شـعــراء المهــجر

بسم الله الرحمن الرحيم

** لاح بخاطرى أن أعرض هنا مجموعة من المقالات عن حياة بعض رموزنا الأدبية والشعرية والتى اثـْرَت حياتنا الثقافية بالعديد من الروائع التى عاشت معنا وستظل ننهل من معينها ونمضى على خطاها فنقترب قليلا من حياتهم لنعرف الظروف التى عاشوا بها وكيف أثرت بيئتهم فيما وصل إلينا من رقى وإبداع

** وفى هذا العرض لن أقوم بتحليل أشعارهم لأننى لست أهلا لذلك بل أرى أن المنتدى هنا به من الأساتذة من هم خير من يقوم بهذا التحليل ولكنى فقط سألقى الضؤ على حياتهم مع عرض بعض النماذج الشامخة منهم وشىء من أشعارهم مذيلة ببعض التعليقات البسيطة عليها على حد فهمى لها
ولأساتذتى التصويب لى فيما أعرضه
وأتمنى أن يوفقنى الله فيما سأعرض

** وفى الحلقة الأولى من هذه السلسلة سأعرض لمدرسة المهجر وفى الحلقة التالية سآخذ واحدا من رموزها كممثل لها وهو الشاعر العظيم الراحل الملقب بشاعر الطلاسم - إيليا أبى ماضى

** ثم أنتقل بعد ذلك إلى مدرسة أبولو فنأخذ نماذج لإبراهيم ناجى ومحمود حسن إسماعيل وعلى محمود طه وأبى القاسم الشابى وغيرهم ثم أعرض أجمل ما كتب كل واحد فيهم فى حياته من وجهة نظر النقاد فى صورة مبسطة بلا تطويل
وسأبدأ من اليوم إنشاء الله بمدرسة المهجر وأحاول أن ألقى الضؤ على كيفية تكوينها والعوامل التى أثَّرت فيها وأشهر رموزها
والله الموفق

** شعراء المهجر **

** شعراء المهجر هم مجموعة من الشعراء والأدباء العرب الذين هاجروا من بلادهم ( الشام) – وخاصة لبنان وسوريا وفلسطين لأسباب عديدة منها سؤ الحالة الاقتصادية والاضطرابات الطائفية والحروب التى أثرت بالسلب على حياة الناس ابان فترة الحكم العثمانى والذى حكم البلاد العربية فى فترة تاريخية سيئة جدا شهدها العالم العربى خلال الفترة من عام 1800 الى عام 1900

** وقد كانت الامريكتين الشمالية والجنوبية هى الوجهة التى استقطبت تلك الجماعات من الشعراء والأدباء نظرا لكونها بلاد جديدة تحتاج الى عمالة كثيرة تستوعب المشاريع الضخمة التى أعلنت عنها لتعمير تلك البلاد ففتحت ذراعيها لاستقبال العديد من أهل لبنان وسوريا وفلسطين

** وهكذا بدأ يتوافد الآلاف من المهاجرين العرب خاصة المثقفين منهم الى تلك البلاد ويتغلغلوا فى مناحى الحياة السياسية والاقتصادية ويبزغ نجمهم رويدا رويدا وأسسوا لأنفسهم روابط هناك وصُنِـفُـوا طبقا لوجودهم الى أدباء المهجر الشمالى نسبة الى أمريكا الشمالية وأدباء المهجر الجنوبى نسبة الى أمريكا الجنوبية

** وفي حين اشتغل جل المهاجرين الأوائل بالتجارة،فإن الأجيال اللاحقة عرفت حظا أوفر ‏في مجال التعليم إذ تعلمت في المدارس والجامعات واشتغل بعضهم بالطب والصيدلة والهندسة ‏والمحاماة وغير ذلك من المهن الرفيعة وعاشت "عيشة أمريكية الطابع" بعد أن اكتسبت اللغة ‏وحصلت على الجنسية الأمريكية وكانت الجالية الشامية في أمريكا الشمالية من أكبرالجاليات ‏المهاجرة.

** وكانت نيويورك مدينتهم المفضلة في العمل وفي الإقامة. وقد تمكنت هذه الجالية من ‏تكثيف نشاطها العلمي والثقافي من خلال الجرائد والمجلات والنوادي الأدبية التي أنشأتها , وكانت ‏‏"كوكب أمريكا" أول جريدة أنشأتهاهذه الجالية وذلك عام 1888. وقد لعبت هذه الجريدة وغيرها ‏من المجلات والجرائد التي ظهرت في ما بعد دورا هاما وأساسيا في الحفاظ على اللغة العربية ‏في أوساط المهاجرين.

