فاطمة بوهراكة لجريدة الحوار : أعاني التهميش وطموحي أن أصل لمنصب وزيرة الثقافة بالمغرب
أجرى الحوار ياسين عرعار
في خاطرة أدبية من تكون الشاعرة فاطمة بوهراكة ؟
مواطنة مغربية من مواليد 13 فبراير 1974 م . من طبقة شعبية , لها مجموعة من الاصدارات الأدبية في مجال الشعر والبيبلوغرافيا الشعرية عانت الأمرين من أجل تحقيق نزر قليل من طموحاتها التي تتجاوز اي تهميش نابع من شللية سلطوية .
متى أحسست بميلاد الشاعرة و كيف كانت البداية مع الحرف ؟
لا أعرف بالضبط المدة الزمنية التي ولدت فيها الشاعرة بداخلي لكني كنت اشعر بذلك منذ أن كنت صغيرة , لكني لم أحتفظ وقتها بأي كتابة للاسف حتى جاء تاريخ 1991 م لأقوم بنشر اولى محاولاتي الشعرية تحت عنوان اليوم الاخير بجريدة الميثاق الوطني التي كانت تصدر وقتها لأنتقل بعدها غلى عدة جرائد ورقية وطنية وبعدها الدولية . ولعل الدور الكبير في هذا المسار قد لعبه أساتذتي الاوفياء في دعمي الكبير بكل الاشكال , الشيء الذي جعلني اصر على ركب موج الكتابة بكل حب و تضحية .
ماذا تمثل لك القصيدة ؟ و إلى أي مدى تؤثر فيك الكتابة ؟...
النص الشعري عالم سحري خاص يجعل المرء يقف عند بوابته كثيرا ليحاول اكتشاف معالم ذاته ومن حوله ليعتبر عنهما بشكل مختلف ومغاير عن باقي اشكال التعبير التي يعرفها البشر فيخرج النص الشعري متدفقا بالمشاعر حالما بالامور الجميلة , غاضبا من مرآة الواقع المر , لتتحول الكتابة إلى بوح مريح يجعل النفس الأمارة بالسوء إلى نفس طيبة غنية عن اي شيء باستثناء الكمال الوجداني والادبي لتؤسس بذلك شخصية الحب الابدي للبشرية دون نظرة الأنانية وحب الذات على حساب الغير , فللمبدع عالمه الخاص الذي يعيشه بشكل مختلف أنه عامل افلاطون الداعي للحب والسلام ونبذ الخصام والحروب التي هي سبب الدمار والمآسي الإنسانية .
الكتابة تسمو بالفرد إلى مرتبة القديس الناسك المحب للعالم دون اية أحقاد فيعلمنا أن نكون إنسانيون بكل ما تحمله الكلمة من معنى بعيدا عن مصالح الدنيا الفانية .
في رأيك من يصنع الآخر النص أم المكان ؟ كيف ؟
قد يكون للمكان دور في صناعة النص لكن الظرف يظل الاكثر تأثيرا وصناعة لهذا النص , الظرف الذي يعيش فيه الشاعر يؤثر عليه بشكل أكبر لأنه يحيا داخله وفي حيزه الزمني الذي قد يغير مساره الشخصي وبالتالي الابداعي فالامر له علاقة كبيرة جدا بالذات المبدعة التي تظل رهينة بين الزمان والمكان لتؤسس نصا مختلفا عن باقي النصوص الاخرى الصادرة عن روح أخرى لشاعر آخر , وهذا ما نفهمه من خلال ما ترك لنا من مؤلفات شعرية ضخمة عبر العصور , فلكل زمان رجاله ولكل زمان طبيعته ولكل زمن أيضا طبيعة نفسيه مبدعيه .
هل استطاع النقد مد جسور التواصل بين المبدع و القارئ العادي؟
هناك العديد من الحاولات النقدية الجادة التي تسعى إلى تقريب المبدع غلى عموم الجمهور بلغة أقرب للغة واقع ما يريده المبدع , بعيدا عن التكليف والتصنيع لتشكل بذلك حلقة وصل رفيعة بين المبدع من جهة و القارئ العادي من جهة أخرى , لكن هذه المحاولات تظل قليلة إن لم نقل نادرة بسبب تواجد النقد المحسوباتي الذي ينخر جسد الابداع والمبدعين العرب . الشيء الذي يصعب علينا مهمة التواصل الايجابي السليم .
