سيارة إسعاف

سيارة إسعاف
سمعته قال :
حسبي الله ونعم الوكيل ،، كلمة لها طلاوة لو عرفناها ،،لها مفعول السحر لو قلتها وأنت مظلوم ،،، إنها من الله ولله،، إنها من الله سبحانه وتعالى الذي قالها من فوق سبع سماوات ،، كلمة ثقيلة في ميزان العدل عندما تكون صادرة من مظلوم ،،، حسبي الله ونعم الوكيل ،،، قلتها في لحظة لرجل أعرفه ،،، صعيدي ،،،
المشهد
يدخل هذا الرجل يوم أن كان يطلب مني نقود على سبيل السلف ،، نقود بسيطة ولكني فقط قلت له " ربنا يسهل " .. كان في نفس اليوم آخذاً لإيجار مقر الجمعية ،، صاحب ملك إذن ،،، ولحظتها يطلب مني سلفة بسيطة ،،، ما كان من هذا الرجل أن يأتي في اليوم التالي وكله شر مستطير ،، لم أدر لماذا ، وجدته أمامي وعلى مقربة بضع خطوات ،،، إذن لا بد له من نزول بضع درجات من السلم .. فقط درجة وسطى ،، ويبدأ بعدها التهليل لشئ بسيط على سبيل السلفة التي ستعود مخصومة من إيجار الشهر القادم ،، توقعت منه أن أرى وجهاً سخيفاً يأتي ويطيح بكل شئ في لحظات غباء منه ،، ولأنني أعامله على هذه الشاكلة منذ سنوات كثيرة مضت ،، ثلاثون عاماً أو يزيد ،، صاحب العقار ،،، يرتفع طوله إلى المتران والربع بالتمام والكمال ،،، نحيف الجسد ،، والعمامة تعلوا رأسه ويأخذ شكل متقال ذلك الفنان الشعبي ،، هكذا كان ذلك الرجل ،، ما من زفة لشاب يعرفه أم لم يعرفه يقوم بهدية بسيطة يقدمها لأصحاب ذلك الفرح ،، ذلك أمام ميراثه من أبيه ،،، عمارة كبيرة أنا أحد قاطنيها من زمن يربو فوق الثلاثين ،، يقوم ذلك الرجل بعمل رقصة متقال بالتمام والكمال كما نراها على شاشات التلفزيون ،، رقصة التحطيبة ،، تلك الرقصة الصعيدية والتي كان من عمل لها شهرة كبيرة هو الفنان متقال ،،، ذلك ما نراه من هذا الصعيدي ،، ولكن آه من تلك العقلية ،، أعوذ بالله ،،، اللسان عندما يكون مقلوباً لديه يخرج جام غضبه عليَّ!! ولأنني أعرف السبب دائما ما أعفوا عنه ،، دائماً ينقم مني لأسباب هو يعرفها ،،، أسباب غرست من سوداويِّ القلوب ،،، ربما ،،، ربما لأنه وصل إلى ميراث والده رحمةالله عيه الذي مكنني من تلك المساحة الكبيرة من تلك العمارة ،، ذلك من ثلاثون عاماً ،، ولهذا أشعر أنه يكن لي مشاعر اعوذ بالله منها ،،، جاء هذا الرجل وهبط إلى السلمة الوسطى من ذلك السلم وأرى غضب كبير يرتسم على وجهه ،، هذا الغضب والسباب وجدته يتلفظ بها من وسط الشارع أمام المارة ،، وبدا رويداً رويدا يعلم كل من يجلس أو يمر أنني رجل مدين لهذا الصعيدي بذلك المبلغ الزهيد ،، عشرون جنيها ً ،،، يطلبها على سبيل السلفة الشهرية المستديمة بعد أن يأخذ ماله حسب المتفق عليه مسبقاً ومن سنوات ......
على الفور أقول في نفسي حسبي الله ونعم الوكيل ،، بدأت أصوب وجهي إليه لحظة تطأ فيها رجله اليسرى الدرجة الوسطى من السلم ،، فقط نطقت ببضع كلمات من القرآن الكريم وفي آخرها " حسبي الله ونعم الوكيل ،،،
