|
| الدم والمشمش_ مرة أخرى | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: الدم والمشمش_ مرة أخرى الخميس ديسمبر 15, 2011 8:39 pm | |
| عندما بدأت بتأليف هذه القصة كنت قد بدأت أهتم بالأدب, فكانت من أول قصصى, وعندما نشرتها هنا لم تلق ماتمنيت أن تلقاه, وتحيرت: "ماالخطأ فيها, أين المشكلة" ثم لاحظت منذ فترة قريبة وأنا أعيد قراءتها لاكتشاف هذا الشئ الغامض, وجدتنى وقد أغرقتها فى النظرات الفلسفية_ وكنت أظن أنها ميزة_ فانتبهت لهذا الخطأ الفادح. ولأن هذه قصة حقيقية,تأثرت بها بشدة, وهالنى أنها ستضيع وتصنف من القصص السيئة, عدت لورقتى وقلمى واستدعيت هذا الحادث الأليم فى ذهنى ثم كتبتها مرة أخرى... ...... وأضعها الآن بين أيديكم, فى انتظار رأيكم, صدقونى سأسعد بالنصح قبل الإثناءالدم والمشمش
خرجت من بوابة الجامعة, وأنا أتفادى بكتابى العريض لفحات شمس يوليو الحارقة المسلطة على رأسى, وحبات العرق تنزلق على وجهى, بينما قدماى كانت تحملانى إلى مسكنى هاربا من الصخب والحر القائظ ومن النفوس الصيفية. مشيت قليلا إلى اليمين خارج البوابة ثم وقفت على الرصيف تحت اللافتة "موقف السيرفيس" وأخذت أعد نفسى للانتظار, وانتَظرَت بجوارى سيدة قاتمة الملامح صامتة اللقطات كأنها مشهد صامت يتشبث بصمته فى هذا الهياج العشوائى من الحركة والاختلاط, يلفها جلباب أسود لايخلو من علامات البؤس, يتدلى من قبضتها كيس ضئيل به حبيبات معدودة, أحسبها مشمش. التفت إلى وجهها الشاحب؛ كان يشبه قطعة من أرض سوداء تشققت طلبا للماء, وما أنفها إلا نتوء برز من هذه الأرض, وشفتاها تلقى بين الحين والآخر بتمتمات غير مفهومة, أما عيناها فأستطيع أن أفهم ماتقول ! وقفت بجوارها وقد انتبهْت إلى صمتى المغرق فى ملامحها وقد أصبحت جزءا من عالمها الصامت, فرجعت قليلا إلى الوراء فأعود إلى عالمى, واستأنفْت انتظارى للسيرفيس, والشمس مازالت متعامدة على الرؤوس تتسلل بأناملها الجلود لتلتقط حبات العرق من وجوهنا المشوية بلفحاتها. كانت سيارات السيرفيس تخطف الطريق ذهابا مكدسة بالركاب, فأبيت أن أستوقف أحدها, وآثرت انتظار واحد به مقعد فارغ على الأقل. وبعد ذلك بقليل اقترب نحوى سيريفيس متباطئا حتى توقف أمامى, وأصبحت هذه السيدة خلفه, لم يكن به ركاب فسألت السائق: -"طالع يااسطى" فرد: "لا أنا هركن شوية" فتأففت من هذا الوضع الشبه متكرر. أما السيدة فاكتفت بالتواء رقبتها ناحية سؤالى, وعندما سمعت جواب السائق عادت إلى عالما الصامت العميق. حجب عنى السيرفيس بعضا من آشعة الشمس, فجاء رحمة إلى أن يأتى السيرفيس المنتظر.. وبينما أقف فى هذا الظل شارد الفكر, متعب, أرهقنى اليوم بمشاغله وحرارته, فجأة تحرك الظل من تحتى حاملاً سيرفيسه إلى يسارى ببطء ومازال يتحرك ولازلت شارد الذهن, لاأهتم بما حولى حتى استوقفنى شئ غريب. شئ ما تلتهمه الأنياب المطاطية, شئ أسود يدور بين الإطارات, ألقى بنظرى إلى يسارى وقد اختفت السيدة البائسة ذات الجلباب الأسود . فَهِمْت بوجهى نحو السيارة أضرب بقبضتى جدارها صارخاً نحو السائق: "توقف..