أبي

كالحبِّ أشرقَ إيواءاً بطلعتِهِ
فكنتُ أغفو كظلٍّ تحتَ خيمتِهِ ..

أقامَ دربي على صُبحٍ .. أسيرُ به
شمساً ليَمْضي وحيدا نحوَ عَتْمتِهِ ..

على شفاهِيَ من كأسِ الأسى ، عَسَلاً
أدارَ .. والفَقْرُ عُنوانٌ لجبهتِهِ ..

" الحزنُ أكبرُ " والحرمانُ مئذنةٌ
نادى به الجَدْبُ مزورعاً بشَتْلتِهِ ..

فكمْ على جوعِهِ صلّى ليُطعمَهُ
صبراً ويأكلَ من "أيوبَ " ركعتِهِ ..

الخبزُ ظلَّ خيالاتٍ مُدوّرةً
والمرُّ يرشفُ من فنجانِ قهوتِهِ ..

والحُلمُ مُذْ كانَ طفلاً لفّهُ رُقَعاً
وعلّقَ الفقْرَ من جلبابِ وُجهَتِهِ ..

فرغْمَ كلِّ بكاءٍ مدَّ لي فَرَحاً
ومدَّ لي بسمةً من ثغرِ دمعتِهِ ..

لقد رآني فراتاً ماؤهُ عَطَشٌ
حتى جرتْ دجلْةٌ دمعاً بمُقْلتِهِ ..

وظنّني كعراقٍ ملؤهُ غَسَقٌ
فراحَ يرسمُ شمعاً تحتَ نخلتِهِ ..

* * *

على جراحاتِهِ في الليلِ سَطّرني
هذا " أبي" حاكَني شعراً بأنّتِهِ