شؤون وشجون
يبثها:
محمد خضر الشريف
عندما صافحت الإسرائيلي في جامع السليمانية!!
ما كنت أتصور أن تمتد يدي لمصافحة إسرائيلي ذات يوم.. لكن بما أن صاحب المشكلة الأول, وأعني به الرئيس الفلسطيني «ياسرعرفات» قد مد يده لرابين في واشنطن أمام رؤساء الدول راعية السلام, وظلت يده ممدودة مدة ملحوظة, حتى تعطف رابين ومد يده على استحياء ليصافح عرفات, وقد لاحظت كاميرات العالم هذا الصنيع المتعمد وكتب الكثيرون عنه وكنت منهم عن «الحركة اليهودية البايخة» يومها من رابين.. أقول مادام الأمر كذلك فلا مانع أن تمتد يدي النكرة عالميا لتصافح الإسرائيلي !!
المهم أنني دخلت جامع «السليمانية», وهو من أكبر الجوامع وأشهرها, ليس في اسطنبول فقط بل في الشرق الأوسط كله, ولفت نظري هذا الجالس في مؤخرة المسجد, يطلب تصويره في المسجد, وعجبت للتصوير في المسجد, وعلمت أن الناس وقبلهم الحكومة التركية اعتبرت المسجد الشهير أثرا من الآثار أو متحفا من المتاحف الإسلامية التي تزار وتشاهد كما هو الحال في الجامع الأزرق وجامع "أياصوفيا" وجامع أبي أيوب الأنصاري وغير ذلك من المساجد الشهيرة هناك.. ومن هنا لا تستغرب أن ترى السائحين والسائحات شبه العاريين والعاريات في «جحيم من القُبَل» على أبواب وأعتاب المسجد وربما في صحن المسجد نفسه!!
استدرجنا الحديث وحب التعارف, فعلمت أنه إسرائيلي وزوجته كذلك.. وبدأ الحديث بطلبه منا قراءة الآيات القرآنية الجليلة والكتابات الإسلامية والنقوش التى تعلو سقف وجدران المسجد الشهير, وقلنا له: إن هذه الكلمة هي «الله جل جلاله» وهذه:« محمد صلى الله عليه وسلم» وهو نبي الإسلام, وهذه هي «أبو بكر الصديق» وهو الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وهذه :«عمر الفاروق» الخليفة الثاني , وهذه:« علي بن أبي طالب», وهو الخلفية الرابع حسب ما وقعت عيناي على الأسماء والجدران , وباغتني الرجل بقوله وأين الخليفة الثالث «عثمان» , ففهمت أنه يفهم شيئا من تاريخ الإسلام, وتعرض الأمر إلى حوادث «كربلاء» وقال الإسرائيلي أشياء لم يكن يعلمها حتى محدثي ومحدثه العربي المسلم الذي شاركنا الحوار بشكل فعال وطيب!!
ودار الحديث حول الحرب والسلام وإسرائيل وفلسطين, وقال الرجل الإسرائيلي بديبلوماسية طبعا: نحن مع السلام من منا لا يريد السلام والأمان, وقال: المشكلة ليست في عرفات, لأن فلسطين ليست عرفات فربما من جاء بعده لن يكون على نفس الليونة والتفاهم في القضية.
وقال الرجل الإسرائيلي: الفلسطينيون لم يكسبوا «رابين» ولم يستغلوا تساهله في عملية السلام, وكذلك الأمر بالنسبة لـ «بيريز».. طبعا لن أعلق الآن على حكاية التساهل هذه, ويبدو أن الرجل كان محقا في مقولته هذه على الأقل بالنسبة لما يقوله ويفعله «نتنياهو» الآن.. ولا أدري لماذا حشرج بيت الشعر هذا في حلقي:" عايشت عَمْراً فلما تركته... وجربتُ أقواما بكيتُ على عمََرِِ".
وقال الرجل في «نتنياهو» كلاما غير مرضٍ, لا عن سياسته ولا عن طريقته فيما يدور بين العرب وإسرائيل من محاورات ومداولات من أجل السلام..قلت سبحان الله حتى الإسرائيليين أنفسهم ساخطين عليك يا "نتنياهو", الله يصبر الناس عليك!!
سألتُ الإسرائيلي: بصفتك مواطن إسرائيلي, هل هناك مشكلة بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني بعيدا عن سياسات الحكومات؟
وأجابني: لا نحن نريد أن نكون مع العالم كله بدون مشاكل, كما هو الحال بين الأوربيين أنفسهم لا مشكلات فيما بينهم وإن اختلفت السياسات, مثل ما تري بين فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا والسويد وغيرها من المدن الأوربية الأخرى..
قلت في نفسي مصيرها من اللقاء غير المتوقع: « أسمع كلامك أصدقك,أشوف أحوالك أستعجب»!! وأظنكم لستم بحاجة إلى شرح المثل العامي الذي يشرح الكثير من الكلمات ويختصر الكثير من «الكلام البطال» اللي "مامنه فايدة" !!