ياللهول ،،، يجده كل من يجلس في المقهى المجاور والمقابل ومن كان داخل مقر الجمعية ،، عدد كبير لحظة الحادث ،، نعم إنه حادث نرى فيه حكم الله على الفور وعلى مرأي ومسمع من الجميع ،، لقد ظن الجميع إنني مدين له وله الحق في هذه الكلمات التي تخرج من رجل يصل من السن إلى حكمته ،،، سبعة وستون عاماً ،،، يا إلاهي !! سبعة وستون عاماً ولا يتحكم في لسانة إلى هذا الحد ليتلفظ بألفاظ وألفاظ كلها بذاءات ،، ياإلاهي ،، إنه مسلسل يتكرر كثيراً لسبب أم لغير سبب ، يا إلاهي إنها حالة فريدة لشخص ليست لديه من المسئوليات إلا أنه يعول نفسه فقط ويمتلك ثلاث عمارات كبيرة ،، ودائما خالي الجيوب تماماً ،،، دائم الهِتْ هات ،،، ودائماً محتاج ،،، مشيت خلفه يوما وكان متوجهاً إلى داخل العمار ،، راقبته .. وجدته يخزن بعض زجاجات البيرة أم الخمرة منقوع الباراطيش ،،، أعوذ بالله .. يأتي أخاه الأصغر ويكتشف بنفسه ذلك بناء على بلاغ مني ،، ولهذا يعتبرني أفشيت سره ،، ولكننا تعاونا بعد ذلك مع أخيه هذا الذي دائم التعامل معي عن قرب ودائما ما تكلمنا عن سبل إنفاق هذا الرجل وهو في هذا السن ،، سبعة وسبعون عاماً أو يزيد ،،، سبحان الله أن يكون محتاجاً دائماً للأموال ،،، كثيراً ما يطلب مني ومن غيري بهذا الشكل الذي يسئ إلى غيره من العائلة على الأقل ،، إنه من عائلة كبيرة أيضاً ،، ولكن دائما كنا نحكم عليه بتفويت في عقله لكبر سنه ومن يحاسب الكبير ،، هكذا كان رد أقاربه كلما أخطأ وأوصلني في بعض المرات لدرجة خطيرة ولكن دائما ما كنت أتذكر والده رحمة الله عليه فكان هذا ما يجعلني أهدأ أمام بذاءات وعقلية لم أعرف لها مثيلاً في هذه الحياة ،، ودائما ما أقول في نفسي لماذا يخترع مشادة كل بضع أيام ليخرجني عن شعورى تماماً ،،، أيكون من خلفه شياطين الإنس الذين يجلسون معه من أصحاب النميمة والسوء ؟،،، رزقهم الله لكل ما يتمنوه لنا ،، يارب أعطهم كل ما يتمنونه لنا ،،، حسبي الله ونعم الوكيل شديدة المفعول لو أنك مظلوما ،،،
وأخيراً فلندخل إلى سياق الوصف التفصيلي لما حدث على الفور حينما رأيت ذلك وتفوهت ببضع كلمات واختتمتها بحسبنا الله والنعم الوكيل ،،، وإذا بالجميع يرى نخلة فارهة في الطول تتماوج يميناً ويساراً بشكل واضح للعيان ،، أسمع من يقول يا ساتر يارب ،، يارب سلم ،، إنه في لحظة يقع ممددا على الأرض وبها سلالم محدبة بها خمسة وأربعون درجة كفيلة بشق الرأس على الأقل ،، يفترش الأرض ويسرع الجميع لنجدته ،،، أجلس مكاني ولم أتحرك ،، تحرك الجميع إلا أنا ،، منتظر ما سوف تسفر عنه الأحداث ،،، الكل ملتف حوله منهم من يحاول جلوسه لشرب ماء ومنهم من يحرك الهواء بجلبابه ليعطيه بعض الهواء ،،منهم من ينزع ملابسة ويدلك قلبه ،، تصورته في عداد الموتى،،، لا يهمس بكلمة واحدة ،، ما الأمر ،، هل فارق الحياة ،، أقول في نفسي ،، أسمع من يقول سيارة بسرعة ،، مستشفى حالا ،، إبنه يقف يقف وسط المنقذين لا يعرف ماذا يفعل ؟ ،،، بدأتُ أرى من يجرى يميناً ويساراً باحثين عن أي سيارة ،، لحظات قلق ،،أقول في نفسي أيموت هذا الرجل على عتبة المحل ،، ياله من فأل شئم ،، وفجأة أنهض من مكاني لحظة وصول السيارة ،،، أقوم وأنهض آمراً الجميع بالانصراف ... أقول لهم أحملوه وأدخلوه إلى الداخل ،، أنظر لحظتها أجد شحوب الوجه ينذر بدنو الأجل... حقاً ذلك ما رأيت ورآه الجميع معي ،، ذلك ما رأيت ،، رجل عظمة كبيرة ويقع بهذا الشكل المثير أمام الجميع ،،ثم يسمع صوت ارتطام شديد ،، على الأقل هناك كسر في مكان ما في جسده ،، قلت في نفسي سلم يارب ،، أقوم وأقتادهم إلى حيث أجلس داخل الجمعية ،، أقوم بتلقينه بعض كلمات كان يعرفها هو فقط ،،، أقول له أوع تموت عندي وخليك راجل وبلاش ... أتريد أقول للناس إنت جاي من أجل عشرون جنيه سلف ،، الكل سوف يدنيك إلى إبعد الحدود وبلا تخليني أعمل لك فضيحة ،،، انهض وتماسك وعموماً دقيقة واحدة ويأتي لك مشروباً فيه الشفاء ،، وفعلاً يشرب مشروب فيه سحر غريب ،،، الحمد لله انه تعافى أخيراً ،،، حذار من حسبي الله ونعم الوكيل عندما تخرج من مظوم ...
ولكن ما أثارني بعد أن بدأ هذا الرجل يفيق ويرجع الدماء مرة أخرى إلى وجهه الشاحب شحوب ليمونة باهتة ،، ما حدث أن يقوم نجله المبجل بتوجيه ما حدث لي شخصياً ،، فكان هذا من قبيل السخافة المتناهية .. أقول له لماذا ؟ يقول لأنك وضعت بلاط سيراميك ،، يقولها ويؤكدها فوجدتني أثور عليه إثارة ما بعدها إثارة ،، وجدتني أصب جام غضبي عليه ،،
هنا أقول حسبي الله ونعم الوكيل فيك أيها الواقف وتلومني أنا في أنني الذي أوقعت أبيك هذه الوقعة المميتة ... ولكني قلت له فقط حسبي الله ونعم الوكيل فيك أنت لما تقوم به من عمل سوف يحاسبك عليه الله حساباً عسيراً ذلك لأنك اغتصبت مقر الجمعية وتسببت في إيقاف بعض أنشطها التي بدأت ،، إنك بذلك أغضبت الله لأنك أطفأت شمعة كانت من المفروض أن ينتشر نورها لمن يحتاجها ،،، وجدتني أقول له حسبي الله ونعم الوكيل لأنك اتبعد الهوى واغتصبت مقر الجمعية فكان ما رأيته في الايام اللاحقة ،،
حقاً بدأت أتجه نحو الله وأتوسل إليه ليريني في ذلك الشاب وحدث ما قد يصيب العقل بشئ ما ،، وجدتني أقف امام الله في صلاتي وأنا متجه ناحية القبلة ويفصلني عن مدخل العمارة التي يقع بها مكتبي سوى حائط فقط .. ثلاثون سم فقط ،، حائط يفصلنى عن ذلك المدخل وأنا أقف مع ربي أثناء صلاة ظهر أحد الأيام ،، يمر ذلك الشاب من ذلك المدخل في هذه اللحظة على غير عادته في الحضور إلى ذلك المكان ولكنها ترتيب من الله ،، يمر من امامي ويتخبط يميناً ويساراً وقد أغمي عليه في نفس اللحظة لأرى هرجاً ومرجاً في الخارج ،، أرى من يصيح ويقول سيارة .. سيارة إسعاف .............
تمت

زء من كتاب ( سطور في حياتي ) للمؤلف

جميل ما هو هنا

كن كما انت دورما رائع

مودتى