شؤون وشجون
يبثها لكم:
محمد خضر الشريف
«ميكرونيزيا».. والحلاوة الطحينية!!
له الحق أخونا الزميل عبد المنعم مصطفى محرر الشؤون السياسية في جريدة" المدينة" أن يتحدانا برهان مائة دولار لمن يعرف موقع «ميكرونيزيا» على خريطة العالم..فقد فاجأنا ذات صباح بهذا التحدي, ولما لم نكن نعلم موقعها الجغرافي أو حتى لم تشرف آذاننا بالسماع بهذا المسمى الميمون, خسرنا الرهان وكسب هو التحدي..ومثل ما يقولون:«إنه أخذنا على مشمنا» فلم تتح لنا الفرصة في البحث والتنقيب عن الـ« الميكرونيزيا» هذه التي طلعت لنا في «الشخت البخت».. لكن الحمد لله أن الزميل المتحدي نفسه لم يكن يعلم عنها أي شىء إلا بعد أن ورد ذكرها في تصويت قرار الأمم المتحدة ضد الاستيطان الإسرائيلي لجبل أبو غنيم, فأثاره الأمر, فبحث وفتش وعرف من هي وماذا تكون؟
وقبل أن أنقل لكم ماذا يعني هذا المسمى لفظا ومعنى وموقعا, ومناسبة ذكرها الآن, اسمعوا هذه القصة التى أراها لها علاقة ربط قوية في هذا الموقف..
كانت خطب الجمع في مساجد البلدة منذ أكثر من ثلاثين عاما تميل إلى التطويل, وكانت المسألة غير محسوسة قبل أن تدخل «الميكروفنات» المساجد ويتم استخدامها في الخطب والآذان وشعائر الصلاة, فلما دخلتها أظهرت من الذي يطيل ومن الذي يقصر.. وكان لأكبر المساجد وأعتقها وهو المسجد العُمري أو العتيق في بلدة "قوص" بصعيد مصر، خطيب جليل وشيخ مهيب لا تتعدى خطبة الجمعة عنده عشر دقائق مهما تكن الظروف والأحوال, لكنه في الدرس المفتوح فهو البحر الزاخر فقهاً وتفسيراً وعقيدةً وتوحيداً وحديثاً وميراثاً ولغةً وأسلوباً, وما شابه ذلك.
وذات يوم أنهى الرجل خطبته وصلاته في مسجده الجامع, وكان يبعد عن بيته مسافة الربع ساعة سيرا على الأقدام, وعند دخوله بيته سمع خطيب المسجد المجاور لبيته بكل ما أوتي من حماس يصرخ في الناس,ويصرخ وكلما زاد صراخه زاد حماس النشوة الخطابية وقوتها عنده, ومن ثم زدات المسافة الزمنية وتشعب الموضوع, فعدل الشيخ المهيب مساره من بيته وتوجه إلى مسجد الشيخ المطيل, واستمع إلى الخطبة فإذا هي عن« الامبريالية»..فانتظر حتى انتهت الصلاة, ثم قال للشيخ :ياشيخ فلان, من غير المعقول أن تكلم فلانا وفلانا- وعدَّدَ أناساً من البسطاء المرتادين للمسجد -عن الامبريالية, وهم لا يعرفون الفرق بين "الامبريالية" و"الحلاوة الطحينية"!
وذكَّره بضرورة التخفيف وأن من فقه المرء أن يقصِّر في خطبته ويطيل في الصلاة, وضرورة مراعاة ثقافات وأعراف البيئة وما شابه ذلك..
"يرجع مرجوعنا" إلى الـ «ميكرونيزيا» فهي مجموعة جزر صغيرة تقع في المحيط الهادي وعدد سكانها (120) ألفا وتتميز الجزر بزراعة شجر جوزالهند وبعض الفواكه الاستوائية, وكانت ضمن الاحتلال الأمريكي الذى جلا عنها أواخر عام 1991م.
المهم أن هذه البلدة- التى خسرنا الرهان من أجلها وأظهرتنا جهلاء بجغرافية العالم- هي التي ظهرت هكذا فجأة كالنبتة الخطأ, ولا أقول ما يقوله العامة جهلا:«النبتة الشيطانية» فليس لها لون أو طعم او رائحة, أو فائدة ترجي ولا ينالنا منها سوى أننا نتعب في اجتثاثها من فوق الأرض لنرمي بها بعيدا..
هذه البلدة -التى تسمي تجاوزا بلدة -أيدت وباركت المعارضة الأمريكية الإسرائيلية ضد قرار الأمم المتحدة الذي يدين بناء المستوطنات علانية رغم أنف الفلسطينيين والعرب والمسلمين والعالم كله.
من تكون «ميكرونيزيا» هذه حتى تنضم إلى الثنائي- غير المحترم- وتعزف معهما هذه" النغمة النشاز"، المخالفة لكل الأصول والمواثيق والأعراف الدولية المعروفة التى تدين الاحتلال غير المشروع وتدين ما يترتب عليه من أمور سيئة مفسدة تمكن للعدو المحتل أن يكبر على حساب أصحاب الأرض والقضية..
«ميكرونيزيا» بلد الجوز, لا تمثل أي ثقل محلي أو دولي,لا على مستواها هي ولا على مستوى القرارات الأمريكية أو الإسرائيلية.. لكن من عجائب وغرائب الزمن أن «ينطق الرويبضة», كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما سألوه عن معناها قال:« الرجل التافه يتكلم في الأمور العامة»..
«ميكرونيزيا» شبيهة بقصة الحلاوة الطحينية التى ضربها شيخ الجامع العتيق يرحمه الله.
بعد كل هذا «الخبط والرقع»..أنا واثق من أن الكثير منكم سوف يتساءل: إيش معنى «ميكرونيزيا»؟!!