هل رخص الانسان الى هذا الحد ياحكومة العراق؟؟
وهل تمسخ السياسة البشر مفترسين؟؟
وهل بات احتلال مقبرة خاصة مهمة وطنية؟؟
صافي الياسري
واع- 11/4/2011
انطلاقا من مسؤوليتي الوطنية والانسانية والمهنية كاعلامي وقانوني اتقدم الى جهة حكومة العراق، بالقول على وفق مجريات ما حدث يوم الجمعة الماضية الثامن من نيسان الجاري في مخيم اللاجئين الايرانيين (اشرف):
وهو ذات ما قلته ليلة الجريمة وتحديدًا قبل اثنتي عشرة ساعة من وقوعها، وما جعلنا نسهرها مع الساهرين في اطراف الارض قلقا وخشية وتوقعا، خشية ان تاتي القوات العراقية ـ ما اتته صبيحة ذلك اليوم، من تدفق غير مشروع على المخيم منزوع السلاح اشرف، فقد تقدمت قوات العسكر الحكومي العراقي، دون اي مبرر لاقتحام وحدات اقامة الاشرفيين، وكلنا شهد كيف داستهم المدرعات بعجلاتها حتى الموت، وكلنا شهد كيف اطلقت القوات العراقية النار على الاشرفيين العزل فاوقعت منهم ثلاثة وثلاثين شهيدا، والطامة الكبرى ان بين هذا العدد 8 نساء، ولا ادري كيف ستبرر الحكومة العراقية مقتل هؤلاء النسوة امام الراي المحلي العراقي الذي يكاد يقدس المرأة، وامام الراب العام العربي والاسلامي والعالمي؟؟، واصابت بالذخيرة الحية 178 اشرفيا، من اصل ثلاثمائة جريح ومكدوم ومرضوض، ورفضت ان تعالجهم بل رفضت على وفق تصريح المتحدث الرسمي العسكري الاميركي الكولونيل باري جونسون، ان تسمح للقوات الاميركية بتقديم العلاج اللازم للجرحى، ما يعني الاجهاز على الجرحى من ذوي الاصابات الخطيرة، وهذه وحدها جريمة ضد الانسانية، فضلاً على كون اقتحام مخيم اشرف كله بهذا الاسلوب الدموي، يعد جريمة ابادة جماعية، وقد شهدنا مثيلاتها وسجلناها للحكومة العراقية في معالجة احداث مثل تظاهرات المنصة في الموصل وساحة التحرير وكنيسة النجاة واقتحام مقر مجلس محافظة صلاح الدين، اي ان العنف الضارب في القسوة والدموية بات نهجا منظما للحكومة في التعامل مع ما تشتبه انه يخالف توجهاتها، من احداث، واقرار ممثل الامين العام للامم المتحدة اد ميلكرت في تقريره الاخير حول العراق، ان الحكومة العراقية تخرق لائحة حقوق الانسان في تعاملها مع المحتجين العراقيين، لتاتي هذه الجريمة الجديدة ضغثا على ابالة في سجل انتهاكات الحكومة، والمرير فيها ان قائد القوات البرية الفريق علي غيدان، انكر ان يكون قد سقط قتلى برصاص المقتحمين!!؟؟ وانهم سقطوا نتيجة حوادث مرور؟؟ ولا ندري هل سيتمكن الفريق علي غيدان من اخفاء جثث واسماء القتلى الذين سقطوا وما زالوا يساقطون، لان الجرحى ممنوع علاجهم، والقوات المقتحمة تفرض حصارًا شديدًا على المخيم، ومن الواضح ان المقصود، هو اجبار الاشرفيين على خيار لا يرونه، ويتعارض مع حقوقهم واستحقاقات كونهم من المحميين دوليا على وفق معاهدة جنيف الرابعة، ومن الغريب والمستغرب، ان يقف الاميركان موقف المتفرج، وهم رعاة الاتفاقية التي سلموا بمقتضاها المخيم للقوات العراقية، حماية وخدمة انسانية.
