انكسار

جلست في المقهى، تراقب البحر ، مستسلمة لإغراء النسمات الرقيقة القادمة منه ينزل بصرها إلى الطاولة ، كأس عصير الفراولة ،كأس مكعبات ثلج، يتوقف الزمن عند المكعبات التي بدأت تغازلها بلمعانها وشفافيتها ، ينصهر الثلج قليلا قليلا حتى غرقت المكعبات في الماء ومع ذلك ماتزال محافظة على صلابتها مستفزة إياها كانها تغيظها أنت تعانين الحر وأنا أسبح في ذوباني باردة ، تبتسم تمسك الكأس برقة تريد أن تشرب وتعري مكعبات الثلج وتقبلها بشفاهها لتنتعش قليلا ، يصل صوت إلى أذنها طالبا بعض النقود ظنت أنه خيل إليها ، يتكرر الصوت ترفع رأسها تلتفت وراءها، ترى رجلا من بلد مجاور يقف بجانب كتفها الأيمن يطلب مالا وعيناه مليئتان بالحزن واحساس المذلة ملابس نظيفة ليست جديدة وليست ممزقة ومع ذلك لم تخف ِ أناقة و بقايا وسامة بقيت تنظر إليه ، لم تقل شيئا ، تراخت يدها وتركت الكأس ، يذهب إلى المقصورة تحت نظراتها يختفى لحظات ليعود مارا بجانبها يكرر قوله للجميع بصوت لين خافت .
متذللا ، يبتعد قليلا يسرع نحوه النادل يمسكه يحاول اخراجه ينظر إليها متوسلا ،تستفيق من ذهولها تطلب من النادل أن يتركه ينظر الى مؤجره الذي أحرجه طلبها يأتي إليها بخطى ثقيلة كرجل خارج من ركام زلزال تنتبه إلى أنه يجر رجله اليمنى تعطه بعض المال وتنظر الى وجهه وقد أمتلأت تعابيره حزنا وألما لا يظهر أنه متسول فهو لا يمسك بك داعيا بكل الأدعية أن تعطيه مالا ولا ينهرك إن لم تفعل ،عينان صافيتان مليئتان بالخجل والقهر يأخذ المال وينصرف لم يقل شكرا ولم تنتظر منه دعاءا ، حولت نظرها صوب البحر تخفي دموعها متسائلة أين من يوقد فتيل الحرب من ذل سؤال هؤلاء ؟! ... يغادر المقهى جارا رجله اليمنى ويده اليسرى التي تعاني من اعاقة خفيفة خلفه والنادل وراءه

عندما تنصهر النفوس فى الأبدان
اثر براكين الحرية
مثلما أنصهر الثلج فى الماء
أثر حرارة الطبيعة
قد نجد جوابا لنتساؤلك

تحياتى لقلمك

سلاف دالي كتب:

جلست في المقهى، تراقب البحر ، مستسلمة لإغراء النسمات الرقيقة القادمة منه ينزل بصرها إلى الطاولة ، كأس عصير الفراولة ،كأس مكعبات ثلج، يتوقف الزمن عند المكعبات التي بدأت تغازلها بلمعانها وشفافيتها ، ينصهر الثلج قليلا قليلا حتى غرقت المكعبات في الماء ومع ذلك ماتزال محافظة على صلابتها مستفزة إياها كانها تغيظها أنت تعانين الحر وأنا أسبح في ذوباني باردة ، تبتسم تمسك الكأس برقة تريد أن تشرب وتعري مكعبات الثلج وتقبلها بشفاهها لتنتعش قليلا ، يصل صوت إلى أذنها طالبا بعض النقود ظنت أنه خيل إليها ، يتكرر الصوت ترفع رأسها تلتفت وراءها، ترى رجلا من بلد مجاور يقف بجانب كتفها الأيمن يطلب مالا وعيناه مليئتان بالحزن واحساس المذلة ملابس نظيفة ليست جديدة وليست ممزقة ومع ذلك لم تخفي أناقة و بقايا وسامة بقيت تنظر إليه ، لم تقل شيئا ، تراخت يدها وتركت الكأس ، يذهب إلى المقصورة تحت نظراتها يختفى لحظات ليعود مارا بجانبها يكرر قوله للجميع بصوت لين خافت متذللا ، يبتعد قليلا يسرع نحوه النادل يمسكه يحاول اخراجه ينظر إليها متوسلا ،تستفيق من ذهولها تطلب من النادل أن يتركه ينظر الى مؤجره الذي أحرجه طلبها يأتي إليها بخطى ثقيلة كرجل خارج من ركام زلزال تنتبه إلى أنه يجر رجله اليمنى تعطه بعض المال وتنظر الى وجهه وقد أمتلأت تعابيره حزنا وألما لا يظهر أنه متسول فهو لا يمسك بك داعيا بكل الأدعية أن تعطيه مالا ولا ينهرك إن لم تفعل ،عينان صافيتان مليئتان بالخجل والقهر يأخذ المال وينصرف لم يقل شكرا ولم تنتظر منه دعاءا ، حولت نظرها صوب البحر تخفي دموعها متسائلة أين من يوقد فتيل الحرب من ذل سؤال هؤلاء ؟! ... يغادر المقهى جارا رجله اليمنى ويده اليسرى التي تعاني من اعاقة خفيفة خلفه والنادل وراءه

