رحل أنيس منصور, لكنه ترك فينا حب الصديق والإخلاص له, وعلمنا أن أصديق صديق هو الكتاب...جاءنى خبر وفاته وأنا أقرأ كتابه "كتاب عن كتب" , فتعرقت يداى وسقط منى الكتاب ورأيت الكتاب حزينا, فأغلقته ونظرت إلى اسمه وألقيت نظرة الوداع.... وداعا أنيس منصور.حتى أنى يوما تخليت أنى التقيته وكتبت هذا العرض عن كتابه "أعجب الرحلات فى التاريخ"::::::::::::
اليوم موعدنا مع كتاب "أعجب الرحلات فى التاريخ" للكاتب الكبير أنيس منصور....
أنا: أهلا بحضرتك أستاذ أنيس, بين يدى الآن كتاب "أعجب الرحلات فى التاريخ" يبدو من اسمه الشيق انى سأحبه , وانه من الكتب القلية التى سأضمها إلى صدرى قبل النوم, مع العلم أنى لاأمنح هذا الشرف إلا لقليل من الكتب !
الأستاذ: إذا كانت الكتب الشيقة فقط هى التى تنال هذا "الشرف" فأنا أعد كتابى بأنه سيناله (قالها فى مرح بالغ) .
أنا: معروف عن حضرتك أستاذ أنيس منصور حبك للتنقل والرحلات والكتابة فى أدب الرحلات, هل نحن بصدد كتاب يتحدث عن رحلاتك المختلفة ؟
الأستاذ: بالطبع لا, فأنا لست التاريخ, ستجد فى هذا الكتاب أعجب الرحلات فى مختلف البقاع من المعمورة, ستافر الى أوروبا أحيانا , وأحيانا
أخرى فى أدغال إفريقيا, ستشهد عصور ماقبل التاريخ, وستشهد عصر أنيس منصر.
أنا: أثناء تنقلى بين فهرس الكتاب وجدت ان الكتاب به أربع وخمسون رحلة, هل أعطيتنا نبذة عن بعض هذه الرحلات ؟
الأستاذ: أبدأ الكتاب برحلة هيرودوت إلى مصر القديمة, وأنت طبعا تعرف أن هيرودوت هو أبو التاريخ وصاحب المقولة الشهيرة "مصر هبة النيل", ستعرف كيف وصل هيرودوت إلى مصر, وكيف وصف المصريين آنذاك, فى الحقيقة حتى لاتتحير, جاء هيرودوت إلى مصر هاربا, لكن لأسباب تتعلق بالتشويق, لن أخبرك لماذا هرب هيرودوت؟ حتى تقرأ الرحلة. ستعرف أسرار خطيرة فى بناء الأهرامات كما سمع هيرودوت من المصريين فى ذلك الوقت. كما ستعرف قصته الشهيرة مع تماسيح النيل. آه, بالمناسبة أطلقت على هذه الرحلة عنوان "وكان المصريون يطلقون طيورا من الحجر" هذا العنوان يتعلق بموقف حدث بين هيرودوت والكهنة, لحسن حظه هو الوحيد الذى يعرف هذا السر.
أنا: حسنا أستاذ أنيس, لقد وجدت الطريق لإثارة شهيتى للقراءة....(الأستاذ يضحك)... ولكن لننتقل إلى رحلة أخرى من رحلاتك العجيبة .
الأستاذ: الآن استعد. فستغادر مصر القديمة, لترحل مع اسكندر الأكبر وتشهد معاركه وحروبه ومغامراته. واسم الرحلة: "خرج ولم يعد... أصغر وأعظم رجل".وستعرف قصته فى سيوة, وكيف استقبله المصريون, ولماذا جعلوه إلها. وتعرف كيف هزم الفرس واستولى على آسيا.
وسترى كيف كانت نهايته المشينة لملك عظيم.
كما ستقرأ فى بداية الرحلة موقف غاية فى الغرابة والتشويق, بين اسكندر وعشر فلاسفة من فلاسفة الهند. لن أخبرك به طبعا, حتى تقرا الكتاب !
