يا لها من معركة أخوضها وأنا مشتت الذهن ولست جاهزاً على المضي فيها ، معركة أخوضها ضد خصم شديد الشراسة والمهارة في مضمار تلك اللعبة ... حتى انه لا يمنحني أدنى فرصة للدفاع ورد هجومه ، انه يهاجم بكل قواه مستغلاً كوني اننى أكاد لا أكون حتى منتبهاً إلى تحركاته وحصاره الدائم لى ، حتى أن ابسط تحركاته تباغتني ، أما تحركاتى أنا فكانت تدعو إلى السخرية فأنها تفتقر كثيراً إلى الدقة والتركيز ولكني لن استسلم له ابداً مهما كانت قدراته .. فيكفيني ما نلته اليوم .
مر الوقت بطيئاً .. عقارب الساعة تكاد لا تتحرك .
الخامسة ..
الخامسة والربع ..
الخامسة والنصف ..
نصف ساعة مرت وأنا اجلس في تلك الكافتريا المطلة على ضفاف النيل ، انظر الى الشمس الغاربة المختبئة خلف عدد من النخيل كأنها خجلي من رحيلها هذا اليوم ، تلقى الالنيل ظلالاً غاية فى الروعه والجمال .. تودعنا بذلك المنظر الخلاب وتوعدنا غداً بيوم جديد لننتظرها في شوق .
لكن ذلك المشهد لم يمنع عيني من نظراتها المتوترة الى عقارب الساعة ما بين دقيقة وأخرى مما يدل للناظرين إلى شدة لهفتي للقاء من انتظر .
مرت دقائق أخرى حتى كدت أن أيأس من قدومها واستعدت للرحيل حين لمحتها قادمة كانت فاتنة كما عهدها دائماً خاصةً مع ذلك الثوب الذي ترتديه والذي كان متناسق تماماً على جسدها مما زادها فتنة وبهاء
كانت تتقدم نحوى فى خفة وخيلاء حتى صارت امامى و ...
نظرات استهانة لمحتها في عيني خصمي أثارت حنقي وغضبى وتمنيت أن استعيد تركيزي وان استجمع شتات ذهني وان أقاوم
ونجحت بحركة بارعة أربكته فبالتأكيد لم يكن يتوقع منى أن أقاومه بدلاً من أن استسلم وانسحب من أمامه
- لماذا تأخرت كل هذا الوقت .
ابتسمت (مروة) حين سألتها هذا السؤال وارتشفت بعض العصير من الكوب الموضوع أمامها ثم قالت :
- يبدو انك انت الذى جئت قبل موعدك .
صحت فى غضب وانفعال:
- مبكراً !! انظرى إلى ساعتك أذن حتى تعرفى كم من ..
قاطعتنى (مروة) وهى تقول فى هدوء شديد اثار حنقى بشدة :
- هناك سؤال اود ان اسأله لك .. ايمكننى هذا ؟
كلا ..بالتأكيد هذه التى تجلس امامى ليست (مروة) .. انها فتاة اخرى تشببها ، لكنها ليست هى .. نظراتها .. كلامها لا ينتميان الى (مروة) التى احببتها وهمت بها ، هناك تغيير لا ادرى كنهه
ظل السؤال يتردد فى ذهنى .. من هى هذه الفتاه من !!
- أسألى ما بدا لكِ
قلتها وانا احاول ان اجاريها فى هدوءها واقاوم ان اخفى بداخلى بركان الغضب الذى يستعد للانفجار
- أتذكر متى تمت خطبتنا ؟ كم من السنوات مرت علينا ونحن هكذا كما كنا ،لم نتقدم خطوة الى الامام
ألا انها اجابت تساؤلها هذا فى سرعة كأنها لم تكن تنتظر اجابتى بل كان سؤالها مجرد مقدمة لما تريد ان تقوله بعد ذلك
- تمت خطبتنا منذ خمس سنوات ...اليس كذلك؟! اريد ان اعرف الان الى متى سيظل هذا الوضع!
مضت دقيقة وانا انظر الى (مروة)فى دهشة شديدة احول ان اسبر اغوارها وعرف ما باعماقها .. اتمنى ان اعرف كيف تغيرت هكذا ولماذا
- (مروة) انك تعلمين اننى ..
- اننى لا اعلم شئ اطلاقاً .. اننى ضقت من ذلك الوضع واختنقت منه بالفعل
عاد ذهنى الشرود مرة اخرى ونجح خصمى فى ان يتقدم الى مواقع عدة حتى دنت الهزيمة منى واصبحت انا ما بين قوسين وادنى من نهاية المطاف
فكرت فى الانسحاب ولكنى وجدت ان الهزيمة مهما كانت افضل من الانسحاب فقررت مواصلة القتال حتى وأن كان النصر مستحيلاً
- لقد تقدم لخطبتى بالامس رجلاً ، وابى وامى يران انه ..
ثم هزت كتفيها فى ارتباك لتنهى عبارتها فى ايجاز وحتى يصل الي المراد من عبارتها هذه بدون ان تنطقه ، وبالفعل هى لم تكن بحاجة الى اتمام عبارتها فقد نجحت دون اتمامها فى تمزيق قلبى بخنجر بارد ، وكأنى لم اكن لها شيئاً يذكر
كأننا لم نحلم ونتمنى ونرسم حياتنا معاً
لكن .. ان لها كل الحق فيما تقوله بالفعل لقد طالت خطبتنا ولها الحق فى التراجع ما دمت غير قادر على اسعادها
ادرت وجهى نحو قرص الشمس الغارب الدامى حتى ادارى دموعى التى خانتنى هى الاخرى وفرت هاربة لتغرق وجهى
- انا اسفة ولكننا وصلنا الى مفترق الطريق وقد حان الوقت لنفترق ولكنى اتمنى ان نصبح اصدقاء بعد ذلك
ثم خلعت دبلتها من بين اصبعها وتركتها امامى على المائدة واسرعت فى الابتعاد عن المكان وكأنها تهرب من مكان كان يجمعنا وتهرب من ذكرى لا تريد ان تتذكرها
- كش مات لقد هزمت يا صديقى
نطقها (خالد( غريمى فى تلك اللعبة فى مرح حينما نجح اخيراً فى هزيمة مقاومتى والوصول الى قلب دفاعاتى وتحطيمها
وانهى اللعبه فى مهارة
وكان علي ان اتقبل الهزيمة
للمرة الثانية..