مصيبة الدجاج

قد يحق لنا ان نتظلّم او نأسى اذا واجه احدنا نتائج اعماله او دفع ثمن حماقته او حكمته! لكن ان يتحمل الانسان مالم يكن سببا فيه وما هو بعيد كل البعد عنه فذلك ما يشعر بالاسف او بالالم

اقول هذا وانا افكر بقَدَر الدجاج، فالدجاجة هذا المخلوق المسكين الذي ما أوتي قوة الافتراس واللدغ ولا اوتي قدرة على التحليق فينجو، واجه قدَراً غريبا لم تواجهه أي من مخلوقات الكون. وطبعا لو كان فيه مدخر من السم كالافعى، او كبعض الناس، ولو كان فاتكا او محتالا لما كان هذا المخلوق بهذا الحال ولا واجه هذا المصير..
تصوروا ان هذا الدجاج الضعيف والبسيط واللاحول له ولا قوة مسؤول في عصرنا عن اطعام البشرية فهو معلق بالشوايات امام الله والدنيا وهو مقطع افخاذا معبأة في صناديق وان اكباده تباع ارطالا واجنحته تأتي صناديق من اقاصي الارض وهذه الدجاجة تبيض ليأكل غيرها بيضها وهي مرغمة على ان تبيض حتى اذا استنزفت فلا تستطيع ان تجمع ما يكون قشرة لبيضتها يخلط علفها بالكالسيوم لكي تصنع قشورا لبيضها والمصيبة ان سلالتها تباع بيضا وافراخا لتستمر المأساة. وهذا المخلوق ضمن هذا المصير، لايهنأ بعش وافراخ شأن الطير هو يبيض ثم لا يرى بيضه ولا يرى افراخه، لقد أُممّ قبل ان تظهر أي من افكار التأميم. هو فقط يكبر ليذبح بطرق حسب الطلب، ويعبأ بشاحنات في عموم قارات العالم! اليست هذه حالة مؤلمة مؤسية تستدعي موقفا انسانيا يغير قليلا من مصير وقدر هذا المخلوق المغلوب على امره؟ حبذا لو اكتشف، عالم هداه الله، الى ما ينفر الناس من اكله فتنجو هذه السلالة من البلوى!
طبعا الفلسفة هنا لا تجدي وعلم الاجتماع كما علم الحيوان اصم مشلول امام المأساة. فالبشر يسعى ويجهد ويكتشف لمصالحه ومنافعه لا ليرفع محنة او ينقذ معنى. فاذا استثنينا قلة رفضوا لحوم الحيوان والطير كلها فملايين البشر تريد دجاجا والمخازن مملوءة دجاجا وسفافيد النار الكهربائية تحمل اجساد الدجاج محمصة والمسكينة ميتة تدور..
لكن ما الذي دفعني في هذا الصباح لاكتب عن بلوى الدجاج وامامي بلوى الشعوب الفقيرة تكدح في المزارع ليأكل سواها وتنتج ليستولي على انتاجها غيرها بل تجاوزوا ذلك الى كنوز ارضها وحجارها والمعادن..!
اكاشفكم، لم اكن اريد الكلام عن بلوى الدجاج ولكني عزمت على اكمال عمل ابداعي بدأته ثم تذكرت ان علي تهيئة بضع حلقات من عمودي الصحفي الذي يطعمني خبزا، فاضطرب الجو وكالمعتاد اختفى الشعر لانه يريد صحوا ولايحب الا ان يكون وحده.. فصار ان اكتب عن حال بعض المثقفين وكتاب الصحف، مقالاتها والاعمدة فهؤلاء محكومون بالكتابة لا تعبيرا عن عواطفهم ولا محبة للفن ولكنهم يكتبون ليلتقطوا حبا لا ليتمتعوا به ولكن فقط ليظلوا قادرين على التنفس..وقد يكون هذا حال عموم عمال الثقافة و"أجرائها..،" وهكذا اخذ الكلام هذا المنحى لينتهي حديثاً عن "بلوى الدجاج".
رضيت اخيرا بالمشتركات. فليكن اسم بلوانا منذ اليوم بلوى الدجاج، فكل من يعمل في الصحافة اليومية له حصته من هذه البلوى!

شكرا على جمال موضوعك أخى

جد مشكور يا أخى

موضوعك يستحق القراءة

شكرا لك أخى

الصديق
أبن الأمارات
مقارنتك رائعه ياأخي والله أنك تمتلك حساسية الشاعر ورقة البراءه
من فينا يتوقف وهو يلتهم الدجاج ؟لكي يفكر بظلمه البائن ؟من فينا يعقد مثل تلك
المقارنه الدقيقه الفلسفيه ويطبقها علي شعوب العالم الكادحه؟صحيح أن الله تعالي أحل أكله لنا ولكننا للأسف نحلل لأنفسنا أشياء ونحرمها علي غيرنا مادمنا نهنأ
بها وأنا متشوقه لمقالاتك القادمه وارجو ألا تبخل علينا بها
الشاعره وفاء أمين