أحلام مندس – محمد الفاضل
لطالما داعب مخيلتي هذا الحلم الجميل, حلم رافقني منذ زمن بعيد وكلما تذكرته كانت تعتريني مشاعر لم أعهدها من قبل ممزوجة بالألم والحسرة ولا أبالغ إذ أقول النشوة العارمة التي كانت تجعل دقات قلبي تتسارع لمجرد ذكره .وتأبى الأسئلة إلا أن تتزاحم ولا أجد لها اجابات ترضي نفسي الحائرة. كنت أحلم ومازلت بأن تسود الحرية والديمقراطية في ربوع بلادي قاطبة ويعبر كل فرد عما يدور في خلده دون خوف من زائر الفجرأو مخبر ،الذين طالما حولوا حياتنا إلى جحيم لايطاق, بل بلغ بنا الخوف أن كنا نخاف حتى أن نصرح بهذا الحلم أو نهمس به مخافة أن يفتضح أمرنا وتؤول الأمور إلى مالاتحمد عقب ،فأجهزة الدولة القمعية تترصد الجميع وتعد عليهم أنفاسهم وتراقب حتى سكناتهم.
كنت أحلم أن ينتفض أحرار بلادي ويعمدوا إلى تحطيم جدار الصمت والخوف الذي طالما دأب النظام على ترسيخه طوال عقود لدرجة أصبحنا معها نخاف حتى من أقرب المقربين لكيلا ينتهي بنا المطاف نزلاء عند زوار الفجر. سنوات طوال وأنا أرقب هذه اللحظة التاريخية بأن أكحل عيني بهذا المشهد عندما يثور السجين على الجلاد فقد حول الطغاة بلادي الى سجن كبير تستباح فيها كل الحرمات وتغتال فيها أحلام البسطاء والمحرومين.
عقود طوال ونحن نتجرع كأس الذل على مضض ونحلم بمجئ غد أفضل وشمس الحرية التي ستنشر أشعتها الذهبية فوق أرجاء ربوع بلادي. لطالما شعرت بالغيرة من المنظومة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وحيز الحرية التي تتمتع به بقية شعوب الأرض وقلت في نفسي أليس من الحيف والظلم أن نعيش في ظل هذه الأنظمة التي مازالت تتجاهل المتغيرات الحاصلة في محيطها الدولي بل وتصر على انتهاج سياسة قمعية عفا عليها الزمن وسلوكيات لم تعد مقبولة في عصرنا الراهن من إقامة أكبر عدد من التماثيل وألاف الصور في كل محافظة لعيون القائد الملهم الأوحد إلى إقامة المهرجانات الخطابية للتغزل بعبقرية القائد الرمز الذي عجزت النساء أن يلدن مثله.
وأخيرا أصبح الحلم حقيقة وبدأت تلوح تباشير الخلاص والنصر فقد امتلك الشعب زمام المبادرة وقرر كسر كل الحواجز والجدران ولم يعد يأبه للقمع والقتل اليومي الممنهج فقد فات هؤلاء الطغاة حقيقة مفادها أن لكل شئ نهاية وأن الظلم مرتعه وخيم. شكرا لكم ياأبطال بلادي فقد سطرتم ملحمة وأجترحتم معجزة وأصبحتم مثار اعجاب العالم.
أحلام مندس – محمد الفاضل