اتنين ع الطريق

ظل حلم واحد يطاردنى طوال الليلة الماضية .. حلم كان فيما مضى ذكرى كنت احياه وواقع تمنيت إلا ينتهى
كنت ارى طريق طويل خالى من البشر إلا من اثنين ـ فتى وفتاة ـ يقفان فى منتصف هذا الطريق ... عيناه فى عيناها ، كفاه يضمان كفاها ... جسدهما متقاربان ، متلازمان
كلا منهما فى عين الاخر يحميه بجفونه و ...
تسللت اشعة الشمس الدافئة الى غرفة نومى فى هدوء تتسحب وتتسلل تدنو منى حتى لامست وجهى كأنها تربت عليْ فى رقة حنون لتيقظنى من سباتى العميق ، مضت لحظات وانا مازلت راقد فى فراشى اتذكر ذلك الوجة الذى زارنى فى حلمى ، وجة ملائكى ، شعر طويل فى لون الليل ناعم الملمس ، عينان سودوان متألقتان كأنهما نجمتان تزينان هذا الوجة
وجة كم اشتقت لرؤياه كثيراً هذه الايام . . وطريق افتقده لسنوات طوال لا ادرى عددها وكانت اجمل اللحظات هى التى عشتها هناك فى ذلك الطريق وفجأة انتقلت هذه الفكرة الى عقلى بان اذهب الى هناك ولما لا
قد استعيد ما فقده منذ سنوات او حتى ان استعيد لمحة من الماضى فان هذا يكفينى
ولم يمر وقت طويل حتى وصلت الى الطريق ... واخترت مكاناً لى يواجه الطريق حتى اراه باكمله من هذا الموقع وجلست
كان كما تركته ، كأن ايدى الزمن قد نسيته ولم تمتد اليه بالتغيير كل هذه السنوات ظل كما هو طريق طويل مرصف بالاشجار على الجانبين وتغطى اوراق الشجر المتساقط ارضه وكانت اشعة الشمس تحاول جاهدة اختراق اغصان واوراق الاشجار لتطل على قلب هذا الطريق الهادئ وتتلصص على زائريه حتى تنعم باحديث الهوى التى تنطق بها السنتهم وقلوبهم ، ولكن فروع الاشجار واغصانها تشابكت معاً حتى تحول ما بين اشعة الشمس وزائرى الطريق مما اعطى له منظراً ظليلاً رومانسياً خلاب محبب الى النفس خاصة مع صوت الطيور المغردة التى تنطق باعذب الالحان
عادت ذكرياتى الى التحليق فى سماء افكارى ترفرف فى سماء افكارى تذكرنى بماضى ليس ببعيد خاصة حين لمحت هذين الشابين ـ فتى وفتاة ـ قادمين من بعيد فى نهاية الطريق يسيران متجاوران متشابكا الايدى كأنما يخشى كل منهما ان يفترق احدهما عن الاخروتبعدهما قسوة الايام فلا يلقاه مرة اخرى
كانا يسيرا الهوينا كأنهما يخشيان ان تسرق السنين عمرهما ويسلبهما الزمان حبهما وقلوبهما
مشهد مالوف لى كنت بطله مع من احب فيما مضى حينما كانت كفى تضم كفاها فى حنان وكانت احاديثنا همس رقيق تتخللها فترات صمت قصيرة نسمع فيها دقات قلوبنا
كم شهد هذا الطريق الكثير من لقاءتنا وسمعت اشجاره وطيوره همسنا ، كم من مرة خطت قدماى هذا الطريق ذهاباً واياباً لا اشعر بطيوره او اشجاره انما فقط اشعر بمن تلتقى اناملى باطراف اصابعها
كان الحب يجمعنا كما يجمع هذان الشابان حتى مرت الايام علينا وسحقت اقدام الدهر قلوبنا فى قسوة وفرقنا العمر سنوات وسنوات ومازلت اتذكر كل همس همسناه وتناجينا به
عدت اتطلع الى الشابين مرة اخرى فى فضول لمعرفة حديثهما ، ترى ايختلف عن احاديثى مع حبيبتى
- اتحبنى ؟!
- احبك !! انها كلمه لا تساوى شئ مما احسه نحوك ... ان قلبى لم ينبض الا حين احتوتنى نظراتك ، ولم اشعر بمعانى الحياة الا بين كفيكِ انك تسرين هنا بداخلى فى دمايا تسكنين اعماقى
كانت دائماً تسمعنى وانا اتحدث كما كنت اشتاق الى سماع احاديثها
اقترب الشابان اكثر وتباينت ملامحهما .. كانا صغيرا السن رسم الحب ملامحه عليهما حتى اصبحا متقاربا الملامح ... نفس نظرات عينيه فى عينيها نظرات الحب والخوف من الغد .. نفس الخطوات التى تسيرها هى يخطوها هو
ظلت نظراتى تتابع خطواتهما الهادئه حتى اخذا فى الابتعاد مرة اخرى واختفيا عن نظرى فى احد الدروب
فارتسمت ابتسامة حزينة على شفتاى وانطلقت من داخلى تنهيدة حارة مع سؤال واحد ظل يتردد باعماقى وعقلى الشارد
اين الان حبيبتى ؟؟ وهل مازالت تذكرنى؟
وبالطبع لن اعرف اجابة بعد ان غمرنا الفراق بامواجه وسحقتنا اقدام النسيان بقسوة ولم ينجو منا الا هو ..
ذلك الطريق