توقف..توقف.." , فيتوقف السائق مجزوعا, ويهرول الناس منقادين بحبال من الحيرة, مشدوهين بصرخاتى, واكتنف المكان فجأة لغط كثير. التفّت النساء حول السيرفيس وقد جمعن أكفهن بوجوههن وتحدقت أعينهن نحو الجلباب المفروم بين الإطارات, ورجال يستنزلون قوتهم العضلية جاذبين الجلباب المتهالك, وجمع آخر من الشباب يحاولون رفع السيرفيس, يطلق أحدهم صيحات لإثارة حماستهم؛ فتتساقط قطرات العرق من جباههم فتختلط ببقع الدماء من تحت أقدامهم. والبعض الآخر يضرب بباطن كفيه مرددين: "لا حول ولا قوة إلا بالله". ظننت أنهم إنما يجذبون قلبى أو يجرون هلعى, حتى سقط من صدرى حين رأيتهم يمسكون بذراعيها المتراخيان.... (ياإلهى أرأيت كل ذلك حقا؟!) نعم رأيت, رأيت وجهها الدامى مُمسِك بعيناها المتجحظتان خارج جبهتها المتجلفة, بينما كانت رأسها المكشوفة تتدلى من على ذراع أحدهم والدم يتدفق من بين أصابعه. وجهها لايبوح بأى موت ولايبوح بأى حياة. وتوقفت شفتاها عن إلقاء التمتمات! يحاولون إفاقتها من غيبوبتها, والنساء تغطين مناطق عورتها ويمسحن وجهها من الدماء, ثم حملها الرجال مسرعين إلى السيرفيس لينقلوها إلى المستشفى الجامعى المجاور.. وتنطلق السيارة, وينفض التجمهر, ولايبقى سواى – مذهول مما رأيت, قد تجمهر من تجمهر وشاهد من شاهد وانفض من انفض, وقد انتهى الأمر. ليتنى أكون بهذه المرونة. فقد أصبحت مثل هذا التمثال الباسق الذى يقف أمامى, لايستطيع الحركة, لكنه يبدو أفضل حالاً منى كثيراً, على الأقل هو مبتسم! ألقيت نظرة أخيرة على السيارة وهى تتلاشى فى قلب الطريق الملتوى, ثم رحلت أحمل خطاى المثقلة والشمس من خلفى تهوى إلى مضجعها لتروى مآس أخرى بآوار أشعتها, ولايبق سوى آشعة الشفق تقلب حبيبات المشمش المتناثرة فيعكس عليها حمرة الدماء.... تُرى, هل تجسد شظف العيش فى حبيبات المشمش, ونزلت قسوة القدر فى بقع الدماء ؟! | |
| | | بلقيس أديبة
الدولة : عدد الرسائل : 519 51 نقاط : 599 تاريخ التسجيل : 07/09/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الخميس ديسمبر 22, 2011 3:47 am | |
| نعم ! هذا هو بالضبط ما حصل أستاذ محمد الشواف تجسد شظف العيش في حبيبات المشمش ! ونزلت قسوة القدر في بقع الدماء ! نهاية حتمية لمشهد الموت ..بتصوير مميز هناك ترادف بين تعاطي الحياة في القصة وبين انتزاع الموت لهذه الحياة ! وهنا يكمن الجوهر . مودتي ..وإعجابي | |
| | | اسماء منصور أديبة
الدولة : عدد الرسائل : 369 41 نقاط : 417 تاريخ التسجيل : 23/10/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:15 am | |
| صديقى محمد
اثارت قصتك المى الذى طال
فذكرتنى قصتك بحادثى
الاليم والذى نال منى الكثير
منذ شهر
الحمد لله رب العالمين
لكن سردك رائع
ولك التميز صديقى
ولك كل الود
دمت بخير | |
| | | محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الإثنين ديسمبر 26, 2011 12:12 pm | |
| - بلقيس كتب:
- نعم !
