كنت صغيرة وكنت أصنع لعبي بنفسي فلم يكن من السهل على أبي شراء ما أريد من لعب فأغلبها كانت من صنعي أنا أو إخوتي, كنت أفصّلها كما أريد وأشكلها كما أريد لكني اليوم صرت أنا لعبة القدر ومن الصعب التحكم في شكلي أو بالأحرى تشكيل حياتي.
كنت صغيرة وكنت أطرب لكل لحن جميل يصدر من أي عصفور جميل أو صوت ناي أبي المغروم بهذه الآلة أو حتى نقرات أصابعي على أي آلة حديدية تصدر صوتا أتحكم أنا في إيقاعه ... ولكني كبرت ووجدت نفسي لا أستطيع السيطرة على صوت أنيني ونحيب قلبي فكل شيء في ذاتي يصدر موسيقى لكنها موسيقى الموت والضياع.
كنت صغيرة وكان لي العديد من الأصدقاء..كنت أحب أن يكون لي أصدقاء , جمع من الأصدقاء لأن البراءة كانت تحكم الجميع لا مصالح في العلاقات مهما كان نوعها ولكني كبرت وضاعت كل الأصدقاء مني بعضهم يريد فتاة غنية .. بعضهم يبحث عن نقص حتى يسيطر به علي وبعضهم يبحث عن نقطة قوة حتى يعوض بها نقصه وبعضهم لايستطيع التفريق بين مشاعر الصداقة ومشاعر الحب فتركوني بعد أن حاولت أن أجعلهم يميزون بين الاثنين وخسرتهم ...
كنت صغيرة لاأريد من الحياة سوى لعبة جميلة أو ثياب جديدة أو ابتسامة حانية من أي أحد حتى لو كان غريبا عني لأني كنت أفتخر بنفسي كوني فتاة محبوبة وصغيرة لكني كبرت ورأيت وراء كل ابتسامة تختفي مصلحة ووراء كل نظرة حانية مقابل يجب أن تدفعه مهما كان نوعه... كبرت وعرفت بأنني لا أحتاج لثوب جديد أو لعبة جميلة بل أحتاج إلى صدر حنون يضمد كل جرح قد يصادفني في هذا الزمن الصعب, أحتاج إلى كل كلمة تخاطب وجداني ومشاعري.
كنت صغيرة وأنا أبحث عن نفسي بين الكلمات فتجدني ألتهم كل القصص والقصائد الشعرية الجميلة لعلني أصبح شاعرة في يوم ما...حلم جميل راودني فأخذت قلمي وكتبت عدة مرات كلما ت هي أشبه بملخص صغير لنفسي البريئة.. فكبرت ووجدت بأن كلامي هو أكبر من كل القصائد التي قرأتها لأنها تحمل جرحي أنا, حلمي أنا, ما أريد أن أقوله أنا.. كبرت وعرفت بأن ما يقوله الآخرون قد يحمل في طياته ألف معنى وألف مغزى وأن كل ما يقال قد لايقال وأن الكثيرين من الناس قد يقتلون الحروف قبل أن تخرج لأنها تختزن داخلها نفاق وخداع أو قد تختزن حزن عميق يرفض صاحبه أن يعترف به أو إحساس يريد إخفائه بين ثنايا وجدانه لأنك قد تحاسب على كل كلمة تقولها..وقد تحاكم بتهمة التعدي على اللغة "الحميدة". ح
[right]