- هل حققت القصيدة وظيفتها في التعريف بالقضايا الإنسانية ؟ كيف؟
منذ أن عرف الشعر على هذا الكون وهو يلعب دورا اساسيا في تقديم رسائله السامية , وأهم رسالة يقوم بها النص الشعري التوثيق التاريخي للأمة , فافضل مؤرخ على ارض الواقع هو الشاعر الذي يرصد أحداث الوطن والاشخاص لتبقى خالدة عبر قرون وقرون , وخير ذلك شعراء الجاهلية الذين تركوا لنا رسائل تاريخية وانسانية هائلة , استطاع أن ينهل منها المؤرخ كما المحب وليكتشف مسار حياة هؤلاء البشر .
لتظل القصيدة سيدة الموقف ومحركة العواطف والانقلابات حتى , لنرى قصيدة ابو القاسم الشابي -إذا الشعب يوما اراد الحياة - في ساحات الشوارع التونسية تقدم درسا ساميا من دروس النضال .
فالقصيدة العربية كانت ولازالت - رغم كيد الاعداء وتبجحهم أنها ماتت ولم يعد لها دور - باقية على قيد الحياة تقدم رسائلها المتعددة حسب الزمان والمكان الذي تعيش فيه عبر شاعرها .
- القارئ العربي على العموم يستعذب سماع الشعر و يبتعد عن القراءة ...
بم تفسرون هذا الاندثار الجزئي للقراءة الشعرية ؟
المواطن العربي أصبح مواطنا أميا بكل امتياز رغم حصوله على شهادات عليا والسبب في ذلك هو كرهه الكبير للقراءة والمطالعة ولا اعرف شخصيا سبب هذا الكره الغريب فأمة لا تقرأ هي أمة بلا مجد ولا تاريخ فعلي على ارض الواقع , لذلك فأننا نرى أن جل الشعوب العربية تعيش على الاطلال زمن البطولات , هذه البطولات التي كان رجالها قراء و مبدعين , وهنا لا نستبعد فنا عن أخر ولا إبداعا عن ابداع , فعل القراءة بالعالم العربي هو شامل . رغم انخفاض نسبة هذه الأمية في القراءة من بلد لأخر ومن نوع أدبي لأخر .
- في رأيك أي الأشكال الأدبية ترينها أكثر حظا في الاستحواذ على المقروئية ؟ لماذا ؟
يقال أن هذا العصر هو عصر الرواية بامتياز وهذا ما يؤكده عدد مبيعاتها لعموم القراء , مع تواجد كتاب كثر في هذا الباب . وقد يكون سبب هذا الاهتمام إلى رغبة القارئ بالخيال القصصي بشكل أكبر هذا الخيال الذي يكون لصيقا بالواقع في بعض الحالات مع تواجد لغة سلسة ومفهومة بشكل أكبر , علما ان تواجد دور نشر تدعم النشر السردي أكثر من الشعري ايضا له دور في هذا الانتشار الجميل .
– لحظة الكتابة هل تخصصين للقارئ مساحة معينة ؟
بصراحة شديدة أشعر أنني في عالم أخر عندما أكون تحت تأثير إلهام الكتابة الذي يزورني دون أي استئذان وفي لحظات مختلفة زمنيا , فلا أجد نفسي مركزة على شيء سوى تقبل ما يصل من كلام يكتب مباشرة على الورقة قبل الرجوع إليه بهدف التسوية قبل النشر . وهذا الامر يجعلك شبه عاجز عن مقاومة هذه الرغبة الملحة التي تظل تتبعك ولا تستطيع التخلص منها إلا بولادة النص الابداعي الذي يسكنك .
-هل ترين أن الإيقاع الشعري نوتاته السحرية استحوذت على ذائقة الشعر
و أغبرت منمنمات القراءة التأملية والتحليلية لتصيرالقصيدة مجرد صف كلمات ؟ لماذا ؟.
النص الشعري القديم - القصيدة العمودية - صاحبة الايقاع السمعي الرهيب الذي يخترق القلب قبل الاذن تحمل أيضا قراءة تحليلية لمضمون أو مضامين النص الشعري , كما أن النصوص الشعرية الحديثة - القصيدة التفعيلة وقصيدة النثر - تحمل دهشة التأمل و التحليل بشكل أكبر من اعتمادها على الايقاع الموسيقى للكلمات . وحسب نظري فكل شكل له تميزه الذي يميزه عن الاخر في ظل التوحد والتكامل الشعري العام الذي لا ينقص من جمالية اي فن من فنون الشعر سواء كان كلاسيكيا أو حداثيا .
