لقاء
دارت الريشة .. وتقلبت .. قبل أن يلمحها الطفل الرضيع ، تبسم ثغره فازدادت براءة و حلاوة ملامحه .. اقشعرت .. ارتجفت .. تهللت من منظره، و كم بلغت سعادتها حينما أمهلتها الرياح لحظات .. و كأنها استجابت لأمنيتها و رجاءها .. و كأنها شعرت مثلها بابتسامة الطفل الرضيع الجالس بين يدي أمه في الحديقة .. فقررت التمهل .
دارت الريشة .. و تقلبت .. أمام عيني الطفل المتهللة ، رأت فيهما أملاً يغمر الدنيا .. أقوى من شمس ذلك النهار المضيء ، و شقاوة تخترق القلوب .. لمحها تهبط فوق أنفه ، فازدادت ابتسامته وتضاعفت إثارته .. و راح يصدر شهقات ضاحكة تغار من جمالها نغمات الملائكة .. أما الريشة فقد بلغت سعادتها الذروة حينما مد الطفل يده محاولاً إمساكها .. فقررت اللهو قليلاً ، و راحت تدور و تتقلب تارةً يميناً و أخرى يساراً .. مستمتعة بالضحكات .. و مستعرضة مهاراتها و رشاقتها في الانفلات من الأيدي ..
دارت الريشة .. و تقلبت .. بين يدي الطفل الذي نجح أخيراً في الامساك بها .. أو هكذا أرادت .. و راح يتحسس و يستكشف ملمسها الفريد بكفه الصغير و أصابعه الدقيقة .. و يكتشف اكتشافاً جديداً لا يعرف اسمه غريب الملمس و الشكل .. فراحت علامات التعجب ترتسم تدريجياً عليه .. و الريشة مستمعة بتقديم نفسها و منهمكة في فحص نظرات البراءة التي لا تختفي من ذلك الملاك الصغير .
لم تحزن الريشة عندما هبت الرياح من جديد .. فقد اعتادت على ذلك .. اعتادت على قصر اللحظات السعيدة .. وسرقة الرياح لعمرها الذي قضته في الترحال .. فقط كادت تتمزق عندما لمحت دموعه مودعاً إياها .. حزيناً لاكتشافه معنى جديد اسمه " الفراق" ..
و هبت الرياح من جديد .. و ارتفعت الريشة ..
و دارت الريشة .. و تقلبت ..
19/7/2009