اسيـــرُ في شـــيء اسيـــــرْ

كنت جالساً كالعادة على أريكة أمام المنزل .. منزلي المطل على طريق عمومي مظلم .. أفتش في سراب القدر عن غد اخططه بافكار ، واحمل هموم الحاضر وأودع أحمال الماضي ، وإذ بي أراه مسرعا ًمن منزله غاضباً .. جارنا الذي وضع عصاه إلى جانبه الأيمن مدسوس الرأس في شال بني مثقوب.. يطل من فتحاته المهترئة بعضٌ من نبله ودماثة أخلاقه وفقره العصيب أيضاً..
يتألم البرد القارس لكنه يخبئه ببعض من حرارة كرامته الساطعة مهرولاً في الظلام يتمتم دامع العينينِ مسترقا ًالسمع بأطراف شاله الملفوف على أذنيه حد الصمم .. نحو صوتِ بدأَ يقتربْ ..
اقتربت إلى جانبه سيارة تنعبثَ منها أنفاس ساخنة مزدحمةً تسير ببطء وحذر .. فأمسك بالسيارة من الخلف محاولاً أن يشير على الركاب .. بالإفساحِ إليهِ لكن أحداً لم يقدر ما هو فيه..
فظل معلقاً مكانه حتى أتى المكان الذي ظن أن فيه غايته ..
فنزل من السيارة وأخذ ينوي سيره المعهود حتى يصل إلى ورديته الليلية ..
فإذا به قد ضل طريقه بأرضِ غير الأرض وطريقاً مختلفا ًعن طريقه المعتاد ..
ارتجفَ قليلاً .. أخذ يمشي حتى وصلَ إلى قنطرةِ كان قد بناها الانجليز قديماً منذ عشرات السنين أيام الاحتلال المرير ..
تلك القنطرة التي اهترأت مبانيها من أعلى وخوي أساسها لتملأه المياه المالحة منذ زمن طويل .. الكل يتحدث عنها وهي أسيرة القيل والقال .. فجزء ممن يمشي عليها يقرر في جلساته أن ثمة عفاريت تسكنها .. حتى انه قيل: إن كنت تسير عليها بدابة واحدة تراها خلفك 20 دابة .. والبعض يقرر أن وجود تلك القنطرة مرتبط بوجود المسئول الفاسد الذي تركها بهذه الحال حتى وقتنا الراهن بسبب عدم حرصه على سلامة المواطن بغض النظر عن حصر الوفيات السنوي بسبب تلك القنطرة .. قرر أن يسير عليها ليعود ويصحح مساره..
وما أن اقترب من نهاية ذلك الجسر حتى ذلت قدماه مع سقوط حجر هار إلى أسفل القنطرة.. منكباً على وجهه في المياه الضحلة .. وجاء الخبر ..

محمد جلال عبدالرحمن

ما اعجبني في قصتك هو جميل الأوصاف التي اعتبرها {تدليسآ} نجحت فيه أيما نجاح ..كما أن استخدامك لبعض الجُمل المعبرة ..وفَّر عليك الكثير من السرد...مودتي

الاستاذه (بلقيس) كريمة المرور شكرا لك على المرور وعلى خطوك الراقي الذي عطرني ،،
لا حرمني الله من طلتك الادبية الرائعه ..