ثلاثية العاصفة (1) حماتي طبيبة نفسية
بقلم د صديق الحكيم
(1)
إيمان حسن زوجة شابة في منتصف العقد الثالث جلست إلي أمها تتجاذبان أطراف الحديث وكسؤال رويتني سألتها أمها كيف حال زوجك معك ؟
- سمير قد تغير كثيرا في الأيام الأخيرة
-للأفضل أم للأسوء
-للأفضل طبعا لقد صار زوجا مثاليا بعد أن كان شحيح الكلام في البيت
(2)
لم تمر كلمات إيمان علي أمها مرور الكرام ولم يُرحها هذا التغييرالمفاجئ في سلوك زوج ابنتها فساورتها الشكوك في تورطه في علاقة عاطفية خارج إطار الشرعية وذلك بحسب خبرتها الطويلة في الحياة كزوجة وفي مهنتها كطبيبة نفسية
(3)
-كيف أفاتحها في هذه الشكوك التي هي أقرب إلي اليقين ؟ هل أتحلي بالصبر حتي يظهر دليل ملموس أم أبادر بلفت انتباهها لتكون علي بينة من أمرها؟الأمر محير وكلا الأمرين الصبر والمبادرة عواقبه ربما تكون غير محمودة
(4)
-المبادرة أفضل من الصبر في هذه الحالة علي الأمر لأنه بدلا من يتلاشي لربما تفاقم ولابد من سؤال مباشرحتي لوكان صادم بعض الشئ
-هل تشكين في انه يقيم علاقة عاطفية؟
-سؤال الأم نزل علي إيمان كوقع الصاعقة
-أمي كيف تسألين هذا السؤال وأنا للتو أحدثك عن التغيير الإيجابي في سلوكه
-يابنيتي بحكم حبي الكبير لك وحرصي علي مصلحتك كان علي أن أصارحك بما يحيك في صدري لأنني أكبرمنك سنا وخبرة في الحياة
(5)
-أمي هذه محض شكوك لا أساس لها من الواقع بل علي العكس الأمور تسير علي مايرام وأكثر ممايرام
-أرجو ذلك وأتمنى أن يخيب حدسي وظني
-وماهو المطلوب مني حتي أنفي هذه الشكوك ؟
-يابنيتي ليس مطلوب منك عمل بوليسي أوتجسس الأمر أبسط من ذلك بكثير وإذا اقتنعت بكلامي فماعليك إلا المراقبة اليقظة
(6)
-وماذا أفعل بالضبط؟
- عليك التأكد من هذا الأمر عبر ملاحظة تصرفاته بدقة وملاحظة ما إذا كانت الأعراض التالية تنطبق عليه وهي مرتبة على حسب تسلسل حدوثها:
يبدأ بالاستماع والاستجابة لطلباتك أكثر من المعتاد وهذا عادة ما يكون ناتج عن شعوره بالذنب في المراحل الأولى من علاقته الغرامية ولكن هذا الاهتمام سرعان ما يزول مع تطور علاقته الأخرى.
ثم يقوم بشراء الهدايا والمبالغة في ذلك وتسمى هذه الهدايا "بهدايا الذنب" وتكون عادة ناتجة عن شعوره بتأنيب الضمير فيبدأ بإغداق الهدايا عليك حتى يحسن من شعوره الداخلي.
-وهذه هي الأعراض التي ظهرت حتي الان وأنت تقومي بتفسيرها بحسن نيتك المعتادة علي أنها تغيير للأحسن لكني أصفها حسب خبرتي بالتمويه علي علاقته الغرامية
(7)
-ومالذي سيحدث بعد ذلك ياتري؟
-يصبح تصرفه الغريب هذا يولد لديك الإحساس بان هناك أمرا ليس على ما يرام ، إذا شعرت بذلك عليك الانتباه جيدا لكل تصرفاته وصدقي غريزتك فتجاهل الأمر قد يؤخر وقوع الضرر ولكنه لا يلغيه.
-بدا الإهتمام ظاهرا علي إيمان حيث عدلت من جلستها وصارت أكثر انتباها لما تقوله أمها وتتلهف لسماع تسلسل الأحداث حتي تقف علي حقيقة علاقة زوجها الغرامية وتضبطه متلبسها وتخيلت المشهدالغرامي المتوقع
-وماذا بعد ذلك؟ماذا سيفعل دون جوان عصره وأوانه؟
(
- سيقوم بافتعال المشاكل معك بدون سبب، بهذه الطريقة يعطي لنفسه السبب في مغادرة المنزل والذهاب لمقابلة عشيقته دون أدنى شعور بالذنب.
ثم يبدأ طرح بعض الكلمات عن ضرورة إنهاء العلاقة كلما تعرضتما لبعض المشاكل فإذا كان يعيد هذه العبارات بكثرة فإنه من الواجب ألا تأخذي الكلام علي عواهنيه بل ابذلي جهدك في التمعن بمرامي الكلام
-إلي هذه الدرجة يمكن أن يصل الحال به فيتحدث عن الانفصال ؟
(9)
-نعم والأكثر من ذلك فإنه يصبح مزاجيا بحيث يشعر بالسعادة كلما كان خارجا من المنزل بينما يصاب بالاكتئاب والتجهم كلما كان في المنزل.
ويكف عن فتح أي موضوع للنقاش معك أي أنكما ستعيشان مع بعضكما ولكن دون أن تتفاعلا ويصبح شعوره باردا تجاهك
-كل هذايحدث وأنا كنت سأظل نائمة علي أذني ولا أدري شيئا وهل هناك أعراض أخري أم هذا كل شئ ؟
-بقي شئ أخير لكنه مهم .
-وماهو؟
يبدأ ذوقه بالاختلاف بحيث يصبح يفضل نوعا مختلفا من الأغاني ويختلف ذوقه في الملبس وذلك بما يتناسب مع ذوق عشيقته.
(10)
-هل كل هذا يمكن أن يحدث ؟
-نعم هذه متلازمة كما تعلمنا من دراسة الطب أن الأمراض التي تصيب بني البشر إما أن تكون مفردة أومايسمي بالمتلازمة التي تتشكل من مجموعة من الأمراض ويصدق عليها قول القائل "المصائب لاتأتي فرادي" نعم تأتي في متلازمات مجتمعة