هذا هو بالضبط ما حصل أستاذ محمد الشواف تجسد شظف العيش في حبيبات المشمش ! ونزلت قسوة القدر في بقع الدماء ! نهاية حتمية لمشهد الموت ..بتصوير مميز هناك ترادف بين تعاطي الحياة في القصة وبين انتزاع الموت لهذه الحياة ! وهنا يكمن الجوهر . مودتي ..وإعجابي عزيزتى الاستاذة بلقيس, الحياة والقدر هما صندوقى شقاء الإنسان, وأحيانا سعادته... أى أنهما قد يكونان الإنسان نفسه..! أتشرف دائما بردودك, بل أنتظرها أيضا تقديرى وتحياتى الشديدين.... وارجو أن تقبلى اعتذارى عن تأخرى الغير مقصود | |
| | | محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الإثنين ديسمبر 26, 2011 1:01 pm | |
| - اسماء منصور كتب:
- صديقى محمد
اثارت قصتك المى الذى طال
فذكرتنى قصتك بحادثى
الاليم والذى نال منى الكثير
منذ شهر
الحمد لله رب العالمين
لكن سردك رائع
ولك التميز صديقى
ولك كل الود
دمت بخير أختى أسماء/ تألم قلبى كثيرا لحادثك هذا, وأتمنى من كل قلبى أن يعافيك الله بأسرع وقت,,, والحمد لله أنك بيننا نستمتع بما تكتبين وننتظر ردودك لما تقرأين لنا. ودمتى بكل بخير. وتخرجين من هذه الأزمة أقوى مما كنتى عليه, لأنك ستحملين كل معانى القوة والصبر. كما أنى تشرفت بردك وبإثناءك الذى أقدره كثيرا,,, تحياتى وتقديرى أختى أسماء,,,, | |
| | | محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الإثنين يناير 09, 2012 9:03 am | |
| أعتقد أنى وفقت إلى حد ما فى هذا (التعديل الأخير) فقد فازت القصة بالمركز الثانى فى مسابقة جامعة الزقازيق للقصة القصيرة .... شكرا لكم
http://waraqalam.blogspot.com/2011/12/blog-post_1051.html | |
| | | عاطف عبدالعزيز الحناوي مشرف النقد و تحت المجهر
الدولة : عدد الرسائل : 1923 46 نقاط : 2096 تاريخ التسجيل : 17/12/2010 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الإثنين يناير 09, 2012 10:26 am | |
| - محمد الشواف كتب:
- عندما بدأت بتأليف هذه القصة كنت قد بدأت أهتم بالأدب, فكانت من أول قصصى,
وعندما نشرتها هنا لم تلق ماتمنيت أن تلقاه, وتحيرت: "ماالخطأ فيها, أين المشكلة" ثم لاحظت منذ فترة قريبة وأنا أعيد قراءتها لاكتشاف هذا الشئ الغامض, وجدتنى وقد أغرقتها فى النظرات الفلسفية_ وكنت أظن أنها ميزة_ فانتبهت لهذا الخطأ الفادح. ولأن هذه قصة حقيقية,تأثرت بها بشدة, وهالنى أنها ستضيع وتصنف من القصص السيئة, عدت لورقتى وقلمى واستدعيت هذا الحادث الأليم فى ذهنى ثم كتبتها مرة أخرى... ...... وأضعها الآن بين أيديكم, فى انتظار رأيكم, صدقونى سأسعد بالنصح قبل الإثناء
الدم والمشمش