من يرجع الى ما سبق ان قدمناه من شرح قانوني لوضع الاشرفيين وكونهم من المحميين دوليا سيجد ان تصرف الحكومة العراقية والقوات العراقية، وهي تقتحم المخيم المحسوب دوليا منطقة مدنية منزوعة السلاح، تصرف مخالف للقوانين الدولية ما يوجب الحساب القانوني الدولي عليه.
ومن الغريب ان يتزامن اقتحام المخيم مع زيارة وزير الدفاع الاميركي الى العراق، ما يجعلنا نشك ان الهجوم على اشرف، ان هو الا صفقة اميركية مع الحكومة، تلزم فيها الادارة الاميركية الصمت على سلوك الحكومة، مقابل موافقة الحكومة والبرلمان على ابقاء 20 الف جندي اميركي في العراق، ما بعد نهاية هذا العام، ومن المؤكد ان هذه الصفقة وهي تاتي مع كشف المقاومة الايرانية لاسرار اخرى من الملف النووي الايراني، انما تاتي لارضاء نظام طهران ومعاقبة المقاومة نيابة عنه، ان كون المخيم منطقة مدنية منزوعة السلاح محمية دوليا، يوجب تدحل المجتمع الدولي، والسماح لليونامي بارسال موفدين عنها لتقييم الوضع في اشرف عن كثب، حيث لا يعتبر المؤتمر الصحفي الذي عقده ضباط وزارة الدفاع، داخل اشرف، وكانهم يعلنون انتصارا على اولئك اللاجئين العزل الذين لا يملكون الا ارادتهم وتمسكهم بحقوقهم القانونية، مصدر خبر ذا مصداقية، والسماح للاعلام المحلي المحايد والعربي والعالمي بدخول المخيم وتقصي الحقيقة، وكشف ما حدث، وما يحدث الان، اذ ان الحكومة كما نرى، قد اخذتها العزة بالاثم وتمادت وما زالت، في الابتعاد عن التعامل الانساني المفترض الذي وقعت على وثائق بشانه لحظة تسلمت المخيم من الاميركان، وبكل يقين فان على الحكومة العراقية ومن يمتثل لاوامر القتل الصادرة عنها، من ضباط في القوات المسلحة ان يتوقعوا رفع ذوي الشهداء الاشرفيين دعاوى في المحاكم الدولية ضدهم وستتردد حتما في قاعاتها اسماء الفريق علي غيدان واللواء الركن ضياء قائد الفرقة الخامسة واللواء الركن طارق العزاوي قائد عمليات ديالى والعميد جميل نائب قائد عمليات ديالى وعشرات من الضباط برتبة عقيد ممن شاركوا في عملية الاقتحام الدموية تلك. ونحن نرى ان تحريك الجيش العراقي، الذي حددت مهامه دستوريا، بالدفاع عن سيادة الوطن وحدود العراق، لاداء مهام القتال بالنيابة عن النظام الايراني، مخالفة دستورية واساءة الى الشعب والجيش العراقي، الذي ان صحت المعلومات المتسربة من المخيم، فقد انصرفت بعض عناصره للسرقة وتدمير ممتلكات الاشرفيين، وفي إجراء غير مسبوق في كل العالم، احتلت هذه القوات مقبرة اللؤلؤه الخاصة بسكان أشرف، ودمرت اجزاء منها، وهي تمنع السكان من زيارتها كما ظلوا يفعلون باستمرار طيلة العشرين عاما الماضية، وتمنع دفن جثامين الشهداء فيها.
نكرر وبكل يقين.. ان ما ارتكب في اشرف جريمة ابادة جماعية نرفضها نحن العراقيين مهما كانت مبرراتها، وندعو المجتمع الدولي للتدخل وتخليص الاشرفيين من بطش الحكومة، ووقف حمام الدم الذي يرتكب بين الحين والاخر، وكلما اريد استرضاء النظام الحاكم في طهران.