شؤون وشجون:
يبثها لكم:
محمد خضرالشريف
مقصرون فى حقك يارسول الله !!
عندما تنوي شد الرحال إلى مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تتيسر لك الأمور,وتذلل لك العقبات,والحال نفسه بالطبع عند شد الرحال إلى بيت الله الحرام..ولا تلمس تيسيرا أو تسهيلا فى رحلتك قدر ما تجد في هذه الرحلة أو تلك..
وفى زحمة العمل وتكالب الوقت عليك, والبعد المكاني شيئا ما, ربما لا تجد من الوقت ما تزور به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, والتمتع بتلك اللحظات الإيمانية الروحانية العالية وأنت تصلى فى الروضة الشريفة أو حتى بين جنبات المسجد المبارك,وعند وقوفك خاشعا متأدبا أمام قبره الشريف تصلي وتسلم على سيد ولد آدم وخاتم النبيين-صلى الله عليه وسلم-وتسلم وتترضي عن صاحبيه الكريمين: الصديق والفاروق ..
جالت فى خاطرى تلك الروحانيات ,فقررت فى لحظات أن أسابق الريح إلى المسجد النيوى الشريف,وشجعني على ذلك كلمة خرجت من في طفلتى الصغيرة وهى تقول بتلعثم: "بابا, متى نروح المدينة المنورة"؟ قلت لها: لماذا؟ قالت لنزور الرسول,ونزور" جدو" أحمد, وجدو أحمد هذا والدي الذى مات بالمدينة المنورة أيام الحج ودفن فى البقيع,وكانت هذه أمنيته فى الحياة..وكأن كلمتها جرس تنبيه أيقظ الغافل مني,وحرك الحنين ولواعج الحب النبوي.تمت الزيارة والحمد لله,وزادت النفس إيمانا وامتلأت الروح شفافية,وأحسست -ومن معىجميعا ومنهم الأطفال-وكأننا رجعنا بشرا غير البشر!
لا تسأني عن سبب ذلك مع أن هذا شىء مألوف معروف للداني والقاصي, فأنا وأنت ننسي وننشغل ونتشاغل ونتكاسل ليس فى الزيارة أو شد الرحال إلى الحرم النبوي,لكن حتى عن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهى لا تكلف المرء كثير وقت ولا كثير جهد. مع انه صلى الله عليه وسلم يقول:"أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة"( الترمذي حسن),ويقول ترجمة للآية الكريمة الآمرة بالصلاةعليه"{ إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.:" من صلى علي صلاة صلى الله بها عليها عشرا".(مسلم). ويتهم من يسمع اسمه صلى الله عليه وسلم دون أن يصلي عليه بالبخل فيقول:"البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي".( الترمذي حسن صحيح).ويدعوبالتحقير على من من لم يصلي عليه حين سماع اسمه فيقول:"رغم أنف رجل ذكرت عنه فلم يصل علي".(الترمذي حسن). ومن مميزات ثواب السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم, أن الله تعالى يرد عليه روحه فيرد السلام على من سلم عليه وفى هذا من الشرف العظيم مافيه,وكيف لا؟ والذى يرد عليك سلامك هو رسول الله نفسه.. يقول صلى الله عليه وسلم:"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام".( أبوداود بإسناد حسن).
حتي إن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لازمة من لوازم الدعاء, ووسيلة من الوسائل التى قمين أن يستجاب بها لمن دعا,أوكما قال أحد الشيوخ ذات يوم:"هى طابع البريد الذى لا يصل الخطاب إلا به", وهو ترجمة لما قاله صلى الله عليه وسلم حين سمع رجلا يدعو فى صلاته لم يحمد الله تعالي ولم يصلي علي النبى صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"عجل هذا", ثم دعاه فقال له:"إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه سبحانه والثناء عليه,ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ,ثم يدعو بعد بما شاء".(أبو داود والترمذى صحيح).. وهذا ماأكده الحديث الآخر الحسن:" كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم"..ولا يخفى علينا ضرورة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد وعند الخروج كما جاءت الأدعية الصحيحة بذلك.
وحبه صلى الله عليه وسلم والتعلق به من الإيمان وكيف لاوقد قال:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".( صحيح الشيخان).والإيمان به صلى الله عليه وسلم والتصديق بما قال غيبا من الأمور التى تزكينا كأمة أمام الأمم يوم القيامة غدا عند الله تعالي,واسمع معي إلى هذا الحديث الجليل الصحيح الذى رواه أحمد بن حنمل وغيره:"يجىء النبي يوم القيامة ومعه الرجل, والنبي ومعه الرجلان, والنبي ومعه الثلاثة,وأكثر من ذلك ,فيقال له: هل بلغت قومك ؟فيقول نعم.فيدعى قومه فيقال لهم:هل بلغكم هذا؟فيقولون:لا.فيقال له:من يشهد لك؟فيقول محمد وأمته, فيدعى محمد وأمته ,فيقال لهم هل بلغ هذا قومه؟فيقولون: نعم,فيقال: وما علمكم بذلك؟ فيقولون :جاءنا نبينا ,فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا,فصدقناه,فذلك قوله تعالي :{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
حتى إن مجالسنا إن لم نذكر الله تعالى فيها ونصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم كانت احتمالا لعدم المغفرة من الله تعالى وكا ن مجلسهم أيضا مجلسا كريها كما أوضح ذلك الحديث الصحيح:" أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس,ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله تعالى,او يصلوا على نبيه كانت عليهم ترة من الله,إن شاء عذبهم,وإن شاء غفر لهم".(الحاكم صحيح), وفى الثاني:"ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم,إلا قاموا عن أنتن من جيفة".
نحن مقصرون فى حقك يا رسول الله,فما وفيناك حقك صلاة وتسليما ولاحبا صادقا ,ندعي حبك ولا نتبع نهجك,نزعم الشغف بك ونجفوك, زيارة ومعايشة لبرنامج حياتك ,ونهجر سنتك , فنأخد منها ما يحلو لنا وندع مالا يروق,أو يتنافى مع الأعراف والذوق العام كما يدعى أكثرنا.
نحن مقصرون فى حقك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا,ولو كنا صادقين فى حبك لاامتثلنا قول الله تعالى فيك: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم},ولأطعنا الله تعالى فيك :{ وأطيعوا الله والرسول},وللبينا أمر الله تعالى فيك:{ إن الله وملائكته يصلون على النبي ,ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
مقصرون مع أننا نعلم انه أولي بنا فى الدنيا والآخرة كما قال فى الصحيح:"ما من مؤمن إلا وأنا أولي به فى الدنيا والآخرة,اقرؤوا إن شئتم:{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}.
اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك وارزقنا شفاعته يوم العرض الأكبر واسقنا من يده شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ..آمين.