(أغانٍ فيروزية)للإشتراك فى مسابقى القصة لشهر ديسمبر)
تنزل من سيارتها الصغيرة وهى تغلق بابها فى غيظ
-كل هذا الحر !ما أقساه هذه السنة! تتذكر أنها تأخرت عن موعدها فى المنزل بسبب الميزانية السنوية فتصعد السلالم فى عجلة تجعل قدمها تلتوى تحتها, تصرخ متألمة ثم تكتم صراخها رغم ألمها خوفا من أن يسمعها أحد الجيران وهى التى لم تعتد على أن ترتبط بالجيران لا فى مناسبة ولا فى مشكلة ,هكذا كان تنبيه زوجها عليهاSad لا أحب العلاقات مع أحد أنا فى منصب حساس ولا أريد من أحد أن يساعدنى فى شىء ما ثم يطلب منى مقابلا له فيوسطنى فى شىء لا أتوسط لأحد ولا أطبق غير القانون حتى لو على أبنائى) لكم يعجبها حبه لعمله وتمسكه بشرفه رغم الإغراءات لذلك فهو مضرب االمثل فى الأمانة والاستقامة .تفتح الباب بصعوبة وتفاجىء بالرجال الثلاثة فى صوت واحد: ماما : تأخرتِ ونحن كدنا نموت من الجوع !!!تنظر لهم فى غضب فلاأحداً منهم قد لمح قدمها التى تعرج عليها(لكم صاروا نسخا منه )
-ما الموضوع؟ألم أحضِّر الغداء قبل النزول ووضعته فى الثلاجة؟ ألا تستطيعون أن تضعوه على الموقد !!! كل شىء أنا.. أنا!! ينظر لها الأولاد فى تعجب, فهى دائما هى المسئولة عن كل شىء حتى تشغيل الموقد كانت تمنعهم عنه كأنهم أطفال صغار تخاف عليهم من الحرائق وترفض أيضا وجود شغالة بالمنزل ولا طعام غير منزلى يدخل البيت , كل يوم تحضر من العمل فى الرابعة مساء, ثم تدخل المطبخ للسابعة وبعد تحضير الغداء توقظه من قيلولته ليتناولوا جميعا غداءهم فما الذى يثيرها اليوم؟ تتحامل على نفسها وتفتح حقيبتها لتخرج نظارتها التى صارت تضايقها , فى أحد الأيام قالت له: سأقوم بعمل عملية لتصحيح الإبصار صارت أمنة وكل صديقاتى قمن بها و لقد أصبحت أتضايق من منظر النظارة على و جهى , فرد بحسم وبتر كعادته : كل العمليات بها نسبة خطر والنظارة لا بأس بها فالنظارة وقار وأنتِ قاربتِ على الخمسين هل تريدين التجمل وأنتِ قاربتِ على أن تكونى جدة!!نظرت له بإحباط وتتركه لأنها تعرف أنها مهزومة مادام سيادة القاضى قد بت فى الأمر .لحظة دخولها المطبخ تفاجىء بالهواء الساخن الذى يلفح المكان وتتذكر فى غيظ رفضه لتركيب تكييف(التكييف ضار بالصحة لن نستخدمه) وبالطبع لن تستطيع أن تتخفف من ملابسها فكلما كانت تقوم بذلك كان يقول لها: ألا ترين أن أبناءك قد صاروا رجالا وأنكِ كبرتِ على هذا؟ جهزت الطعام ونادته وتناولوا جميعا الطعام ونزل الأولاد لمقابلة بعض الأصدقاء وبقى هو فاردا كومة من القضايا أمامه ,ابتسمت له بتودد وقالت له : ألا تنتهى القضايا !! أليس لمن فى البيت حق فى بعض الوقت؟ يكلمها وهو ينظر للقضايا: أنتِ تعلمين أن طبيعة عملى تقتضى أن أدرس القضايا بالمنزل فما الجديد؟ تشعر بخيبة أمل : لا جديد ...لا جديد سأذهب لأعد لك القهوة.يقول لها وهى تخرج: على فكرة نحن مدعوون غدا لمزرعة صديق لنا لنشاهد مجموعة خيوله التى يربيها ونتناول الغداء هناك ..تشعر بفرح أنها ستخرج أخيرا فى فسحة وتغيير جو ....يستطرد قائلا: الدعوة رجالى أنا والأولاد فقط. ..(يبدو أنه لا جديد فعلا!!!!)