- ما الذي يصنع الشاعر من وجهة نظركم ؟
هناك عدة أمور تستطيع أن تصنع شاعرا له اسم أولها الجودة والاجتهاد والعمل الجاد وثانيها الاهتمام الاعلامي والتتبع الاقرب لخطواته . فهذه الامور ان اجتمعت كفيلة بصناعة شاعر له نجوميته , لكن هناك من لا يعتمد دوما على تعب الصناعة الاولى فيفضل التواصل مباشرة مع الاعلام خاصة إذا كان له فريق من الاصدقاء هناك فيجعلونه شاعر العالم الاول و متنبيها الاوحد دون اجتهاد ولا عذاب . مع تهميش اي طاقة شعرية اخرى قادرة على خلق المفاجأة بالتواجد القوي على الساحة الشعرية .
- كيف تبدو لك تجربة و رسالة المرأة العربية في عالم الكتابة ؟
في نظري تجربة ممتاثلة للرجل في كل شيء , سواء كانت الايجابية أو السلبية لني ببساطة لا اومن بمسالة تقسيم الابداع على ما يسمى بإبداع ذكوري وأخر نسائي . الابداع أبداع أنساني منذ خلق الله الارض ومن عليها وإلى يوم البعث . المرأة تظل رفيقة الرجل في الحرف لكنها عانت التهميش والترهيب فكتبت باسماء مستعارة لترضي المجتمع وفي حالات كثيرة كتبت باسم رجل حتى يصفق عليها رغم أنه أبداع نسائي في الاصل لا يغلفه إلا الاسم .
لكن المرأة وخاصة العربية همشت تاريخيا فكيف لنا أن نصل لمستوى شاعرة كبيرة من حجم الخنساء مثلا بالعصر الجاهلي ولا توجد نساء أخريات شاعرات ؟ مما لا شك فيه أن هناك شاعرات واديبات كثيرات لكن همشهم التاريخ الذكوري الذي لم يستطع فعل ذلم وهي المسلمة التي جالسها الرسول الكريم وأعجب بشعرها لتكون بذلك المرأة التي استطاعت أن تقف في وجه هذا التهميش وتؤرخ اسمها رغم كل الحواجز .
- أهم الملتقيات التي شاركت فيها الشاعرة المبدعة فاطمة بوهراكة ؟
هناك العديد من الملتقيات والاماسي التي شاركت بها منذ بداية التسعينات وإلى يومنا هذا والتي تزيد عن المائة مشاركة . وكل مشاركة لها طابعها الخاص وجماليتها لكن الملتقيات التي ظلت في ذاكرتي بشكل أكبر نجد :
ملتقى الخميسات الشعري الذي احتفى بعدة اسماء شعرية عربية كبيرة خلال فترة التسعينات لكنه توقف للاسف بعد رحيل عامل المدينة الذي كان محبا للأدب والأدباء فحكم على هذا الملتقى الموت للاسف رغم أن مساره كان راقيا و جادا .
أتذكر أيضا ملتقى تطاوين بتونس الشقيقة وهو يحتفي بالموسوعة الكبرى للشعراء العرب من خلال تخصيص ندوة خاصة بها .
- ما حصيلة مشوارك الأدبي من مؤلفات ؟ و أهم المشاريع التي ساهمت الشاعرة فاطمة بوهراكة في إنجازها ؟
يسعدين أن اقدم لكم سيرتي الادبية بشكل مختصر :
صاحبة كتاب - الموسوعة الكبرى للشعراء العرب - التي تعمل على تأريخ الاسماء الشعرية العربية مابين سنوات 1956 و2006 م . الصادرة عام 2009م بالف شاعر وشاعرة في جزئها الاول تحت رعاية كريمة للشاعرة الشيخة اسماء بنت صقر القاسمي .
مدير عام شبكة صدانا الثقافية www.saddana.com
رئيسة جمعية دارة الشعر المغربي و مديرة مهرجان فاس للإبداع الشعري منذ عام 2010 م . أصدرت العديد من الدواوين الشعرية منها ماهو جماعي ك : احتراقات عشتار 1995 - غدائر البوح 1996 - وشم على الماء 1997 - بهذا وصى الرمل 1998
لها ديوان شعر تحت عنوان اغتراب الأقاحي في طبعتين مترجم إلى اللغة الفرنسية من طرف الشاعرة فاطمة الزهراء العلوي سنة 2001
* كما أصدرت شريطا شعريا يحمل نفس عنوان الديوان
لها أيضا ديوان : بــوح المــرايا الصادر عام 2009 بثلاث لغات : العربية , الفرنسية والاسبانية
* شاركت إلى جانب الشاعرة الكويتية الدكتورة سعاد الصباح في إنجاز مسرحية شعرية تحت عنوان '' فيتو على نون النسوة '' عرضت بالمركب الثقافي بمدينة فاس المغربية يوم السبت 28 يوليوز 2007
أشتغل حاليا على الجزء الثاني من الموسوعة الكبرى للشعراء العرب و على طباعة ديوان جديد تحت عنوان نبض بسبع لغات عالمية , بالاضافة إلى عدة أعمال أخرى جمعوية .