خرجت من بوابة الجامعة, وأنا أتفادى بكتابى العريض لفحات شمس يوليو الحارقة المسلطة على رأسى, وحبات العرق تنزلق على وجهى, بينما قدماى كانت تحملانى إلى مسكنى هاربا من الصخب والحر القائظ ومن النفوس الصيفية. مشيت قليلا إلى اليمين خارج البوابة ثم وقفت على الرصيف تحت اللافتة "موقف السيرفيس" وأخذت أعد نفسى للانتظار, وانتَظرَت بجوارى سيدة قاتمة الملامح صامتة اللقطات كأنها مشهد صامت يتشبث بصمته فى هذا الهياج العشوائى من الحركة والاختلاط, يلفها جلباب أسود لايخلو من علامات البؤس, يتدلى من قبضتها كيس ضئيل به حبيبات معدودة, أحسبها مشمش. التفت إلى وجهها الشاحب؛ كان يشبه قطعة من أرض سوداء تشققت طلبا للماء, وما أنفها إلا نتوء برز من هذه الأرض, وشفتاها تلقى بين الحين والآخر بتمتمات غير مفهومة, أما عيناها فأستطيع أن أفهم ماتقول ! وقفت بجوارها وقد انتبهْت إلى صمتى المغرق فى ملامحها وقد أصبحت جزءا من عالمها الصامت, فرجعت قليلا إلى الوراء فأعود إلى عالمى, واستأنفْت انتظارى للسيرفيس, والشمس مازالت متعامدة على الرؤوس تتسلل بأناملها الجلود لتلتقط حبات العرق من وجوهنا المشوية بلفحاتها. كانت سيارات السيرفيس تخطف الطريق ذهابا مكدسة بالركاب, فأبيت أن أستوقف أحدها, وآثرت انتظار واحد به مقعد فارغ على الأقل. وبعد ذلك بقليل اقترب نحوى سيريفيس متباطئا حتى توقف أمامى, وأصبحت هذه السيدة خلفه, لم يكن به ركاب فسألت السائق: -"طالع يااسطى" فرد: "لا أنا هركن شوية" فتأففت من هذا الوضع الشبه متكرر. أما السيدة فاكتفت بالتواء رقبتها ناحية سؤالى, وعندما سمعت جواب السائق عادت إلى عالما الصامت العميق. حجب عنى السيرفيس بعضا من آشعة الشمس, فجاء رحمة إلى أن يأتى السيرفيس المنتظر.. وبينما أقف فى هذا الظل شارد الفكر, متعب, أرهقنى اليوم بمشاغله وحرارته, فجأة تحرك الظل من تحتى حاملاً سيرفيسه إلى يسارى ببطء ومازال يتحرك ولازلت شارد الذهن, لاأهتم بما حولى حتى استوقفنى شئ غريب. شئ ما تلتهمه الأنياب المطاطية, شئ أسود يدور بين الإطارات, ألقى بنظرى إلى يسارى وقد اختفت السيدة البائسة ذات الجلباب الأسود . فَهِمْت بوجهى نحو السيارة أضرب بقبضتى جدارها صارخاً نحو السائق: "توقف..توقف..توقف.." , فيتوقف السائق مجزوعا, ويهرول الناس منقادين بحبال من الحيرة, مشدوهين بصرخاتى, واكتنف المكان فجأة لغط كثير. التفّت النساء حول السيرفيس وقد جمعن أكفهن بوجوههن وتحدقت أعينهن نحو الجلباب المفروم بين الإطارات, ورجال يستنزلون قوتهم العضلية جاذبين الجلباب المتهالك, وجمع آخر من الشباب يحاولون رفع السيرفيس, يطلق أحدهم صيحات لإثارة حماستهم؛ فتتساقط قطرات العرق من جباههم فتختلط ببقع الدماء من تحت أقدامهم. والبعض الآخر يضرب بباطن كفيه مرددين: "لا حول ولا قوة إلا بالله". ظننت أنهم إنما يجذبون قلبى أو يجرون هلعى, حتى سقط من صدرى حين رأيتهم يمسكون بذراعيها المتراخيان.... (ياإلهى أرأيت كل ذلك حقا؟!)