فى الصباح ودعت الأولاد وزوجها وفكرت كيف تقضى اليوم الطويل؟لن تصنع أى شىء اليوم ستتناول أى طعام من الثلاجة أو لتجرب مثلاً الطعام الخارجى الذى لا تحبه...نعم فليكن اليوم بيتزا مثلا من خارج المنزل لن تصنع شيئا مطلقا ..شعرت بنوع من التحرر من كل شىء ..من المطبخ والأولاد ومن الأوامر الصارمة له اليوم ستجرب التوحد مع نفسها . خطر لها خاطر أن تسمع صوت فيروز الذى اشتاقت له فلا صوت فى منزلهم يعلو على صوت الست ثومة فى المنزل.هى تعشقها وتحب كل أغانيها ولكنها تعودت عليها ,تشعر بصوت أم كلثوم مكملا له ولصرامته ,اليوم لا تريد صرامة ,تريد سحرا من نوع خاص,فلترجع لصوت حبيبتها الأثيرة .(سألتك حبيبى لوين رايحين ...خلينا خلينا وتسبقنا سنين . موعدنا بكره شو اتأخر بكرة أولك موش جايى حبيبى .عم شوفك بالساعة ..بتكات الساعة من المدى جايى حبيبى ).شعرت أنها تريد أن تدور وتدور تشعر بنفسها ويدها فى يده فى فترة خطبتهما كانا حبيبين وصديقين حميمين فما الذى حدث وجعل علاقتهما هكذا؟..الحياة ..الالتزامات؟...المنصب الذى يشغله؟...العمر...لا تدرى مّن منهما كان مقصرا...تشعر بالدوار ويفاجئها الإيقاع القوى لدبكة لبنان فتتحمس وتنسى الدوار وتدب الأرض بإيقاع طفولى غير منتظم لكنه قوى جدا..أقوى من ألا يشعر به الجيران ..كأنها تريد أن تقول لهم: أنا هنا.... أرقص!!!
تحاول أن تقلد الفتيات اللاتى يرقصن خلف فيروز فتجد الملابس تعيقها فتتحرر من معظمها لا تبقى َ عليها غير القليل...(خطروا الأصايل يرمحوا ..وصلوا ع باب الساحة...زاح البرج من مطرحه لخيولن الرماحة) تسمع الموسيقى والكلمات القوية فتزيد من ضربات قدمها على الأرض لا يهدىء قوة إيقاعها غير نعومة لحن (طيرى يا طيارة) ليأخذها من رقصتها القوية لتعود تتمايل مثل طفلة صغيرة تُطَّير الطيارة البلاستيكية على البحر,كانت طائرتها تسابق كل أقرانها فتشير هناك حيث منتهى جسد الطيارة ( سأعمل كقائدة طيارة وأطير بعيدا بعيدا هنااااااااااااااك سأسبقكم جميعا ) يتضاحك الصبية(لا توجد بنات قائدات ) تتحداهم جميعا: سأفعل وسوف ترون .بالطبع لم تصبح طيارة ولم تكن غير محاسبة عملها أرقام فى أرقام بدون لا طيران ولا حتى جواز سفر حتى الآن..(.أسامينا ..شو تعبوا أهالينا تا يلاقوها ..الأسامى كلام ..شو خص الكلام ..عينينا همى أسامينا..).تتمنى أن تنسى اسمها ومَن هى .. ومن تكون لا شىء فى هذا الكون ..فقط ذرة هواء طائرة تجوب العوالم ...ثم....( أنا صار لازم ودعكن..بكرة برجع بوقف معكم إذا موش بكرة بعده أكيد..انتوا احكولى وأنا بسمعكم حتى لولا الصوت بعيييييييييييييييييييييييد)...تنتهى الأغنيات وتلقى بنفسها على السجادة وهى تحلق فى السقف ..تشعر أنها تحبهم جدا..اشتاقت للأولاد...وله أيضاً تشعر أنها تريد أن تراهم..تعرف أنه لا يعجبهم غير طعام أمهم ولن يتغدوا جيدا بالخارج , نهضت بسرعة ودخلت المطبخ ...هم جميعاً يحبون محشى ورق العنب من يدها ..فلتجهز لهم اليوم ورق العنب مهما كلفها من تعب...كل التعب يهون مقابل جلستهم العائلية الجميلة بمشاحنة الأولاد لبعضهم البعض ...بنظراته الصارمة لهم ...بتنبيهاته عن الملح أو برودة الطعام و سخونته بابتساماته التى يتعمد أن يخفيها ...كل هذا تشتاق له الآن..ليته الآن مثلها ..يشتاق لها!!!!