- من وجهة نظركم ، هل حقق مشروع ( عاصمة الثقافة العربية ) رسالته الأدبية على مستوى العالم العربي ؟
اختيار مدينة من المدن العربية لتكون عاصمة للثقافة فكرة جيدة وراقية جدا ومما لا شك فيها أن لديها ايجابيات من بينها التعريف بالمدن العربية تاريخيا وادبيا والتواصل العربي / العربي ثقافيا . لكن الفكرة للاسف لم تسمو إلى تحقيق اشياء أخرى اهمها جعل هذه الفكرة قوية أعلاميا و تواصليا حتى تصبح المدينة المحتفى بها بؤرة الثقافة بكل ما تحمله الكلمة من معنى فالاحتفال يمر باهثا في أغلب الاحيان والانشطة ايضا لا تكون متكاملة بشكل سنوي وكأن المدينة عروسا فلو استطعنا ترسيخ هذه الثقافة ستتحول كل المدن العربية إلى قلاع ثقافية لا معة حصينة . لككنا للأسف لا نجد هذا الامر على ارض الواقع فتمر الاحتفالية مرور الكرام ولا يسمع بها ولا يعرفها إلا المدعوون لها .
- ما تقييم الشاعرة فاطمة بوهراكة لتجربتها الأدبية و الإعلامية ؟
صراحة التقييم يترك لمتتبعي مساري وليس لي , وما يمكنني أن اقوله هو أنني أحاول أن اشتغل بكل جد رغم قلة الموارد والامكانيات المادية بهدف تحقيق مجموعة أفكار وطموحات ارجو من الله عزوجل أن اتوفق إليها فطموحي أكبر بكثير وهدفي وزراة الثقافة المغربية فهل يكون الدهر منصفا لتعبي و حصولي على هذه المكانة ؟
من يدري .. لكني على كل حال في الطريق سائرة بحول الله .
- ذكرت أن حلمك هو الوصول إلى منصب وزيرة الثقافة بالمغرب الا ترين أن هذا الامر صعب للغاية خاصة في سنك هذا ؟
صحيح أنه صعب لكنه ليس بالمستحيل ولو تتبعنا مسار النساء المبدعات المغربيات وأيهن أحق بهذا المنصب من حيث الاحقية سنجد فاطمة بوهراكة بعد الشاعرة مليكة العاصمي أطال الله عمرها , فلا أجد صراحة من تنافسني على هذا المنصب إلا هذه السيدة التي قدمت الشيء الكثير .
ولو وضعنا ايضا مقارنة أدبية بيني وبين السيدة الوزيرة السابقة ثريا جبران لوجدنا أن فاطمة اكثر عطاء للوطن , فماقدمته للمغرب أكثر بكثير رغم ان سني الحالي كما قلت لازال يافعا , لكن الصعوبة هنا تكمن ليس في الاجتهاد ولكن في من يتركك من المسؤولين تصل إلى مركز القرار الذي يظل حكرا على شلة معينة شاب شعرها ولازالت مسيطرة عليه بكل القوى .الشيء الذي انعكس سلبا على المشهد الثقافي المغربي الضي يحتاج غلى التشبيب ومسايرة شباب المغرب الطموح وليس إلى افكار لا توجد إلى في أذمغة بعض العجزة .
- بم تتوجهين للمبدع العربي في رسالة أخيرة ؟
رسالتي سأوجهها للمبدعين العرب اصحاب القرار : عليكم بدعم الثقافة العربية فأنتم هم أملها في النهوض بالفكر العربي وعقله من اجل أن يكون رائدا و صانعا للقرار كما كان سابقا مما جعل الدول العربية تكون في الريادة وتحكم الغرب الذي تحول اليوم ليحكمنا بفضل دعمه لثقافته قبل اسلحته التي نهابها , واليوم وبعد التراجع عن هذه المهمة تراجعت دولنا واصبحت تعاني التخلف والتبعية في كل شيء .
- ما كلمتك عقب هذا الحوار ؟
أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة الحوار على هذا الحوار الذي ارجو أن يكون مرآة صادقة لما يروج في فكري ويخالج عاطفتي فاردت أن اصوله لقرائكم بكل أمانة .
و تقبلوا مني اسمى التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم جعله الله شهر العبادة والعمل والبركة . وكل عام وأنتم لله اقرب