راضية الهلولي
من نجاح الى نجاح
| |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الأربعاء يوليو 18, 2012 7:51 pm | |
| - أحمد رجب معيط كتب:
- ماذا أقول
لشعري الثائر وقد غيرت تسريحته كما تحب وماذا أقول لشفتي التي غيرت لونها وصارت كما تحب
دراسة تستحقيها عن جدارة
شاعرة الحب والرومانسية راضية الهلولي
من نجاح الى نجاح
أنيق الشعر والمشاعر أحمد رجب معيط شكرا على هذا اللطف الكبير هذا المقطع الذي أعجبك منشور في المنتدى في قصيد " موعد " وهو أوّل قصيد أصافحكم به هنا مرّة أخرى شكرا على لطفك | |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الأربعاء سبتمبر 12, 2012 5:58 pm | |
| أصدقائي في المنتدى شكرا على حفاوتكم البالغة بنبضي شكرا على تفاعلكم وشكرا على هذا الكم الهائل من اللطف دمتم مشرقين | |
|
| |
عاطف عبد العزيز الحناوي مشرف النقد و تحت المجهر
الدولة : عدد الرسائل : 290 نقاط : 317 تاريخ التسجيل : 02/10/2010
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الخميس سبتمبر 13, 2012 7:17 am | |
| راضية .... أختنا العزيزة
لا تحرمينا من طلّتك البهية و تواصلك مع المنتدى أيتها المبدعة الرقيقة
محبتي و احترامي | |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الأحد أكتوبر 21, 2012 7:53 pm | |
| - عاطف عبد العزيز الحناوي كتب:
- راضية .... أختنا العزيزة
لا تحرمينا من طلّتك البهية و تواصلك مع المنتدى أيتها المبدعة الرقيقة
محبتي و احترامي الصديق العميق عاطف عبد العزيز الحناوي مليون شكر على هذا الكم الهائل من اللطف دمت مشرقا | |
|
| |
راضية الهلولي شاعرة
الدولة : عدد الرسائل : 67 نقاط : 83 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: رد: ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب الأحد أكتوبر 21, 2012 8:11 pm | |
| - عاطف عبد العزيز الحناوي كتب:
- راضية .... أختنا العزيزة
لا تحرمينا من طلّتك البهية و تواصلك مع المنتدى أيتها المبدعة الرقيقة
محبتي و احترامي صديقي عاطف أبهرتني بما قدّمته من ترجمة شكرا على هذا الابداع أرجو أن تنال قصائدي بعض جمال قلمك | |
|
| |
| ليس دفاعا عنها .....حسبها أنّها تحب | |
|