رسالة الى كل حاكم مصرىّ

قبل ان تطأ قدمك أرض القصر....فكّر جيّدا...وادرس الامر بتمعّن...تذكّر انك تحكم شعبا أبيّا...شعبا اتخذ من الكرامة منهجا له...ودستورا له فى حياته...شعبا قد يبدولك طيبا...صفاته السماحة والكرم....فهو يفترض الحسن دائما بحاكمه...ويقتدى به ويتطلّع الى عدله وانصافه...ولكن لا تنسى...فانت تجلس على بركان...قد يبدو لك خامدا منذ مئات السنين...هذا لأنك انت وحدك الذى تستطيع التحكم فى هدوءه او انفجاره. احكم بالعدل...انشر المساواه بين الناس...ونحن نعلم , كما لابد وانك انت ايضا تعلم , ان مهمتك ليست باليسيرة او الهيّنة...نقدّرها ونحترمها , و نتفهم مصاعبها ومشقّتها. وندرك تمام الادراك... انه لا رجل بلا اخطاء... فقد عاتب الله-سبحانه وتعالى- الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- نفسه عندما اخطأ اثناء دوره كحاكم , لكن الأخطاء الواردة لابد وان تكون قليلة وصادرة من حسن نية نابعة من قلبك. لا تسمح لمن حولك بأن يضلّلوك , او يوهموك او يفسدوك , فأنت مسئول , ليس عن بيت او اسرة , انت مسئول عن العديد من الأسر... تتحمّل مهمة يشقّ على الجبال تحمّلها...فكن معيارا ونموذجا لقيادتها...فشعبك يأبى الظلم , ويرفض الطغيان , وقد قدّم الف مثال ومثال على هذا...قدسيّة الدمّ والروح والحريّة عند شعبك فوق كل شىء. اعمل على اخماد الفتن, ونشر المحبة والوحدة بين الناس, وصدقنى...لن تجد صعوبة فى هذا مع شعب كان خير دليل على بقاء وخلود هذه القيم. من يخطىء عاقبه... و من يحسن كافئه...لا تسعى وراء مطمع او سلطة او مال او جاه , فالحاكم عندما يسأل امام الله لن يحميه ما جناه فى الدنيا , ولكن ماعمله للاخره. لا تعتمد على طيبة شعبك...ولا تخدعك ابتسامته...فبالرغم من انهاصادقة ونابعة من القلب , الا انها قد تتبدّل فى اي لحظة يشعر فيها بأى بطش او قهر...لا تستهن بقوّته...فمن يصمت سنين وعقود , قادر على الانفجار وابادة من ظلمه فى ساعات معدودة. انا لا احذرك , بل بالعكس ...انا أصف لك شعبك , وأصف لك صعوبة الأمانة التى قرّرت انت تحمّلها. كن على اقصى قدر من المسئولية .لا تخذلنا...ولن نخذلك ابدا.
ايّها الحاكم , خشى عمر بن الخطاب ان يسأله الله عما اذا كان قد مهّدالطريق لبغلة...فاجعل حق الانسان مقدس فى قلبك , وهدف واضح نصب عينيك.
فالحريّة ان ضاعت سنون طويلة...يوجدها فاقدوها ولو بعد حين.
وفقك الله فى حكمك...ووفقنا الله فى طاعتك