أنا: لا أعتقد أن بعد كل هذا التشويق أنى لن أقرأ الكتاب, وهذا مايشجعنى على سماع الرحلة التالية, ياترى مع من سنسافر ؟
الأستاذ: سأنتقل بك بعد ذلك إلى رحلة البحث عن أمريكا, وعنوانها "ذهب يبحث عن الهند فوجد أمريكا.. أكبر غلطة" والتى كان بطلها هو المغامر الشهير كريستوفر كولومبوس, فى الحقيقة هو كان يبحث عن الهند والصين, فقد استهوته الاساطير القديمة وسيطرت عليه, كما قرأ مغامرات الرحالة الايطالى الشهير ماركو بولو فى الصين,
كانت له طباع غليظة, لايحب المرح, هو مجنون فى رأى البعض آنذاك. فى بادئ الأمر عرض فكرته على حكومة جنوة, فسخروا منه وسافر إلى اليونان وشمال أوروبا¸وكره بلادة. عندما تقرأ الكتاب ستعرف كيف وصل إلى أمريكا, على الرغم انه اعتقد أنه اكتشف الهند من طريق آخر, كما ستعرف لماذا سميت أمريكا بهذا الاسم , فى النهاية سترى كيف كانت نهايته الحزينة لمكتشف عظيم .
أنا: كيف كانت نهايته ؟
الأستاذ: (يضحك) لن أخبرك حتى تقرأ .
أنا: وما وجهتنا التالية أستاذ أنيس ؟
الأستاذ: وجهتنا التالية باريس مع الشيخ رفاعة الطهطاوى. الذى انتقل من أرياف مصر إلى باريس, يمكنك أن تتخيل فرق الجهد بين المكانين, يولد قوة جبارة, أثرت فى شيخنا تأثيرا محمودا إيجابيا, أنا أيضا سافرت من المنصورة إلى لندن وباريس فى بداية حياتى مثل الشيخ رفاعة الطهطاوى, لكن الصدمة كانت أقل وقعا علىَ, فعلى الأقل قد جبت شوارع القاهرة, وعرفت بعض التمدن. عنوان الرحلة "الأفندية الأربعون والشيخ فى باريس"
كتب الشيخ عن رحلته كتاب معروف اسمه "تخليص الإبريز فى تلخيص باريز" قضى فى هذا الكتاب خمس سنوات.
لايخلو الحديث فى مثل هذه الرحلات عن المواقف المضحكة الفكاهية بين الشيخ الصعيدى والمان الفرنسى.
كما سترى كيف تعامل السلطان محمد على مع البعثات فى ذلك الوقت, وتقرأ بعض رسائله للطلاب, فى بادئ الأمر ستقول أن هذه الرسالة من والد أحد الطلبة, لتعرف كيف قدَر محمد على العلم آنذاك. كما أنك سترى باريس القرن التاسع عشر بعيون رفاعة الطهطاوى.
أنا: يبدو مشوقا أن أعرف باريس وبخاصة إذا كان القاص رفاعة الطهطاوى نفسه. ماالرحلة التالية استاذ أنيس منصور.
الأستاذ: ستهرب الآن مع الدلاى لاما فراً من الأمن الصينى, وكيف كان هروبه الدرامى, لن أطول فى هذه الرحلة فهى بالكامل شيقة, لايستحقها إلا من يقرأها. فى نهاية الرحلة ستفاجأ بأكثر الأمور الطائشة قمت بها فى حياتى!
أنا: انك تثير شهيتى للقراءة مرة أخرى أستاذ أنيس منصور. لاأحب أن أطيل عليك, ولكن اريدك أن تختار لنا وجهة أخيرة لنتوقف عندها.
الأستاذ: وجهتنا الأخيرة ياسيدى هى إيران مع المغامر المتواضع أنيس منصور...(أنظر له بإعجاب).
كنت فى إيران كصحفى, ستقترب أكثر من الثقافة الايرانية عندما تقرأ هذة الرحلة, فهى ثقافة عريقة.
وتتعرف على الشعراء الفارسيين القدامى, كما أنى طبعا سأقص مارأيته من احتفالات أسطورية واكبت ذكرى مرور 25 قرنا على إنشاء قوروش العظيم للإمبراطورية الفارسية. كما أن هناك أيضا الكثير من المفاجئات فى انتظارك عندما تقرأ الرحلة.
أنا: شكرا أستاذ أنيس على هذا التقديم الشيق للكتاب وتخصيص جزء ثمين من وقتك لنا. قد اعطيتنا نبذات عن خمس رحلات وكانت رائعة, ياترى ماحال الخمسون الباقية ؟
الأستاذ: انا ذكرت فقط ماوقع على بالى من بعض الرحلات فى الكتاب, لكنى أذكر أن الكتاب ملئ بالقصص والرحلات الشيقة, ستستمتع بها جميعا بكل تأكيد. شكرا لك.
أنا: شكرا لك أستاذى, أما أنا فاعذرنى فلا أحتمل أكثر من ذلك كى أقرا هذا الكتاب الرائع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحوار دار بينى وبين استاذ أنيس منصور الذى يتربع داخل عقلى, أتمنى أن ألقاه يوما.
::::::
كتبتها قبل وفاته بعدة أشهر ,,,,