** وقد أفرزت تلك الجماعات العديد من المواهب فى مناحى الشعر والأدب كان لها تأثيرحاسم في بلورة ما سوف ‏يسمى لاحقا بـ"أدب المهجر".ساعدهم فى ذلك مناخ الحرية والسعة التى شهدت وجودهم هناك فأتاح لهم ذلك التعبير عما يجول بخواطرهم بمنتهى الحرية وبلا أى قيود عكس ما ترائى لهم فى بلادهم العربية

** وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت رابطتان أدبيتان لا تزال لهما ‏على حد هذه الساعة مكانة بارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث.

*** الأولى ظهرت فى أمريكا الشمالية هي "الرابطة القلمية"
‏التي أنشئت في نيويورك عام 1920 بعد جلستين , عقدت الجلسة الأولى فى منزل عبد العزيز حداد مالك ورئيس تحرير مجلة السائح النيويوركية العربية بتاريخ 20 ابريل 1920 وجاء في محضر هذه الجلسة أن يكون لأدباء المهجر رابطة تضم قواهم وتوحد مسعاهم في سبيل اللغة العربية وآدابها. فلاقت الفكرة استحسان كل الادباءالذين حضروا الاجتماع وهم :
إيليا أبى ماضي , نسيب عريضة ,عبد المسيح حداد,رشيد أيوب ,ندرة حداد , وديع باحوط , إلياس عطاالله

وفي 28 من نفس الشهر ، عقدت الجلسة الثانية والحاسمة في منزل جبران خليل جبران بحضور الادباء، الذين حضروا الجلسة التمهيدية وقد تمت الموافقة على دستور الجمعية وانتخب الأعضاء جبران رئيسا للرابطة وميخائيل نعيمة مستشارا ووليم كاتسفليس أمينا لصندوقها وكلفوا ميخائيل نعيمة مهمة تنظيم قانونها

وفي البيان التأسيسي، ‏حددت "الرابطة القلمية" أهدافها الأدبية. وكان أهم هذه الأهداف :
"بث روح جديدة في جسم الأدب ‏العربي وانتشاله من وهدة الخمول والتقليد إلى حيث يصبح قوة فعالة في حياة الأمة"

** وقد ‏أصدر نسيب عريضة وهو أحد أعضاء "الرابطة القلمية" مجلة ناطقة باسمها سماها مجلة ‏‏"الفنون" وفيها نشر بقية الأعضاء إنتاجهم الشعري والأدبي والذي سرعان ما سوف يؤثر على ‏الإنتاج الأدبي والشعري في بلاد المشرق العربي وأيضا في بلاد المغرب العربي كما هو الحال ‏مع أبي القاسم الشابي الذي لم يكن يخفي تأثير جبران خليل جبران عليه بل إنه كان يعتبره معلما ‏وأستاذا.

ـ ـ ـ ومن أهم ما يميز الانتاج الأدبى لهذه الرابطة هو وجود النزعة الفلسفية فى كتاباتها والـتأمل فى الحياة والكون وأسرار الوجود واستخدام الرموز بينما بقى تعلقهم الشديد بالوطن هو العامل المشترك فى جميع كتاباتهم

**** ومن أهم المجلات والصحف التى نشروها هناك :
-- مجلة "الفنون" وتعنى بالأدب وناشرها كان نسيب العريضي .
-- جريدة "السائح" وتعنى بشؤون المهاجرين وناشرها كان عبد المسيح حداد .
-- مجلة "السمير" وناشرها كان إيليا أبى ماضي وتعنى بشؤون العرب في أمريكا . وكانت تصدر 5 مرات في الأسبوع وتوقفت عام 1957 بعد وفاة المؤسسين

ــ وقد ظلت الرابطة نشطة من العام 1920 إلى عام 1931. وعلى مدى هذه السنوات ‏الإحدى عشر، كان إنتاجها فاعلا في الأوساط العربية المهاجرة وأيضا في العالم العربي. وإثر ‏موت رئيسها جبران خليل جبران وذلك عام 1931، كفت "الرابطة القلمية" عن نشاطها واضمحل انتاجها الأدبى

*** أما الرابطة الثانية وهى " العصبة الأندلسية"
فقد ظهرت فى أمريكا الجنوبية التي تأسست في البرازيل والتي يعزى الفضل فى فكرة تأسيسها الى "الشاعر القروى" رشيد سليم الخورى بينما رعاها وأنفق عليها ميشيل المعلوف وضمت بين أعضائها :
( شكر الله الجرّ ، رشيد الخوري ، نظير زيتون ، جورج معلوف ،إسكندر كرباج ، إلياس فَرْحات ، عقل الجرّ ( شقيق شكر الله ) ، حبيب مسعود ،جرجس كَرَم ، نجيب يعقوب ، شفيق المعلوف ، توفيق ضعون ، قيصر الخوري ،يوسف أسعد غانم ، يوسف البَعَيني, نصر سمعان وجورج حسون المعلوف . توفيق قربان ,أنيس الراسى )

وقد أصدرت هذه العصبة مجلة راقية باسم " مجلة العصبة " التي تولّى رئاسة تحريرها حبيب مسعود ثم شفيق المعلوف ، أما رئاستها فقد آلت تِباعاً إلى ميشيل المعلوف فالشاعر القروي ، ثم إلى شفيق المعلوف .