نعم رأيت, رأيت وجهها الدامى مُمسِك بعيناها المتجحظتان خارج جبهتها المتجلفة, بينما كانت رأسها المكشوفة تتدلى من على ذراع أحدهم والدم يتدفق من بين أصابعه. وجهها لايبوح بأى موت ولايبوح بأى حياة. وتوقفت شفتاها عن إلقاء التمتمات! يحاولون إفاقتها من غيبوبتها, والنساء تغطين مناطق عورتها ويمسحن وجهها من الدماء, ثم حملها الرجال مسرعين إلى السيرفيس لينقلوها إلى المستشفى الجامعى المجاور.. وتنطلق السيارة, وينفض التجمهر, ولايبقى سواى – مذهول مما رأيت, قد تجمهر من تجمهر وشاهد من شاهد وانفض من انفض, وقد انتهى الأمر. ليتنى أكون بهذه المرونة. فقد أصبحت مثل هذا التمثال الباسق الذى يقف أمامى, لايستطيع الحركة, لكنه يبدو أفضل حالاً منى كثيراً, على الأقل هو مبتسم!
ألقيت نظرة أخيرة على السيارة وهى تتلاشى فى قلب الطريق الملتوى, ثم رحلت أحمل خطاى المثقلة والشمس من خلفى تهوى إلى مضجعها لتروى مآس أخرى بآوار أشعتها, ولايبق سوى آشعة الشفق تقلب حبيبات المشمش المتناثرة فيعكس عليها حمرة الدماء.... تُرى, هل تجسد شظف العيش فى حبيبات المشمش, ونزلت قسوة القدر فى بقع الدماء ؟!
أحسنت يا صديقي العزيز ...قصة جميلة حقا ...رغم قسوة و صعوبة الموقف الذي قمت بتصويره و أبدعت في ذلك جدا..هذا النمط من الكتابة أحبه حبا جما أما عن الأخطاء المطبعية( النحوية ) فهي موجودة في قصتك الرائعة الجمال و بسهولة سوف تكتشفها و تعالجها بإذن الله..و أنت قادر علي ذلك تحياتي صديقي الحبيب | |
| | | ragb عضو مشارك
الدولة : عدد الرسائل : 14 نقاط : 14 تاريخ التسجيل : 27/12/2011
| | | | محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الثلاثاء يناير 10, 2012 2:30 pm | |
| - عاطف عبدالعزيز الحناوي كتب:
- محمد الشواف كتب:
- عندما بدأت بتأليف هذه القصة كنت قد بدأت أهتم بالأدب, فكانت من أول قصصى,
وعندما نشرتها هنا لم تلق ماتمنيت أن تلقاه, وتحيرت: "ماالخطأ فيها, أين المشكلة" ثم لاحظت منذ فترة قريبة وأنا أعيد قراءتها لاكتشاف هذا الشئ الغامض, وجدتنى وقد أغرقتها فى النظرات الفلسفية_ وكنت أظن أنها ميزة_ فانتبهت لهذا الخطأ الفادح. ولأن هذه قصة حقيقية,تأثرت بها بشدة, وهالنى أنها ستضيع وتصنف من القصص السيئة, عدت لورقتى وقلمى واستدعيت هذا الحادث الأليم فى ذهنى ثم كتبتها مرة أخرى... ...... وأضعها الآن بين أيديكم, فى انتظار رأيكم, صدقونى سأسعد بالنصح قبل الإثناء
الدم والمشمش
