يا قاهرة ..!
شعر : محمد الزينو السلوم
• هذه القصيدة غزلت في إحدى زياراتي للقاهرة وتاريخها في اسفل القصيدة..مهداة إلى أخي وحبيبي أبو الوفا(عاطف الجندي) وأهالي القاهرة..وألف مبروك ثورتهم المباركة، مهما..ومهما..فلا بدّ.!!!
-------------------------------------------------------------------------------
يا قاهرهْ : يا حلميَ المنشود ، يا جنة الخلودْ ..
يا فراشة تغازل الأغصان والزهورْ .. يا ألف غصنٍ مثمرٍ في ثورة النهودْ ..
يا ألف عشقٍ طائرٍ ، يجدد الوعودْ .. ويحفظ العهودْ .. في لوعة القصيدْ .. وروعة النشيدْ ..!
*
يا قاهرة : لا.لا تلومي دمعتي ، زرفتها منذ صعدتُ الطائرةْ ..
فدمعتي زرفتها برحلتي ..لفرحتي فيك ، في لقاء من أحبْ .. يا صانعة الجبابرةْ ..!
*
يا قاهرة : مالي أراك تذرفين الدمع منذ أن وطأت أرضك الحبيبةْ ؟!
أحسستُ وجهك الحزين ينزف الجراحْ .. عارية في المساء والصباحْ ..
لا شمس ، لا قمرْ .. يحيطك الخطرْ ..!
*
يا قاهرة : يا مدينة السلام والحمامْ .. مدينة الحرب والقتامْ ..
في الليل ، في النهار ، لا تنامْ .. سماؤها كثيفة الغيومْ .. لكنها شحيحة المطرْ ..
وشعبها كأنه الحمامْ .. يشرب ، يأكل الأمَرْ ..!
يا قاهرة : يا جنة الأحلامْ .. يا دوحة تفوح بالعطورْ .. من خضرة الربيع والزهورْ ..
يا ملهمة الشعر ، يا قصيدة العصورْ ..يا واحة قاماتها تسمق كالنخيلْ ..
يا طفلة بثوبها الجميلْ .. لكنها فوق السرير كالقتيلْ ..!
ما لي أراك دائماً في غرفة الإنعاش، ثكلى، ناطرةْ..مثل المريض صابرةْ ..
زائرة، مغادرةْ .. قادمة، مسافرةْ .. ماذا أصاب القاهرةْ ؟!
*
يا قاهرة : يا عروسة على الرصيف تفتح الأكفّ جائعةْ ..
لم أعد أعرف أنك شارية أم بائعةْ .!
يا عصفورة على الشجرْ .. يلفها الخطرْ .. صيادها يظلّ في يديه بندقيةْ ..
والعصافير من طبعها ذكيةْ .. ما بالها بلا حراكٍ، لا تطيرْ ؟!
كأنها لا تعرف القضيةْ ..!
صيادها بلا إحساسْ .. يسدّد بالبندقيةْ ..محشوّة بوابل الرصاصْ ..
والعصافير بروحها الأبيةْ ..ونفسها الشقيةْ .. لا تعرف النجاة والخلاصْ ..!
*
فالقاهرة ، بعد أن غزتها أسراب الجرادْ ..غدت عجوزاً لا حراكْ .. مثل الفقير صابرةْ .!
ظهرها انحنى ولا عصا.. ولم تعد على النهوض قادرةْ ..!
يا قاهرة : يا عروساً على ضفاف النيل نائمةْ .. يا طفلة مثل الفراشات في الزهور هائمة ..
تعشق الحياة والألعابْ ..تقرأ الكتابْ .. لكنها عارية من الثيابْ ..
لكنها :برغم عريها وفقرها وجوعها ..برغم نزف جرحها .. ونسف صرحها ..
تحيا كما العروس حالمةْ ..لكنها : تعيشْ..لا شمس ، لا قمرْ ..
هل يا ترى الأيام في قسوتها .. كألف ظالمٍ و ظالمةْ ؟!
*
يا قاهرة : يا من صنعتِ المجد في التاريخ كالجبابرةْ .. يا حنة الأحلامْ .. يا مدينة الأهرامْ ..
قاماتك امتدتْ كما الجبالْ ..وأينعت كواحة النخيلْ ..بقدّها الجميلْ . وظلها الظليلْ ..
ترى لماذا أصبحتْ بلا ثمرْ ، لا شمس ، لا قمرْ .. قاماتها سامقة عاليةْ .. لكنها من الثياب عاريةْ ..
لا زمان ، لا مكانْ .. لا تعرف الأمانْ .. لكنها تعيش في الوجدانْ ..؟!
*
يا قاهرةْ : يا مدينة الأبطال والجبابرةْ .. إن غزاك الموت والردى .. ولم يعد للصوت من صدى ..
لا تحزني ، لا تيأسي ..غداً تُجدد الحياةْ .. ويزرع الأملْ .. فأول الطريق خطوةٌ ..من شاعر أو شاعرةْ
وفي نهاية المطاف أنت القاهرةْ ..وبعدها على الجراد ، ثم من أتي به ..لا بدّ أن تدور ألف دائرة ودائرةْ ..فأبشري يا قاهرةْ ..يا صانعة الأبطال والجبابرةْ .. مهما تفاقم الأذى ..وحلّ بك الردى ..
مهما تجرّح الشذا .. أصابك الأذى .. فأنت ألف، الف قاهرة..يا القاهرةْ .
القاهرة
12/9/2002م