. ومن بين الأهداف التي حددتها "العصبة ‏الأندلسية" لنفسها :
"جمع أدباء العربية في البرازيل. وتآخيهم وتعزيز الأدب العربي في المهجر ‏وتأسيس منتدى أدبي صِرف وإصدار مجلة ناطقة بلسان العصبة وسائر أندية الأدب العربي . ‏والتذرع بكل وسائل الأدب والعلم إلى رفع مستوى العقلية العربية ومكافحة التعصب".‏

هذه نبذة مبسطة مختصرة عن شعراء المهجر وكيف تكونت مدرستهم والظروف التى نِشأت فيها

ونلتقى فى الحلقة القادمة مع واحد من أهم رموز تلك المدرسة وهو شاعر الطلاسم إيليا أبى ماضى

فإلى اللقاء فى الحلقة القادمة بمشيئة الله

مع خالص تحياتى
محمد عثمان

اخى الحبيب الشاعر

محمد عثمان

مررت سريعاّ لاسجل اعجابى .

واسمح لى بعودة اليك للقراءه المتأنيه .

مودتى وتحياتى ...

عادل عوض سند كتب:: اخى الحبيب الشاعر
محمد عثمان
مررت سريعاّ لاسجل اعجابى .
واسمح لى بعودة اليك للقراءه المتأنيه .
مودتى وتحياتى ...

الحبيب الشاعر أستاذ عادل عوض
شرفتنى بالحضور وعطـَّرت صفحتى برحيق بهائك فهنيئا لها بإطلالتك الراقية
دمت لنا شاعرا جميلا نفتخر به
خالص ودى وتقديرى

لقد أحسنت يا أستاذ محمد... من حيث عرض الوقائع التاريخية المحددة و المصاحبة لظهور أدباء المهجر... حيث أن هذه العوامل حتما هى عوامل مؤثرة في شعرهم أكبر تأثير

شكرا لك على مقالتك الرائعة

ننتظر المزيد بإذن الله

عاطف

عاطف عبدالعزيز الحناوي كتب:: لقد أحسنت يا أستاذ محمد... من حيث عرض الوقائع التاريخية المحددة و المصاحبة لظهور أدباء المهجر... حيث أن هذه العوامل حتما هى عوامل مؤثرة في شعرهم أكبر تأثير
شكرا لك على مقالتك الرائعة
ننتظر المزيد بإذن الله
عاطف

أخى العزيز أستاذ / عاطف
سعيد بزيارتك لهذا الموضوع والاهتمام بقرائته فحضورك دائما يبهج صفحاتى فأنت شاعر مبدع له حضوره المتميز
تقبل خالص ودى وتقديرى

ممتاز أخي الرائع محمد عثمان ..إن شاء الله نحن في متابعة لهذه السلسلة المقترحة من حضرتك ..الجميل في الموضوع أنك ستبدأ بشاعري المفضل إيليا أبي ماضي ..وبانتظار موضوعك القادم .. دمت لنا بودٍ وتقدير

بلقيس كتب:: ممتاز أخي الرائع محمد عثمان ..إن شاء الله نحن في متابعة لهذه السلسلة المقترحة من حضرتك ..الجميل في الموضوع أنك ستبدأ بشاعري المفضل إيليا أبي ماضي ..وبانتظار موضوعك القادم .. دمت لنا بودٍ وتقدير

أشكرك بلقيس على حضورك الجميل إلى صفحتى والتى أشرقت بكلماتك العذبة والتى أسعدتنى كثيرا
أتمنى أن تعجبك حلقة إيليا أبى ماضى والتى سأضعها قريبا إنشاء الله
تقبلى ودى وتقديرى

ها أنا أعود للقراءة يا أخي الحبيب

بورك قلمك و فكرك و جهدك الجميل

تحياتي

إن من ينظر في أحداث التاريخ متأملا سيجد أن هناك تلازما بين الواقع الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و بين الأداب و تطورها أو خمولها ...و هذا علي مر التاريخ

و كان من البديهي أن يحدث التطور بعيدا عن أرضنا العربية أولا ... نظرا للحرية و الثقافة الجديدة التي عاينها رواد شعر المهجر في أرض العالم الجديد

لك كل التحية علي ما قدمت يا صديقي الجميل ( محمد عثمان )