******************
الأخت الفاضلة والمبدعة المتألقة .. سلاف دالي .. تحية طيبة ..
/ ينصهر الثلج قليلا قـليلا حتى غرقت المكعبات في الماء ومع ذلك ما تزال محافظة على صلابتها / جملة أدبية فنية قد نمر عليها بسرعة ،لأنها قد تبدو لنا مألوفة وعادية .. ولكنها تحمل في طياتها رمزية عميقة .. هناك تقاطع بين عملية صعوبة ذوبان الثلج وذوبان البشر في الدنيا .. فخلائق عديدة شبيهة بمكعبات الثلج تغرق في الحياة تشاكسها عملية الذوبان ، ولكنها لازالت محافظة على قوتها وصلابتها ، تجابه الحياة ، تقارع المحن والشدائد ، تكابد من أجل الحصول على لقمة العيش .. وبطلنا ما هو إلا مكعب بشري جاء إلى الدنيا نقياً شفافاً سليم البنية ، قوي الجسم .. ولما أصابه العطب بقي دون تغطية صحية ،ولا رعاية اجتماعية .. شاءت الأقدار أن ترمي به في حضن التسول مكرهاً ..
بطل لا يعاني من الجوع الحقيقي ،ولكنه يعاني من الجوع النوعي ،فهو لا يشكو من خواء بطنه من الأطعمة ، وإنما يشكو من قلة تذوقه الأطعمة النوعية /الفراولة / التفاح / الموز /... لذلك ركز نظره نحو البطلة .. وخاصة الكأس الذي يحتوي على مشروب نوعي ..
نص جميل ، غني بالدلالات ، تحتاج إلى خلخلتها ونبش البنية العميقة للنص .. حقاً ،نص يحتاج إلى دراسة ومتابعة .. فظاهرة التسول منتشرة في بلدان العالم بنسب متفاوتة ، والنص لا يعالج هذه الظاهرة بل يلفت انتابهنا إلى ما هو أعمق .. شاب في مقتبل العمر يتسول بكرامة وأنفة .. فكأن الذين يمدون له العون لا يستحقون الشكر فهو شريك لهم في أموالهم ..
نص جميل جمع بين جودة المبنى والمعنى ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

الاديب فرحان بو عزة
قرأـت تعليقك على النص 5 مرات وفي كل مرة اخرج بنفس الانطباع ان تعقيبك اجمل من القصة

ماجد قناوي
سننتظر الاجابة شكرا للمرور

فكرتك عميقة

وسردك ناعم سلس

يحمل فى طياته عنف الواقع المشوه

فيه تحريض على التغير حتي لو بالحرب

( أين من يوقد فتيل الحرب من ذل سؤال هؤلاء ؟! )

دام الابداع

الشاعر رجب احمد معيط
لست ممن يشرعون للحرب واراقة الدماء
لماذا لم تأخذ معنى ان الحرب هي التي اجبرت الالاف على التسول وقانا الله ويلات الحروب

شكرا على المرور

سلاف دالي كتب:

الشاعر رجب احمد معيط
لست ممن يشرعون للحرب واراقة الدماء
لماذا لم تأخذ معنى ان الحرب هي التي اجبرت الالاف على التسول وقانا الله ويلات الحروب

شكرا على المرور

شكرا للتوضيح

واعذري فهمي القاصر لنصك المتميز

وتقبلي اسفي واحترامي

ماجدة القناوي سقط حرف التاء من اسمك في التعقيب السابق اعتذر

اخي الشاعرأحمد رجب معيط"

انا عقبت بكل ود
شكرا على تواضعك والنص نصك وليس نصي
احترامي

تحياتى و تقديري
لنبضك الجميل
سلاف
دمت متألقة

المبدعة الرائعة دائما سلاف قر اءة أولى و أعود بقراءة أكثر تأني في أقرب وقت ، تثبت رائعتك بواستطي

شريف العجوز
في انتظار القراءة المتأنية
شكرا عالتثبيت [justify]

الله على الروعة و الجمال يا سلاف

قصة إنسانية رقيقة و مشاعر حالمة رائعة ... (الألم/ الرجل) و( العطاء/ الفتاه) ..... " لا يسألون الناس إلحافا "

فقط لاحظت خطأ مطبعيا بسيطا و أنت لا شك تقدرين على معالجته ببساطته .

رمضان كريم

دام الإبداع

عاطف عبدالعزيز الحناوي
شكرا على مرورك وعلى تشجيعك وعلى التنبيه
دمت صديقي