خرجت من بوابة الجامعة, وأنا أتفادى بكتابى العريض لفحات شمس يوليو الحارقة المسلطة على رأسى, وحبات العرق تنزلق على وجهى, بينما قدماى كانت تحملانى إلى مسكنى هاربا من الصخب والحر القائظ ومن النفوس الصيفية. مشيت قليلا إلى اليمين خارج البوابة ثم وقفت على الرصيف تحت اللافتة "موقف السيرفيس" وأخذت أعد نفسى للانتظار, وانتَظرَت بجوارى سيدة قاتمة الملامح صامتة اللقطات كأنها مشهد صامت يتشبث بصمته فى هذا الهياج العشوائى من الحركة والاختلاط, يلفها جلباب أسود لايخلو من علامات البؤس, يتدلى من قبضتها كيس ضئيل به حبيبات معدودة, أحسبها مشمش. التفت إلى وجهها الشاحب؛ كان يشبه قطعة من أرض سوداء تشققت طلبا للماء, وما أنفها إلا نتوء برز من هذه الأرض, وشفتاها تلقى بين الحين والآخر بتمتمات غير مفهومة, أما عيناها فأستطيع أن أفهم ماتقول ! وقفت بجوارها وقد انتبهْت إلى صمتى المغرق فى ملامحها وقد أصبحت جزءا من عالمها الصامت, فرجعت قليلا إلى الوراء فأعود إلى عالمى, واستأنفْت انتظارى للسيرفيس, والشمس مازالت متعامدة على الرؤوس تتسلل بأناملها الجلود لتلتقط حبات العرق من وجوهنا المشوية بلفحاتها. كانت سيارات السيرفيس تخطف الطريق ذهابا مكدسة بالركاب, فأبيت أن أستوقف أحدها, وآثرت انتظار واحد به مقعد فارغ على الأقل. وبعد ذلك بقليل اقترب نحوى سيريفيس متباطئا حتى توقف أمامى, وأصبحت هذه السيدة خلفه, لم يكن به ركاب فسألت السائق: -"طالع يااسطى" فرد: "لا أنا هركن شوية" فتأففت من هذا الوضع الشبه متكرر. أما السيدة فاكتفت بالتواء رقبتها ناحية سؤالى, وعندما سمعت جواب السائق عادت إلى عالما الصامت العميق. حجب عنى السيرفيس بعضا من آشعة الشمس, فجاء رحمة إلى أن يأتى السيرفيس المنتظر.. وبينما أقف فى هذا الظل شارد الفكر, متعب, أرهقنى اليوم بمشاغله وحرارته, فجأة تحرك الظل من تحتى حاملاً سيرفيسه إلى يسارى ببطء ومازال يتحرك ولازلت شارد الذهن, لاأهتم بما حولى حتى استوقفنى شئ غريب. شئ ما تلتهمه الأنياب المطاطية, شئ أسود يدور بين الإطارات, ألقى بنظرى إلى يسارى وقد اختفت السيدة البائسة ذات الجلباب الأسود . فَهِمْت بوجهى نحو السيارة أضرب بقبضتى جدارها صارخاً نحو السائق: "توقف..توقف..توقف.." , فيتوقف السائق مجزوعا, ويهرول الناس منقادين بحبال من الحيرة, مشدوهين بصرخاتى, واكتنف المكان فجأة لغط كثير. التفّت النساء حول السيرفيس وقد جمعن أكفهن بوجوههن وتحدقت أعينهن نحو الجلباب المفروم بين الإطارات, ورجال يستنزلون قوتهم العضلية جاذبين الجلباب المتهالك, وجمع آخر من الشباب يحاولون رفع السيرفيس, يطلق أحدهم صيحات لإثارة حماستهم؛ فتتساقط قطرات العرق من جباههم فتختلط ببقع الدماء من تحت أقدامهم. والبعض الآخر يضرب بباطن كفيه مرددين: "لا حول ولا قوة إلا بالله". ظننت أنهم إنما يجذبون قلبى أو يجرون هلعى, حتى سقط من صدرى حين رأيتهم يمسكون بذراعيها المتراخيان.... (ياإلهى أرأيت كل ذلك حقا؟!)
