كان يومآ قاسيآ يوم أن قابلتها ...
لآ أعرف كيف تجرأتُ ..فكرت طويلآ في مقابلتها ومحاولة {مجرد محاولة } للآقتراب منها ..وقررتُ أن أبدأ من حديقة الحيوانات ..و جلبتُ معي بعض الطعام ..ولحسن الحظ كنت استلطف قطة جارتنا بوسي ..و أطعمها لبعض المرات ..
وخرجتُ إليها ..كانت الحديقة مليئة بطلبة المدارس ..وبحثتُ عنها فلم أجدها ..وقررت ُ أن أسبقها ..و أبدأ في التودد للحيوانات {رغم خوفي من بعضها } وفعلآ فيما بدأتُ ..أتودد إيها ..وبمرور بعض الوقت ..جلستُ على بعض العشب القريب ..و أنا أراقبها ..وفجأة مرَّ من أمامي طيف ..متناسق القوام ...جميل الوجه ...صمت ..هدوء في الملامح غريب ..لم تعرني اهتمامآ ..وبدأت بعض الحيوانات تحييها على طريقتها ..وفيما جاء أحد العاملين الذي يعرف بحبها لها ..حتى فتح أحد الآقفاص و أخرج لها بعضآ من الآليف منها ..وبقيت بها على مقربة مني ..
كانت تحدجني بين الفينة والفينة ..بنظرات يشوبها الصمت ..ليست بعيونها حتى مجرد أسئلة ...أكاد أصفها بالباردة ...لولآ عطفها على هذه الحيوانات ..
وكنت أرمي لها ابتسامة ,,أشعر بعدها بخيبة أمل ..و أنا أرى ردة فعلها السكون ..
إلى أن رميت بعض الطعام للحيوانات قربها ....
وجاءت الحيوانات لي و أنا خائفة جدآ ..فيما لاحظت هي تراجعي ..ولاحظت أنفعال أحد الكلاب معي...فعادتْ تكلمها ..وتبعدها عني ...
قلت لها : كيف لاتخافين منها ؟؟ هل أنت معتادة عليها ؟؟
: أومأت برأسها ..وبدأت تتودد للكلب القريب حتى يعود لها ..
: ما اسمه ؟
: سكتتْ ...ثم قالت تعال يا لطفي ؟؟
: ضحكتُ من الاسم ...هههه ..لطفي اسم الكلب ؟؟
: اسم زوجي
: وتسمرتُ في مكاني ..فيما جاء كلب آخر ..وهي تناديه باسم لطفي ..فقلت لها : كلهم لطفي ؟؟
أومأتْ مرة أخرى برأسها إيجابآ
: أقتربتُ من إحدى القطط وتوددت لها : تعالي يا لطفية !
ونظرتُ لردة فعلها ..وهي تراني جالسة على الآرض
فقالت : ليستْ لطفية ..إنه أنور ..وذاك باسم ..
: ومن أنور وباسم ؟
: لم تجبني
بقيت صامتة ...واقتربت من القطين ...وبدأت ترفعهما إليها
وتبتعد عني ..وفهمت أن باسم .و أنور هما أبناها .. فيما زوجها كلب ..
ونظرتُ إليها ..أية مسكينة هي ...لاعالم بشر في حياتها ..لاتفاعل ..لاكلمات حب ..
لا أهل ..في مهب الريح ...حيوانات .
كيف تنام ؟؟ كيف تخبر عن نفسها ؟؟ كيف تمرض ؟؟ من يزورها ؟؟
وتخيلتها تفعلها وهي تفتح بابها للقطط ....
وقررتُ أن أصحب غدآ قطة جارتنا بوسي
وفعلآ في اليوم التالي ..كانت بوسي في يدى ...تالله لوكانت بوسي هذه قطة كبيرة ..لكنت هربتُ منها ...وحمدتُ الله أنها قطة صغيرة ..وديعة
ويبدو أن صديقتنا سبقتني ..فيما حييتها ..بقرب من مروري بها ..فأشارتُ فقط برأسها ..و أنصرفت لما أمامها من طعام للحيوانات ..
: بوسى ...بسي ..أذهبي لها
ورميتُ لها بقطعة جبن عمدتُ أن تقع أمام مكانها ..
فانتبهت لها ...ورفعتْ رأسها نحوي ..ولم تأبه لي ..وهى تقرب قطعة الجبن من بوسي التى شرعت تتناولها ...
: سألتها هل لك خبرة في التعامل مع الحيوانات ؟
:؟؟
:؟؟؟؟
لم تجبني ...بقيت صامتة ثم قالتْ لي سنوات عمري
أحلاها مه الحيوانات ..
وتركتني ..
وبقيت بين يوم و آخر أحاول أن آتي لآراها ..ولم أنجح في تبادل أكثر من بضعة كلمات معها
حتي بدأتُ أنا أنجرف وراء تعاملها للحيوانات ..و أكتشف سرًّ أستلطافها لها ..
وركونها إليها ..
و أحسستُ أنه عالمها ..فلماذا أسلبها سعادتها ؟؟
هاهنا لآ أحد يبحثُ عنها ..
لآ أهل ..و لا أبناء .ولا زوج ..ولا أي كان ..فلماذا أريدها أن تعود للحديث معهم
و اكتشفتُ أنني أسلبها هدوئها وسعادتها ..وحياتها ..هي ترى أن أجمل سنوات عمرها فضتها مع الحيوانات
وطالما هى سعيدة ..بالبعد عن البشر ..لماذا نحن يؤلمنا ذلك ؟؟
وهل نحن يؤلمنا حالها ؟؟
أم يؤلمنا تعاملها مع الحيوانات دون البشر ؟
و أمضيتُ يومآ من أسوأ أيام عمري ..و أنا أقرأ فلسفتها ..ورؤيتها ..
فربما صديقتي وغيرها ..شعروا بالدونية من الحيوانات طالما هي تعاملهم أفضل من البشر ..و إذا كان الآمر كذلك ، فهو ردة فعل ناتجة عن الاصابة بفوبيا من الغضب الداخلي والندم ..ومجموعة من الانفعالات التي أنساقت لها برغم عنها ..
وبكيت طويلآ عن عالم البشر ...
وعن قسوتهم ...
وفي اليوم التالي ..مررت قربها ..وحييتها ..فأومأتْ لي برأسها ..و جلست بعيدة عنها و أنا أرقبها تعيش سعادتها كما تراها هى ...
أليس يومآ قاسيآ