أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه
|
والكتبَ القديمه
|
أنعي لكم..
|
كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..
|
ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه
|
أنعي لكم.. أنعي لكم
|
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه
|
2
|
مالحةٌ في فمِنا القصائد
|
مالحةٌ ضفائرُ النساء
|
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
|
مالحةٌ أمامنا الأشياء
|
3
|
يا وطني الحزين
|
حوّلتَني بلحظةٍ
|
من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين
|
لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
|
4
|
لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا
|
لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا
|
5
|
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
|
لأننا ندخُلها..
|
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
|
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
|
لأننا ندخلها..
|
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
|
6
|
السرُّ في مأساتنا
|
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
|
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
|
7
|
خلاصةُ القضيّهْ
|
توجزُ في عبارهْ
|
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
|
والروحُ جاهليّهْ...
|
8
|
بالنّايِ والمزمار..
|
لا يحدثُ انتصار
|
9
|
كلّفَنا ارتجالُنا
|
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
|
10
|
لا تلعنوا السماءْ
|
إذا تخلّت عنكمُ..
|
لا تلعنوا الظروفْ
|
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
|
وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ
|
11
|
يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ
|
يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..
|
12
|
ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا
|
وإنما..
|
تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا
|
13
|
خمسةُ آلافِ سنهْ..
|
ونحنُ في السردابْ
|
ذقوننا طويلةٌ
|
نقودنا مجهولةٌ
|
عيوننا مرافئُ الذبابْ
|
يا أصدقائي:
|
جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ
|
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ
|
يا أصدقائي:
|
جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..
|
أن تكتبوا كتابْ
|
أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ
|
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ
|
فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ
|
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...
|
14
|
جلودُنا ميتةُ الإحساسْ
|
أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ
|
أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ
|
هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...
|
15
|
كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري
|
أن يستحيلَ خنجراً..
|
من لهبٍ ونارِ..
|
لكنهُ..
|
واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ
|
وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ
|
يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...
|
16
|
نركضُ في الشوارعِ
|
نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..
|
نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ
|
نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..
|
نمدحُ كالضفادعِ
|
نشتمُ كالضفادعِ
|
نجعلُ من أقزامنا أبطالا..
|
نجعلُ من أشرافنا أنذالا..
|
نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..
|
نقعدُ في الجوامعِ..
|
تنابلاً.. كُسالى
|
نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..
|
ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..
|
من عندهِ تعالى...
|
17
|
لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..
|
لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ
|
قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ
|
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
|
ومخبروكَ دائماً ورائي..
|
عيونهم ورائي..
|
أنوفهم ورائي..
|
أقدامهم ورائي..
|
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
|
يستجوبونَ زوجتي
|
ويكتبونَ عندهم..
|
أسماءَ أصدقائي..
|
يا حضرةَ السلطانْ
|
لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ
|
لأنني..
|
حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي
|
ضُربتُ بالحذاءِ..
|
أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي
|
يا سيّدي..
|
يا سيّدي السلطانْ
|
لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ
|
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ
|
ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟
|
لأنَّ نصفَ شعبنا..
|
محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..
|
في داخلِ الجدرانْ..
|
لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ
|
من عسكرِ السلطانْ..
|
قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..
|
لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..
|
18
|
لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ
|
لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ
|
لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ
|
لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..
|
19
|
نريدُ جيلاً غاضباً..
|
نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ
|
وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..
|
وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ
|
نريدُ جيلاً قادماً..
|
مختلفَ الملامحْ..
|
لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..
|
لا ينحني..
|
لا يعرفُ النفاقْ..
|
نريدُ جيلاً..
|
رائداً..
|
عملاقْ..
|
20
|
يا أيُّها الأطفالْ..
|
من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ
|
وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ
|
ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..
|
ويقتلُ الخيالْ..
|
يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ
|
وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ
|
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ
|
فنحنُ خائبونْ..
|
ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ
|
ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ
|
لا تقرؤوا أخبارَنا
|
لا تقتفوا آثارنا
|
لا تقبلوا أفكارنا
|
فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ
|
ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ
|
يا أيها الأطفالْ:
|
يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ
|
أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ
|
وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ... |