نعم رأيت, رأيت وجهها الدامى مُمسِك بعيناها المتجحظتان خارج جبهتها المتجلفة, بينما كانت رأسها المكشوفة تتدلى من على ذراع أحدهم والدم يتدفق من بين أصابعه. وجهها لايبوح بأى موت ولايبوح بأى حياة. وتوقفت شفتاها عن إلقاء التمتمات! يحاولون إفاقتها من غيبوبتها, والنساء تغطين مناطق عورتها ويمسحن وجهها من الدماء, ثم حملها الرجال مسرعين إلى السيرفيس لينقلوها إلى المستشفى الجامعى المجاور.. وتنطلق السيارة, وينفض التجمهر, ولايبقى سواى – مذهول مما رأيت, قد تجمهر من تجمهر وشاهد من شاهد وانفض من انفض, وقد انتهى الأمر. ليتنى أكون بهذه المرونة. فقد أصبحت مثل هذا التمثال الباسق الذى يقف أمامى, لايستطيع الحركة, لكنه يبدو أفضل حالاً منى كثيراً, على الأقل هو مبتسم!
ألقيت نظرة أخيرة على السيارة وهى تتلاشى فى قلب الطريق الملتوى, ثم رحلت أحمل خطاى المثقلة والشمس من خلفى تهوى إلى مضجعها لتروى مآس أخرى بآوار أشعتها, ولايبق سوى آشعة الشفق تقلب حبيبات المشمش المتناثرة فيعكس عليها حمرة الدماء.... تُرى, هل تجسد شظف العيش فى حبيبات المشمش, ونزلت قسوة القدر فى بقع الدماء ؟!
أحسنت يا صديقي العزيز ...قصة جميلة حقا ...رغم قسوة و صعوبة الموقف الذي قمت بتصويره و أبدعت في ذلك جدا..هذا النمط من الكتابة أحبه حبا جما
أما عن الأخطاء المطبعية( النحوية ) فهي موجودة في قصتك الرائعة الجمال و بسهولة سوف تكتشفها و تعالجها بإذن الله..و أنت قادر علي ذلك
تحياتي صديقي الحبيب
صديقى وأخى العزيز أستاذ عاطف: أسعدنى ردك كثيرا,, ودائما تحمل فى ردودك التشجيع الذى أقدره كثيرا. وازدادت سعادتى بإعجابك بالقصة.. شكرا لك... أما عن أخطائى النحوية,, فأنا أعدك أن أراجعها (نحويا) فأنا أعترف بتقصيرى فى المراجعة النحوية لأغلب كتاباتى . شكرا كثيرا لملاحظتك... ..... تحياتى وتقديرى | |
| | | محمد الشواف أديب
الدولة : عدد الرسائل : 227 33 نقاط : 348 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الثلاثاء يناير 10, 2012 2:38 pm | |
| - ragb كتب:
- ولا اروع من كده
روعة بجد
تقبلني معجب شكرا أستاذ ragb, على مرورك. وأسعدنى أنك استمتعك بالقصة ويشرفنى أن تعجب بما أكتب, وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك شكرا لك... | |
| | | عاطف عبدالعزيز الحناوي مشرف النقد و تحت المجهر
الدولة : عدد الرسائل : 1923 46 نقاط : 2096 تاريخ التسجيل : 17/12/2010 بطاقة الشخصية مرئى للجميع:
| موضوع: رد: الدم والمشمش_ مرة أخرى الثلاثاء يناير 10, 2012 4:27 pm | |
| المحترمون فقط هم الذين يسمعون كلام الآخرين و يحترمونه و إذا كان فيهم عيب أصلحوه
و أنت يا أخي الحبيب رجل محترم...رعاك الله و زادك رفعة و تألقا
تحياتي
عاطف | |
| | | | الدم والمشمش_ مرة أخرى | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |